أمامها وقف نابليون بونابرت, مبهورا بجمالها وروعتها, وعلي أرضها صال وجال جوستاف فولبير قصاص بلاد الغال العظيم, ورغم كراهية أندريه جيد لها. إلا أن أهلها خصوصا المثقفين منهم لم يناصبوه العداء سواء له أو لفرنسا التي ينتمي إليها بل علي العكس استمروا ينهلون من أدبه وفي ذات الوقت لا يخفون افتتانهم بباريس عاصمة النور. إنها اسطنبول درة تركيا بلا منازع, المدينة الاستثناء التي تغني بها القاصي والداني في عموم هضبة الأناضول, وخلدتها في جمل وألحان المعاصرة سيزان أكسو وهي واحدة من علامات الموسيقي والطرب في وريثة الإمبراطورية العثمانية. اليوم تترقب اسطنبول وتنتظر بلهفة قرار العالم وهو يمنحها شرف تنظيم أولمبياد2020, بعد أن خذلها قبل سنوات وأعطي لجارتها اللدود أثينا الشعلة في تصويت لعبت فيه الأهواء لعبتها وابتلعت السياسة كالعادة الحياد. فهل تنطلق البشري من بيونيس ايريس الأرجنتينية؟ ترد بها الأخيرة معنويا علي الأقل وتعيد الدفء إلي علاقات اعتراها فتور إثر سحب عمدتها تدشين منحوتة لأتاتورك تحت ضغط اللوبي الأرميني.؟ لكن اسطنبول بماضيها وحاضرها, وسحر جغرافيتها, تؤرقها مشكلة في جانبها المروري فقط إذ أنها أحيانا تبدو وكأنها الجحيم بعينه من فرط اكتظاظ طرقها بالحافلات التي تأبي إشاراتها الحمراء إضافة إلي مصابيحها الصفراء علي التوقف. كل هذا صحيح, غير أن القائمين عليها لا يكفون عن التفكير, والابتكار في حلول ناجعة حاسمة, حتي لا يتحول المرور إلي أزمة مزمنة, وتصبح حينذاك عصية علي الحل. وكانت البداية التخطيط لتدشين جسر ثالث يرتفع فوق الدردنيل بثمانين مترا, ووفقا للمخطط ينتظر أن ينتهي بمطار هائل شرع العمل فيه بالفعل, ويتوقع أن تبلغ طاقاته الاستيعابية أضعاف مطاريها الحاليين, أتاتورك وصبيحة. وفي سابقة سوف تحسب للعدالة والتنمية الحاكم, سيتم قريبا افتتاح خط مترو أنفاق أسفل شريان البوسفور المائي ليدمج, وإلي الأبد, الشطر الآسيوي بنظيره الأوروبي, ولتستحق اسطنبول عن جدارة اوليمبياد2020. لمزيد من مقالات سيد عبد المجبد