أسعار الدواجن اليوم الأثنين 27 أكتوبر 2025    عاجل- تزامنًا مع انطلاق الموسم الشتوي مطار الغردقة الدولي يسجل أعلى حركة تشغيل في يوم واحد.. "السبت 25 أكتوبر ".. لتصل لأكثر من 53 ألف راكب    الهلال الأحمر يدفع بأكثر من 10 آلاف طن مساعدات إنسانية وبترولية عبر قافلة «زاد العزة» ال 59 إلى غزة    منتخب مصر للناشئين يتأهل رسميًا إلى نصف نهائي مونديال اليد بالمغرب    مكتبة الإسكندرية: افتتاح المتحف الكبير حدث القرن على المستويين الثقافي والحضاري    الصحة تنشر صور السائحة الإسبانية خلال إنقاذها داخل هرم سنفرو بدهشور    ضبط 40 مخالفة لسيارات السرفيس لتقسيم خطوط السير وتحصيل أجرة زائدة بالجيزة    التعداد الاقتصادي السادس.. الإحصاء: 3.858 مليون منشأة تعمل في مصر بزيادة 3.1% خلال عام 2022-2023    بكم طن عز الآن؟ سعر الحديد اليوم الاثنين 27 أكتوبر 2025 محليا و أرض المصنع    وزيرة التضامن تلتقي المدير التنفيذي للأكاديمية الوطنية للتدريب    لولا دا سيلفا يعرب عن تفاؤله إزاء التوصل لاتفاق تجاري أمريكي برازيلي بعد الاجتماع مع ترامب في ماليزيا    ترامب: على روسيا إنهاء الحرب في أوكرانيا فورا    ترامب يصل طوكيو في مستهل زيارته لليابان    اختيار 3 نواب من تنسيقية شباب الأحزاب في هيئات مكاتب لجان مجلس الشيوخ    التشكيل المتوقع للأهلي السعودي أمام الباطن بكأس خادم الحرمين الشريفين    عضو اتحاد الكرة السابق ينشر خطاب العقوبات على لاعبي الزمالك في أزمة السوبر المصري    تودور: أخطاؤنا الفردية وغياب الفاعلية حرمتنا من الفوز على لاتسيو    رضا عبد العال: السوبر سيكون الاختبار الحقيقي لتوروب مع الأهلي    حقيقة مفاوضات الأهلي لضم «دياباتي» نجم السويد    ضبط طفل يقود ميكروباص محمل بالركاب في بني سويف    حالة الطقس.. الأرصاد تكشف حقيقه تعرض القاهرة الكبرى لأمطار خلال ساعات    «الأمن الاقتصادي»: ضبط 3817 قضية سرقة كهرباء ومخالفة لشروط التعاقد خلال 24 ساعة    إصابة 3 أشخاص في انهيار عقار بكورنيش الإسكندرية.. والمحافظة: صادر له قرار هدم (صور)    طفل يقود ميكروباص في بني سويف ووزارة الداخلية تتحرك سريعًا    تأجيل محاكمة 24 متهما بالإنضمام لجماعة الأخوان الإرهابية لمرافعة النيابة العامة    شيخ الأزهر في القمة العالمية للسلام بروما: لا سلام بالشرق الأوسط دون إقامة الدولة الفلسطينية    أسعار الفراخ اليوم الإثنين 27 أكتوبر 2025 في محافظة المنيا    تخصيص جزء من طابور الصباح لتعريف طلاب القاهرة بالمتحف المصري الكبير    لقاءات توعوية وورش ومسابقات للأطفال ضمن أنشطة قصور الثقافة في الفيوم    محمد سلام يستعين بأسماء النجمين محمد رمضان ورجب فى كارثة طبيعية    السياحة الأردنية: المتحف المصرى الكبير صرح حضارى يعزز السياحة ويجذب العالم لمصر    شيخ الأزهر: الحروب العبثية كشفت انهيار النظام الأخلاقي في العالم    «الرقابة الصحية» تعقد الاجتماع الأول لإعداد معايير اعتماد مكاتب الصحة والحجر الصحي    نائب وزير الصحة يتفقد مستشفى العامرية العام بالإسكندرية    نائب وزير الصحة يجري جولة ليلية مفاجئة بمستشفى العامرية بالإسكندرية لمتابعة جودة الخدمات    دعاء الحج والعمرة.. أدعية قصيرة ومستحبة للحجاج والمعتمرين هذا العام    وزير الإسكان يتابع موقف تنفيذ وحدات المبادرة الرئاسية "سكن لكل المصريين" ب5 مدن    متحدث الأوقاف: «مسابقة الأئمة النجباء» نقلة نوعية في تطوير الخطاب الديني    ترامب يحذر الحوامل مجددًا| لا تستخدمن دواء "تايلينول" إلا للضرورة القصوى    «الرعاية الصحية»: 870 مليون جنيه تكلفة تطوير «دار صحة المرأة والطفل» لخدمة 600 ألف مواطن بالسويس    وزير الخارجية يبحث مع نظرائه في فرنسا واليونان والسعودية والأردن تطورات الأوضاع    بعد قليل.. محاكمة المتهمين ومصور فيديو الفعل الفاضح أعلى المحور    وزارة العمل تنشر نتائج حملات تفتيش على 721 منشآة    بالصور.. مصرع وإصابة 28 شخصا في حادث تصادم أتوبيس بسيارة نقل بطريق رأس غارب - الغردقة    مدير معهد الآثار الألماني: نتطلع بفرح غامر إلى الافتتاح الرسمي للمتحف المصري الكبير    مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 27 أكتوبر 2025 في بورسعيد    مواقيت الصلاه اليوم الإثنين 27اكتوبر 2025 فى المنيا    سيراميكا كليوباترا: نسعى للاستمرار على قمة الدوري.. وهدفنا المشاركة القارية الموسم القادم    فريدة سيف النصر تعلن تفاصيل عزاء شقيقها اليوم    أول أيام الصيام فلكيًا.. متى يبدأ شهر رمضان 2026؟    حركة القطارات| 45 دقيقة تأخير بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. الاثنين 27 أكتوبر    مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 27-10-2025 في الشرقية    الأمم المتحدة تطالب بممر آمن للمدنيين المرعوبين فى مدينة الفاشر السودانية    إسرائيل تنسحب من منطقة البحث عن جثث المحتجزين في غزة    أنظمة الدفاع الروسية تتصدى لهجمات بطائرات مسيرة استهدفت موسكو    «عائلات تحت القبة».. مقاعد برلمانية ب«الوراثة»    "البلتاجي "على كرسي متحرك بمعتقل بدر 3 ..سر عداء السفاح السيسى لأيقونة يناير وفارس " رابعة"؟    غزل المحلة: الأهلى تواصل معنا لضم ثلاثى الفريق الأول.. ولكن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ذكري شاعر الوطنية المعاصرة
نشر في الأهرام اليومي يوم 28 - 05 - 2013

في الحادي والعشرين من مايو الذي مضي منذ ثلاثين عاما, فارقنا أمل دنقل الذي لا أجد له, الآن,
تسمية أفضل من تسمية شاعر الوطنية المعاصرة.
وأقول الوطنية لأن شعره وموهبته نضجا وازدهرا واكتملت صلابة معدنهما في أتون حركة التحرر الوطني, فقد انبثق الشعر علي لسانه مع حرب1956 التي خاضها وطنه, خصوصا بعد أن قام عبد الناصر قائد وزعيم حركة التحرر الوطني بتأميم قناة السويس, في سبيل تأمين وتأميم أهم المؤسسات الاقتصادية لوطنه, وكان لابد أن يصطدم عبدالناصر ووطنه بغيلان الاستعمار التقليدي: إنجلترا وفرنسا, ومعهما إسرائيل التي لاتزال الحارسة علي المصالح الاستعمارية في المنطقة, ولم تتخل عن هذا الدور رغم تغير الأقنعة الاستعمارية القديمة, وتحول الاستعمار الاستيطاني القديم إلي استعمار اقتصادي جديد. ولذلك كانت قصائد أمل الأولي التي لفتت أنظار الجميع إليه طالبا في مدرسة قنا الثانوية- مع رفيق عمره عبد الرحمن الأبنودي- ما كتبه عن حرب1956 بوجدان شاب في السادسة عشرة, اختار أن تكون بدايته قصائد حماسية للوطن مصر سنة1956, كي تكون هذه القصائد باكورة إنتاجه الإبداعي الذي نشر بعضه في مجلة مدرسة قنا الثانوية, وألقي بعضه الثاني في محافل مدينة قنا بوصفها عاصمة المحافظة التي تنتمي إليها قريته الغارقة في ضوء الشمس الحارقة, ونشر بعضها الأخير في مجلة صوت الشرق التي كان يصدرها القسم الثقافي للسفارة الهندية, ويرأس تحريرها الأديب خليل جرجس خليل في ذلك الزمن البعيد. ويدين أمل دنقل بالفضل لهذه المجلة التي أوصلت صوته الوطني القوي, وأسهمت في حضوره بوصفه شاعرا واعدا في السادسة عشرة من عمره.
وكانت قصائد1956 الحماسية هي البداية التي نقلت أمل دنقل من دائرة الوجدان الفردي إلي دائرة الوجدان الجمعي, إذا استخدمنا مصطلح محمد مندور الذي كان من أشهر نقاد الخمسينيات, ومن يومها طغي الشاعر السياسي علي الشاعر الذاتي في قصيدة الشاعر الذي استبدل بالشعر العاطفي الشعر الوطني الذي أثمر قصيدة الرفض التي اكتمل حضورها في مدينة الإسكندرية, في مطلع الستينيات. وكان ذلك حين فاجأ أمل دنقل الجميع بقصيدته كلمات سبارتاكوس الأخيرة التي كانت متأججة بمشاعر الرفض لملامح الديكتاتورية التي أخذت تخالط الممارسة السياسية للنظام الناصري الذي علمنا أن نتائج الانتخابات الرئاسية لابد أن تكون99.9% في المائة, وهو رقم كان يستفز كل صوت وطني يؤمن بالحرية السياسية إيمانه بالعدالة الاجتماعية. وقد جاء مطلع القصيدة صادما:
المجد للشيطان.. معبود الرياح
من قال لا في وجه من قالوا: نعم
من علم الإنسان تمزيق العدم
من قال لا.. فلم يمت
وظل روحا أبدية الألم.
وذكر الشيطان في هذا المقطع مقصود لإحداث الصدمة العنيفة, السلبية المذعنة, في المتلقي, والإسهام في إيقاظه العنيف من سباته الطويل الذي ينتهي به إلي الموافقة, ومن ثم قول نعم في استفتاءات شكلية, لا تعبر عن إرادة شعبية حرة بكل معني الكلمة. وكان عمر أمل دنقل اثنين وعشرين عاما حين نشر قصيدة كلمات سبارتاكوس الأخيرة التي أصبحت علامة علي نضج الشاعر الشاب من ناحية, ونسيانه ذوات العيون الخضر القابعات في أقصي الجنوب من ناحية أخري, من أجل الوطن الجمر الذي تعلم الشاعر كيف تلتهب قصائده في حبه, وتتعمد بحماسة رفض كل ما في هذا الوطن من قيود الضرورة للإعلاء من آفاق الحرية. ومن يومها, وشيئا فشيئا, أخذت صفة قصيدة الرفض تغدو علامة علي قصيدة أمل وتسمية لها, في أوصاف النقاد الكبار( محمود أمين العالم, لويس عوض, أحمد عباس صالح..إلخ). ولكني لا أريد تفصيل معاني قصيدة الرفض, عند أمل, في هذا المجال, وإنما أريد وصل الرفض بالدافع الوطني والحماسة الوطنية. إن رفض الصفات السلبية في المعشوق هو تعبير عن أقصي درجات الحب عند المحب الذي يبحث عن الكمال في صفات معشوقه الوطن.
هكذا كان شعر أمل شعر من يقول لا في مواجهة كل من يقولون نعم أينما كان الحال والمقام. ولذلك كان لابد من رفض كل شروط الضرورة في هذا الوطن الذي فطم أبناءه علي الحرية التي انتزعها بدماء أبنائه في حرب1956, حين انتصرت إرادة الحرية للوطن الذي علم جميع أبنائه شعار ارفع رأسك يا أخي فقد مضي عهد الاستبداد. ولابد لمن رفع رأسه, دافعا الثمن( دماء أبنائه), أن يبقي عليها مرفوعة في كل الأحوال, ويتعلم مأثرة الرفض لكل ما ينقض الشعار الذي تعمد بدماء التضحية في سبيله شهداء العدوان الثلاثي. ومن الطبيعي أن تتأجج نيران الغضب مع أغلبية قصائد البكاء بين يدي زرقاء اليمامة التي كتبت في مواجهة هزيمة1967, وأن يعاود هذا الغضب التأجج علي المستوي القومي الذي بدأ من البكاء بين يدي زرقاء اليمامة(1969), وسيطر علي فضاء القصائد في تعليق علي ما حدث(1971) الذي صدر في الزمن الساداتي الذي أجج في الشعور الوطني لأمل مشاعر الرفض الذي وصل إلي ذروته في قصائد العهد الآتي التي رفض فيها الشاعر الملامح السلبية للحاضر كلها, سعيا إلي بناء عالم أفضل, أو رغبة في عهد آت أجمل من العالم الذي ظل أمل يرفضه بظلمه وقهره والتصالح مع عدو لا أمان له. وهو التصالح الذي جاء بقصيدة لا تصالح وبقية ما تبعها من قصائد أوراق جديدة من حرب البسوس. وللأسف, دفع أمل حماسة لهيب الرفض الذي ظل يلتهم روحه بقدر ما أنضج قصائده الخالدة, فيصاب بالسرطان في نهايات زمن السادات, ويظل يقاوم المرض اللعين حتي آخر لحظة في حياته التي انتهت بعد عامين من حكم مبارك الذي تطاول وتثاقل, ولكن هذين العامين شهدا ضراوة مصارعة المرض الذي استطاع في النهاية أن يقهر مقاومة الشاعر العظيم في الحادي والعشرين من مايو.1983
لمزيد من مقالات جابر عصفور


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.