بداية لسنا في مجال بيان من هو علي الصواب, هل هو العدالة الحاكم أم معارضوه؟.. وذلك علي خلفية الاحتجاجات التي تجتاح عددا من المدن التركية, وفي مقدمتها إسطنبول, فهذا سيكون محورا لموضوع آخر. ما يهمنا هنا في تلك العجالة الوقوف قليلا عند هذه الآفة, التي لا وجود لها إلا في ديكتاتوريات ما يسمي بالعالم الثالث, فما أن ينفجر مكبوت سرعان ما يتردد أن قلة مندسة من أصحاب الأجندات المأجورة هي التي تحدث الفتنة. وكان صاحب تلك السطور يعتقد أن وريثة الإمبراطورية العثمانية, بعيدة كل البعد عن هذا الهراء, علي الأقل منذ أن عرفت الديمقراطية التمثيلية قبل ثلاثة وستين عاما, صحيح لم تكن كاملة, إذ ظلت أسيرة بعض القيود, إلا أنها في النهاية, لا تقارن بأي حال بأنظمة البلدان الموصوفة بالتخلف, لكن يبدو أن هذا الاعتقاد, ومع متابعة الجدل واللغط الدائرين الآن بعموم هضبة الأناضول, بات مشكوكا فيه, وها هو عمدة المدينة الأكبر والعاصمة التجارية, يحمل أطرافا أيديولوجيين, إندست بين المعتصمين السلميين. يا لها من نغمة مقيتة, فحتي لو كان هناك من له مصلحة في سكب المزيد من الزيت علي النار, إلا أن الأخيرة في الأصل مشتعلة, وتغيير هوية ميدان تقسيم ما هو إلا مجرد عارض. والدليل علي ذلك أن وقودها جملة من الأزمات تعتمل داخل قطاعات عريضة من الشعب, يأتي في قلبها ومحورها تراجع حرية التعبير. سبة أخري, كان الإعلام التركي قد نزعها عنه قبل عقود خلت, إلا أنها عادت مجددا لتلصق به, وليصبح إجمالا تابعا وخائفا ومترددا. بل إن بعض وسائله المرئية بشكل خاص, بدت وكأنها في كوكب آخر, في وقت كانت أصوات الغضب هادرة يسمعها القاصي والداني, وعندما تنبهت راحت تبث خطاب رئيس حكومة أردوغان, علي الهواء مباشرة لتذهب بعده إلي ترديد نغمة الاستقرار التي تتمتع بها تركيا. لمزيد من مقالات سيد عبد المجبد