رغم التطمينات ومحاولات تهدئة الخواطر من جانب المسئولين عندنا, بشأن ما أعلنته إثيوبيا من بدء تحويل مجري النيل الأزرق, تمهيدا لاستكمال سد النهضة الإثيوبي, فإن الحقائق علي الأرض تؤكد أن ما أقدمت عليه الحكومة الإثيوبية يعد خطرا كبيرا علي مصر والسودان, وربما يكون من الضروري التذكير هنا بأن هذا السد هو أكبر سد في إفريقيا كلها, ويفوق في قدرته التخزينية قدرة السد العالي في مصر. وأيضا فإن إثيوبيا انتهت حتي الآن من إكمال18% من هذا السد الذي يطلقون عليه هناك اسم سد الألفية. ومن المعلوم أن هناك لجنة فنية ثلاثية تتكون من مصر والسودان وإثيوبيا, مهمتها التنسيق بين الدول الثلاث حول أضرار ومنافع السد, ومن المقرر أن ترفع اللجنة تقريرها عن الموضوع خلال عدة أيام من الآن, لكن معني أن أديس أبابا استبقت إعلان ذلك التقرير, وسارعت بالإعلان عن تحويل مجري النيل الأزرق, أن إثيوبيا لاتعول كثيرا علي رأي اللجنة الثلاثية, وستمضي في البناء, وبطبيعة الحال فإن تقرير اللجنة الثلاثية غير ملزم لأحد لأنه مجرد رأي استشاري! والسؤال هو: ماخطورة هذا السد, الذي تبنيه إثيوبيا, علينا هنا في مصر, إن الخطورة تتمثل في أن جزءا كبيرا من المياه, التي تصلنا عبر النيل الأزرق, سيحجزها هذا السد, ومعه السدود الإثيوبية الثلاثة الأخري, التي تعتزم أديس أبابا إقامتها. هذا الاحتجاز يمكن أن يؤدي الي جفاف المياه التي تأتي الينا. إن مياه بحيرة ناصر الموجودة خلف السد العالي يمكن أن تفقد مخزونها الاستراتيجي من الماء خلال سنوات قليلة, ومن ثم لايمكننا توليد الكهرباء. إن المسئولين عندنا ينبغي أن يبدأوا حوارا جادا مع حكومة أديس أبابا, للوصول إلي حلول وسط تضمن لإثيوبيا الانتفاع من الماء الذي يجري في أراضيها, وفي الوقت نفسه عدم المساس بحصة مصر من المياه, أما علي المستوي الداخلي, فمن الضروري تكوين رأي عام مصري, من خلال الإعلام والأحزاب والحكومة, لتذكير النائمين عندنا بأن مصر في خطر مميت, فكفانا تقطيعا في ملابس بعضنا البعض, ولنلتفت جميعا إلي الخطر الجاسم بالقرب منا يوشك أن يفترسنا, وينهي حضارتنا. .. كذلك فإن من الضروري جدا بدء تحرك دولي جاد وحازم, واستخدام كل الأوراق التي في أيدينا للحفاظ علي مصالحنا ياسادة, إن الأمن القومي المصري يتعرض لخطر كارثي فأرجوكم أفيقوا! لمزيد من مقالات راى الاهرام