رغم العزوف والرفض السلبي .. "وطنية الانتخابات" تخلي مسؤوليتها وعصابة الانقلاب تحملها للشعب    حفل توقيع كتاب «حوارات.. 13 سنة في رحلة مع البابا تواضروس» بالمقر البابوي    «تصدير البيض» يفتح باب الأمل لمربي الدواجن    كندا ترفع سوريا من قائمة الدول الراعية للإرهاب وتحذف هيئة تحرير الشام من "الكيانات الإرهابية"    بوتين ومودي يتفقان على زيادة حجم التجارة وتعزيز العلاقات بين الهند وروسيا    رابط مشاهدة مباراة مصر والامارات قمة نارية في لوسيل: استعدادات قوية قبل صدام مصر والإمارات في كأس العرب 2025    عاجل.. صدام قوي بين الجزائر والبحرين اليوم في كأس العرب 2025 وتفاصيل الموعد والقنوات الناقلة    العثور على جثمان شاب غرق فى نهر النيل بمدينة إسنا    يطرح قريباً.. ظهور زوجة مصطفى قمر في كليب «مش هاشوفك»    عمرو مصطفى وظاظا يحتلان المرتبة الأولى في تريند يوتيوب أسبوعًا كاملًا    منى زكي تُشعل الجدل بفيلم «الست» عن أم كلثوم    بدائل طبيعية للمكمّلات.. أطعمة تمنحك كل الفائدة    قائمة أطعمة تعزز صحتك بأوميجا 3    خبير اقتصادي: الغاز الإسرائيلي أرخص من القطري بضعفين.. وزيادة الكهرباء قادمة لا محالة    اليوم.. محاكمة عصام صاصا و15آخرين في مشاجرة ملهى ليلي بالمعادي    أولى جلسات محاكمة مسؤول الضرائب وآخرين في قضية رشوة| اليوم    هي دي مصر الحقيقية، طالبة تعثر على آلاف الدولارات بساحة مسجد محمد علي بالقلعة وتسلمها للشرطة (صور)    رئيس الهيئة العربية للتصنيع: «إيدكس 2025».. منصة لإظهار قدراتنا الصناعية والدفاعية    أيمن يونس: منتخب مصر أمام فرصة ذهبية في كأس العالم    منافس مصر – لاعب بلجيكا السابق: موسم صلاح أقل نجاحا.. ومجموعتنا من الأسهل    مروان بابلو يتألق في حفله بالسعودية بباقة من أقوى أغانيه (فيديو)    قائمة بيراميدز - عودة الشناوي أمام بتروجت في الدوري    منافس مصر - مدافع نيوزيلندا: مراقبة صلاح تحد رائع لي ومتحمس لمواجهته    النائب عادل زيدان: التسهيلات الضريبية تدعم الزراعة وتزيد قدرة المنتج المصري على المنافسة    كندا ترفع سوريا من قائمة الدول الراعية للإرهاب    الأردن يرحب بتمديد ولاية وكالة الأونروا حتى عام 2029    رويترز: تبادل إطلاق نار كثيف بين باكستان وأفغانستان في منطقة حدودية    محمد موسى يكشف كواليس جديدة عن فاجعة مدرسة «سيدز»    «بيصور الزباين».. غرفة تغيير ملابس السيدات تكشف حقية ترزي حريمي بالمنصورة    النائب ناصر الضوى: الإصلاحات الضريبية الجديدة تدعم تحول الاقتصاد نحو الإنتاج والتشغيل    وكيلة اقتصادية الشيوخ: التسهيلات الضريبية الجديدة تدعم استقرار السياسات المالية    نتنياهو بعد غزة: محاولات السيطرة على استخبارات إسرائيل وسط أزمة سياسية وأمنية    احفظها عندك.. مجموعات كأس العالم 2026 كاملة (إنفوجراف)    وفاة عمة الفنان أمير المصري    عالم مصريات ل«العاشرة»: اكتشاف أختام مصرية قديمة فى دبى يؤكد وجود علاقات تجارية    أحمد مجاهد ل العاشرة: شعار معرض الكتاب دعوة للقراءة ونجيب محفوظ شخصية العام    تفاصيل مثيرة في قضية "سيدز"| محامي الضحايا يكشف ما أخفته التسجيلات المحذوفة    "بيطري الشرقية" يكشف تفاصيل جديدة عن "تماسيح الزوامل" وسبب ظهورها المفاجئ    البلدوزر يؤكد استمرار حسام حسن وتأهل الفراعنة فى كأس العالم مضمون.. فيديو    "بعتيني ليه" ل عمرو مصطفى وزياد ظاظا تتصدر تريند يوتيوب منذ طرحها    مسئول أمريكى: قوة الاستقرار الدولية فى غزة قد تُصبح واقعًا أوائل عام 2026    أزمة أم مجرد ضجة!، مسئول بيطري يكشف خطورة ظهور تماسيح بمصرف الزوامل في الشرقية    تباين الأسهم الأوروبية في ختام التعاملات وسط ترقب لاجتماع الفيدرالي الأسبوع المقبل    رسالة بأن الدولة جادة فى تطوير السياسة الضريبية وتخفيض تكلفة ممارسة الأعمال    الصحة تفحص أكثر من 7 ملايين طالب ضمن مبادرة الرئيس للكشف المبكر عن الأنيميا والسمنة والتقزم بالمدارس    دعاء الرزق وأثره في تفريج الهم وتوسيع الأبواب المغلقة وزيادة البركة في الحياة    بيل جيتس يحذر: ملايين الأطفال معرضون للموت بنهاية 2025 لهذا السبب    وزارة الداخلية تحتفل باليوم العالمي لذوى الإعاقة وتوزع كراسى متحركة (فيديو وصور)    القاصد يهنئ محافظ المنوفية بانضمام شبين الكوم لشبكة اليونسكو لمدن التعلم 2025    عضو الجمعية المصرية للحساسية والمناعة يوضح أسباب تفشّي العدوى في الشتاء    كيف أتجاوز شعور الخنق والكوابيس؟.. أمين الفتوى يجيب بقناة الناس    «الطفولة والأمومة» يضيء مبناه باللون البرتقالي ضمن حملة «16يوما» لمناهضة العنف ضد المرأة والفتاة    لتعزيز التعاون الكنسي.. البابا تواضروس يجتمع بأساقفة الإيبارشيات ورؤساء الأديرة    جامعة الإسكندرية تحصد لقب "الجامعة الأكثر استدامة في أفريقيا" لعام 2025    خشوع وسكينه....أبرز اذكار الصباح والمساء يوم الجمعه    استشاري حساسية: المضادات الحيوية لا تعالج الفيروسات وتضر المناعة    كيف تُحسب الزكاة على الشهادات المُودَعة بالبنك؟    ننشر آداب وسنن يفضل الالتزام بها يوم الجمعة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الثورات الشعبية لاتموت
نشر في الأهرام اليومي يوم 14 - 05 - 2013

دعت الثورة المصرية في شتاء2011 إلي اسقاط النظام المستبد الفاسد,
وهذا يعني اسقاط النظام السياسي الاقتصادي الثقافي الأخلاقي, الأبعاد الأربعة للنظام مترابطة لا يمكن فصل أحدها عن الآخر, تنكمش المسئولية الأخلاقية مع انكماش المسئولية السياسية والاقتصادية والثقافية.
يترابط الاستبداد والفساد في الدولة بالاستبداد والفساد في جميع المجالات الأخري العامة والخاصة, بما فيها المجال الأخلاقي منذ السبعينيات من القرن الماضي مع سياسة الانفتاح الاقتصادي والاعتماد علي البضائع المستوردة والمعونات الخارجية انكمش الانتاج المحلي الزراعي والصناعي, وانكمش معه الحس الوطني وتدهورت الثقافة والتعليم, وتلاشت المسئولية الأخلاقية في الحياة العامة والخاصة قامت السياسة الاقتصادية والثقافية الأخلاقية علي تشجيع الاستهلاك في السوق دون حدود, واشباع الرغبات والشهوات, بصرف النظر عن العواقب الاجتماعية والأسرية, هذه هي أخلاقيات الرأسمالية القائمة علي الربح, واعادة دورة رأس المال لتغذية السوق النهمة التي لاتشبع.
شهدنا الفساد السياسي الاقتصادي الثقافي, يصاحبه الفساد الاجتماعي الأخلاقي في المجتمع والدولة والأسرة, وانتشرت ظواهر التحرش بالنساء, الاغتصاب الجنسي للأطفال البنات والأولاد داخل الأسرة وخارجها, بيع الأباء لبناتهم القاصرات في سوق الزواج, ضاع جوهر الدين وأصبح مجرد شكليات: لحية وحجاب ونقاب وزبيبة صلاة, نشطت التجارة بالدين مع السلع الأخري في السوق وزاد الإرهاب, وشهدنا خلال الأيام الأولي للثورة المسئولية الأخلاقية تصاحب المسئولية الوطنية السياسية والاقتصادية, لم تحدث حالة تحرش جنسي واحدة طوال أيام الثورة, كانت الخيام في ميدان التحرير تضم طوائف الشعب المصري, نساء ورجال وأطفال ومسلمين ومسيحيين, لم تحدث حالة اعتداء واحدة, لم تحدث حالة سرقة واحدة, وكانت شعارات الثورة وطنية لإسقاط النظام المستبد الفاسد, لم تكن هناك شعارات دينية في بداية الثورة, ثم هجمت علي الثورة القوي( الداخلية والخارجية) تنشد اجهاضها وتقسيمها طائفيا وجنسيا, بدأنا نشهد التحرش بالنساء والبنات, والتحرش الطائفي بالمسيحيين, وانتشرت الشعارات والصراعات الدينية والمذهبية: سنة شيعة, إخوان, سلفيين, صوفيين الخ.
أما اليوم فنشهد مآسي الفتيات السوريات الهاربات الي مصر من جحيم الحرب في سوريا, كيف أصبحن سلعة في يد السماسرة وتجار الرقيق الأبيض في مصر, يتعيشون علي أجساد البنات الفقيرات ويساعد علي انتشار الفساد قانون الأحوال الشخصية, الذي يبيح للرجل ان يتزوج أربع نساء من أي جنسية وفي أي سن, بعض الأزواج لهم زوجة وأولاد وأحفاد, يقدمون علي الزواج من فتاة سورية بيضاء عمرها16 عاما ثمنها نحو ألفين جنيه حسب التسعيرة في الاعلانات, وكتبت عن الآباء الذين يبيعون بناتهم القاصرات في سوق الزواج دون مسئولية أخلاقية, دون تدخل من القانون لحماية البنت الصغيرة, باعتبار أن السلطة الأبوية مقدسة لا يراجعها أحد.
زاد التدهور الأخلاقي بازدياد التجارة بالدين وانتشار الأفكار الرجعية التي تشجع زواج القاصرات وتعدد الزوجات واشباع الشهوات الذكورية تحت اسم شرع الله ينتشر التناقض الأخلاقي الصارخ, فالأب الذي يبيع ابنته في السوق لايتردد في قتلها تحت اسم حماية شرفه.
كشفت دراسات المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية عن أن92% من جرائم القتل الأسرية التي وقعت في الفترة الأخيرة تندرج تحت ما يسمي جرائم الشرف, يرتكبها الأباء والأشقاء والأزواج بدافع الغيرة علي الشرف وغسل العار( جريدة الأهرام10 مايو2013 ص42).
أما الأب الذي يبيع ابنته الطفلة لرجل يكبرها بنصف قرن فهذا ليس عارا لأنه يتم تحت اسم الزواج ولا يشعر العجوز بالعار وهو يتزوج طفلة.
يرتبط الفساد الأخلاقي الفردي بالفساد الأخلاقي الجماعي السياسي الاقتصادي في ظل النظام الرأسمالي الأبوي القائم علي التجارة بكل شئ حتي الجنس وأعضاء البشر,إنها تجارة عالمية إقليمية محلية تقوم علي الربح فقط دون مراعاة الأخلاق أو المبادئ الإنسانية.
تحتل الأرباح من تجارة الجنس والرقيق الأبيض المركز الثالث في السوق الحرة العالمية بعد أرباح التجارة بالأسلحة والبترول والمخدرات.
وكشف تقرير جديد لوزارة الدفاع الأمريكية( البنتاجون) عن انتشار وبائي للجرائم الجنسية في صفوف الجيش الأمريكي, حيث قدر عدد الحالات بنحو26 ألف حالة اغتصاب جنسي خلال عام2012 فقط, وأوضح التقرير أن70 اعتداء جنسيا يحدث في اليوم الواحد في الجيش, وخضعت القوات الجوية بشكل خاص لتدقيق متزايد عقب موجة من أعمال الاغتصاب الجنسي للمجندين اثناء أنشطة تدريبية رئيسية في أكاديمية القوات الجوية( راجعوا جريدة الأهرام9 مايو2013, ص6).
قام الشعب الأمريكي بمظاهرات منذ عامين, ضد فساد الرأسمالية الأبوية وجشع التجار في وول ستريت, إلا أن البوليس الأمريكي استطاع ان يجهض الحركة, كما اشتعلت المظاهرات الشعبية في كثير من البلاد غربا وشرقا ضد النظام الطبقي الأبوي الفاسد, الذي يحول الأغلبية الساحقة من الشعوب الي فقراء في بلادهم, ومهاجرين هائمين في العالم بلا مأوي.
إنه النظام الذي يتاجر بالسلاح, كما يتاجر بالدين والمخدرات والجنس وأعضاء البشر, النظام الذي يمزق الشعوب بالسلاح العسكري من أجل نهب مواردها, ويمزقها بالسلاح الديني ليحولها إلي مجموعات متناحرة طائفيا لتنعدم قوتها.
كانت الثورة المصرية شاملة, لكن القوي الداخلية والخارجية, تعاونت معا لتجزئتها سياسيا واقتصاديا وطائفيا وجنسيا, لتصبح ثورة ذكور فقط, أو طبقة وسطي فقط. أو شباب فقط, أو إخوان مسلمين فقط وطغت الصراعات المذهبية, وقمع الثوار, نساءا وشبابا وأطفالا, وتلطيخ سمتعهم وإرهابهم وايداعهم السجون, لكن الثورات الشعبية لاتموت.
لمزيد من مقالات د.نوال السعداوى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.