السجيني يسأل وزيرة التنمية المحلية عن الأثر الاجتماعي بمشروع الإيجار القديم.. والوزيرة: نسمع من حضراتكم لعمل الدراسة    إيران تنتظر موعد الجولة الرابعة لمفاوضات النووي مع واشنطن    ليفاندوفسكي يستهدف المئوية الأولى مع برشلونة    تقارير تكشف موعد سحب قرعة بطولتي كأس العرب ومونديال الناشئين    صحة المنيا: المرور على 778 منشأة غذائية.. وتحرير 528 محضرا للمخالفات خلال أبريل الماضي    أكاديمية الفنون تحتفل بحصولها على درع التميز في إبداع 13    تفعيل اتفاقية التعاون بين جامعتي عين شمس واسكس البريطانية في المجال القانوني    «المركزي» يطرح سندات خزانة ب3 مليارات جنيه    وكيل تعليم الجيزة يتفقد مدارس أوسيم ومنشأة القناطر ويشيد بالانضباط    الرئاسة الروسية: سننظر إلى أفعال المستشار الألماني الجديد    عازر تؤكد على أهمية الاعتراف بالعنف السيبراني كقضية مجتمعية    محافظ الدقهلية يكرم 50 عاملًا في احتفالية عيد العمال    قبل مواجهة الأهلي.. بوسكيتس: لسنا في مستوى يؤهلنا للمنافسة بمونديال الأندية    محترفو الفراعنة × أسبوع| خسارة كبيرة لصلاح.. فوز صعب لمرموش.. وهزيمة مصطفى محمد    حقيقة تعثر مفاوضات الزمالك مع كريم البركاوي (خاص)    قانون العمل.. حالات يحق فيها للمرأة إنهاء عقد العمل    حار نهارًا على أغلب الأنحاء.. الأرصاد تكشف حالة الطقس غدًا    ارتفاع سعر طن الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم الإثنين 5 مايو 2025    بسبب سرقة لحن.. تأجيل محاكمة مطربي المهرجانات مسلم ونور التوت وآخرين    لمواعدة مثالية مع شريكك.. هذه الأبراج تفضل الأماكن الهادئة    بعد جنازته بمصر.. كارول سماحة تقيم عزاء زوجها في لبنان الخميس    وفاة الفنان نعيم عيسى بعد صراع مع المرض    رئيس الاتحاد الدولي للترايثلون: مصر تستحق تنظيم دورة الألعاب الأولمبية    إعلام إسرائيلي: الحكومة تقرر عدم تشكيل لجنة تحقيق في أحداث 7 أكتوبر    رئيسة البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية: اقتصاد مصر سريع النمو وندعم برنامج الحكومة للإصلاح    لمدة 20 يوما.. علق كلي لمنزل كوبرى الأباجية إتجاه صلاح سالم بالقاهرة    «التحالف الوطني للعمل الأهلي التنموي» يشارك في معرض أبو ظبي للكتاب    منتدى الأعمال العُماني الروسي يوقع اتفاقيات تعزيز فرص التعاون التجاري والاستثماري    "قومي حقوق الإنسان" ينظّم دورتين تدريبيتين للجهاز الإداري في كفر الشيخ    مستشفى قنا العام تنجح في تنفيذ قسطرة مخية لمسنة    مستقبل الذكاء الاصطناعي ضمن مناقشات قصور الثقافة بالغربية    شام الذهبي: الغُناء بالنسبة لي طاقة وليس احتراف أو توجه مهني    صلاح سليمان: مؤمن سليمان الأجدر لقيادة الزمالك    محافظ الجيزة يوجه بصيانة مصعد فرع التأمين الصحي ب6 أكتوبر    بعد قضية ياسين.. إحالة أربعيني للمحاكمة الجنائية لاتهامه بهتك عرض صغيرة بكفر الشيخ    الإغاثة الطبية بغزة: وفاة 57 طفلا نتيجة سوء التغذية والجوع فى القطاع    العملات المشفرة تتراجع.. و"بيتكوين" تحت مستوى 95 ألف دولار    ترامب يرسل منظومتي باتريوت لأوكرانيا.. ونيويورك تايمز: أحدهما من إسرائيل    رئيس الوزراء يتابع خطوات تيسير إجراءات دخول السائحين بالمطارات والمنافذ المختلفة    إحالة المتهم بالتعدى على الطفلة مريم بشبين القناطر للجنايات    الهند تحبط مخططا إرهابيا بإقليم جامو وكشمير    وزارة الصحة تعلن نجاح جراحة دقيقة لإزالة ورم من فك مريضة بمستشفى زايد التخصصي    قطاع الرعاية الأساسية يتابع جودة الخدمات الصحية بوحدات طب الأسرة فى أسوان    "وُلدتا سويا وماتتا معا".. مصرع طفلتين شقيقتين وقع عليهما جدار في قنا    الدكتور أحمد الرخ: الحج استدعاء إلهي ورحلة قلبية إلى بيت الله    فيديو.. ترامب يكشف عن نيته بناء قاعة رقص عالمية في البيت الأبيض    شيخ الأزهر يستقبل والدة الطالب الأزهري محمد أحمد حسن    جوري بكر في بلاغها ضد طليقها: "نشب بيننا خلاف على مصروفات ابننا"    هيئة الرعاية الصحية: نهتم بمرضى الأورام ونمنحهم أحدث البروتوكولات العلاجية    الكرملين: بوتين لا يخطط لزيارة الشرق الأوسط في منتصف مايو    في موسمه ال13.. جامعة بنها تحقق مراكز متقدمة في مهرجان «إبداع» (صور)    جامعة مايو تفتح ندوتها "الانتماء وقيم المواطنة" بكلمة داليا عبد الرحيم.. صور    مقتل شاب على يد آخر في مشاجرة بالتبين    صدمة لجماهير الأهلي.. صفقة واعدة تبتعد    نتنياهو: خطة غزة الجديدة تشمل الانتقال من أسلوب الاقتحامات لاحتلال الأراضى    موعد وقفة عرفات وعيد الأضحى المبارك 2025 .. تعرف عليه    تكرار الحج والعمرة أم التصدق على الفقراء والمحتاجين أولى.. دار الإفتاء توضح    محظورات على النساء تجنبها أثناء الحج.. تعرف عليها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عبقرية مصرية تزداد قيمة برغم الغياب
نشر في الأهرام اليومي يوم 13 - 05 - 2013

البشر نوعان. نوع يعيش ويغيب ولا يتذكره أحد مهما طالت حياته لأنه بلا انجاز.لم يترك شيئا له قيمة علي المستويين المادي أو المعنوي.أما النوع الآخر, فهم أصحاب الانجازات الذين تركوا بصمة لا تنسي تتذكرها الأجيال من بعده مهما طال الغياب...في هذا السياق نتحدث عن جمال حمدان في ذكري رحيله العشرين.
جمال حمدان, هو أحد عقول مصر الكبيرة. صاحب موسوعة شخصية مصر(4مجلدات من القطع الكبير).عاش ناسكا ينجز العمل تلو الآخر في هدوء وفي أجواء بسيطة. أعمال تنتمي إلي الصناعة الثقيلة. أعمال مرجعية وتأصيلية تناولت شخصية مصر من كل جوانبها: تعامل حمدان مع مصر باعتبارها كائنا حيا له شخصية. تبلورت هذه الشخصية عبر العصور من خلال: الموقع والموضع; والتفاعل بينهما: ائتلافا أو اختلافا...الموقع ويقصد به هو السمات التي تتبلور نتيجة توزيعات الأرض والناس والانتاج علي مدي العصور...اما الموضع فيقصد به البيئة الطبيعية بخصائصها وحجمها ومواردها في ذاتها, أي البيئة النهرية الفيضية بطبيعتها الخاصة وجسم الوادي بشكله وتركيبه. بهذين العنصرين الجوهريين والعلاقة المتغيرة بينهما نفسر شخصية مصرنا. فهما بحسب حمدان: يختلفان حين نجد أن حجم الموضع كان دائما لا يتكافأ مع خطورة الموقع الحاسم علي ناصية العالم,وحين نجد الأول ينتظم قدرا ما عزلة, والثاني يفرض فيضا من الاحتكاك.وهما يأتلفان في الأثر حين يدعوان إلي الوحدة السياسية والمركزية العنيفة,ومن حيث إن زمامهما ليس محليا تماما وإنما يرتبط بعوامل خارجية بعيدة.وبين هذا الشد والجذب تخرج شخصية مصر الكامنة كفلتة جغرافية نادرة.
المحصلة أن مصر:هيفرعونية بالجد,وعربية بالأب, ثم إنها بجسمها النهري قوة بر,ولكنها بسواحلها قوة بحر,وتضع بذلك قدما في الأرض وقدما في النيل.وهي بجسمها النحيل تبدو مخلوقا أقل من قوي,ولكنها برسالتها التاريخية الطموح تحمل رأسا أكثر من ضخم. وهي بموقعها علي خط التقسيم التاريخي بين الشرق والغرب تقع في الأول, ولكنها تواجه الثاني وتكاد تراه عبر المتوسط,كما تمد يدا نحو الشمال وأخري نحو الجنوب.وتوشك بعد أن تكون مركزا مشتركا لثلاث دوائر مختلفة بحيث صارت مجمعا لعوالم شتي,فهي قلب العالم العربي,وواسطة العالم الإسلامي,وحجر الزاوية في العالم الإفريقي.
ولعل في هذه الموهبة الطبيعية بحسب حمدان يكمن: سر بقائها وحيويتها علي العصور ورغمها. أن مصر جغرافيا وتاريخيا تطبيق عملي لمعادلة هيجل: تجمع بين التقرير والنقيض في تركيب متزن أصيل يتجلي في: التجانس والوحدة...فنراه يؤكد أن كل مكون جديد وفد لم يزح ما قبله... فالموجة العربية الإسلامية لم تزح بتعبيره الأساس القبطي إلي جيب الجنوب المغلق في الصعيد, وذلك كما حدث مثلا للفرشات الأساسية في الشام أو المغرب حيث التجأت إلي المعاقل الجبلية والمرتفعات....
ويصرف حمدان وقتا وجهدا لرصد عناصر شخصية مصر الاقتصادية: الزراعية, والصناعية والتعدينية فيبدأ برسم خريطة معرفية تفصيلية لهذه العناصر. ويستفيض في كل بعد من حيث مساره وتطوره التاريخي, وتوثيق تفاصيل مكونات البني الزراعية والصناعية والتعدينية من حيث تركيبها وتوزيعها ومشكلاتها. ثم يضع ما يمكن أن نصفه باستراتيجية ملائمة لمصر فيما يتعلق بشخصيتها الاقتصادية. استراتيجية تتسم بالتكاملية,.ومن أهم ما عالجه جمال حمدان هو دراسته المقارنة بين الاقتصاد الثوري بتعبيره لثورة يوليو, والاقتصاد النفطي إن جاز التعبير. الأولي حيث شهدت مصر الانطلاق والثانية حيث وقعت مصر في الانزلاق, وأثر كل مرحلة علي استراتيجيات مصر السياسية ودورها الإقليمي والدولي, وعلي التركيبة الطبقية المصرية, فلقد انقلب كيان مصر رأسا علي عقب وحتي النخاع, من الخارج ومن الداخل...أفقيا ورأسيا, خارجيا... إذ قلب مكانة مصر في العالم العربي من الصدارة والعروبة والصراع إلي الصلح والعزلة والعراء, وداخليا حيث قلب جزئيا نظام الطبقات وترتيبها الاجتماعي...الخ... أتمني أن يطبع حمدان في طبعات شعبية للمصريين وأن تكون هناك كتابات تبسيطية شارحة مزودة بالرسومات والخرائط التوضيحية مثل التي حاولها تلميذه عمر الفاروق تكون متداولة علي أوسع نطاق حيث سيكتشف المصريون عبقرية مصرية فذة حاضرة برؤاها الاستراتيجية حول مصر التي عشقها ومن أجلها زهد كل شيء.. ونتمني في أربعينية أكتوبر أن نتحدث عن كتابيه6 أكتوبر في الاستراتيجية العالمية واستراتيجية التحرير...رحم الله جمال حمدان.
لمزيد من مقالات سمير مرقس


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.