ماذا يحدث في أراضي مشروع شباب الخريجين بالنوبارية بالإسكندرية؟ مجرد سؤال إجابته تصيب العقل بالعجز التام عن الاستيعاب.. فهناك واقع لا يمكن تصديقه. ولا يمت للمجتمع المصري وقوانينه بأي صلة, حيث التعامل فيه بقانون الغاب.. واقع بدأ برحلة كفاح لتطويع أراض عنيدة بصخورها وجفافها وتحويلها إلي جنة خضراء.. رحلة بدأت بتحويشة العمر وانتهت بضياع العمر كله بعد أن تحولت الأرض من نزاع بين المسئولين إلي قتال بين المجرمين, وأصبحت ساحة تسال فيها الدماء في غياب الدولة وهيبة القانون حتي باتت آلاف الأفدنة المستصلحة في قبضة البلطجية وقطاع الطرق وواضعي اليد ولا عزاء للقانون!!! الحكاية نسردها في السطور التالية من خلال أوجاع الآلاف من المنتفعين العاجزين الآن عن الاقتراب من أراضيهم.. كارثة بكل المقاييس ربما لا يدري عنها أحد من السادة المسئولين عن أمن بلدنا أو قد يعلمون لا ندري, ولكن في النهاية نؤكد أن هناك مجريات للعديد من الأمور الخطيرة لا يجب السكوت عليها بأي حال من الأحوال. البدايات يرويها المهندس محمد شمس فيقول.. ولد مشروع شباب الخريجين بالنوبارية عام1987 وتسلم الشباب الأراضي لاستصلاحها وزراعتها, تلك الأراضي التي كانت معظمها صخرية صعبة الاستصلاح, بالإضافة الي عدم توافر المرافق ومياه الري إلي جانب عجز مساحة أي أقل من خمسة أفدنة مما حدا بعدد كبير من الشباب تركها فاطلق عليها أراض مستبعدة, ويبلغ عددها(2786) قطعة, كل قطعة تبلغ مساحتها خمسة أفدنة, هذه القطع موزعة علي(24) مراقبة علي مستوي الجمهورية منها مراقبة مطروح للتنمية والتعاون.. وتعد أكبر المساحات بقرية أبو زهرة وقرية التكامل وعبدالباسط عبدالصمد.. عندها قررت الدولة استصلاحها ولكنها فشلت.. وفي عام2007 كان القرار من وجهة نظر وزير الزراعة أمين أباظة حينذاك توزيعها علي الحالات الحرجة من خلال أعضاء مجلسي الشعب والشوري لأبناء دائرة كل منهم. ويستطرد شمس بقوله: كان هناك استغلال للأمر من شقين.. فمن الأعضاء من قام بتوزيع الأراضي علي مستحقيها من أبناء دائرتهم بتزكية طلباتهم, ومنهم من استغلها لمصلحته الشخصية.. وعند توزيعها أعلن المسئولون ان ثمن الفدان الواحد يبلغ(12050) جنيها يقوم المنتفع بسداد ربع القيمة بالإضافة إلي سداد10% من قيمة المسكن الذي يبلغ إجمالي ثمنه(16) ألف جنيه, وبالفعل التزمنا وقمنا بسداد المبالغ المطلوبة.. وكانت المفاجأة عند تسلم الأراضي.. اتضح أننا اشترينا صخورا غير قابلة للزراعة وبدون مصدر مياه, وأسقط في أيدينا لأن الغالبية العظمي من المنتفعين غير قادرين علي الزراعة نظرا للتكلفة الباهظة المطلوبة لاستصلاحها فقام عدد كبير ببيعها لصغار المزارعين الذين ينطبق عليهم شروط الانتفاع وفقا للمادة14 من قانون143 لسنة.81 رحلة كفاح ويستكمل محمد نجيب محمود( محاسب) بقوله: وبدأت رحلة الكفاح والعناد مع الأرض التي كانت تتسم بصخورها الهائلة, وبالإصرار والتحدي كانت مرحلة استصلاحها التي بلغت تكلفة الفدان الواحد نحو(30) ألف جنيه, ولم نكل أو نتذمر وكان الإصرار علي تسويتها واستصلاحهاوشق الترع, ففيها تحويشة العمر والحلم ايضا وعلي مدي ست سنوات بدأنا نحصد شقي العمر وحل اللون الأخضر من المزروعات محل لون الصخور الداكنة. تصفية حسابات ويصمت قليلا وبأسي يقول: واستمر الحال والكفاح مع الأرض حتي قيام الثورة عام2011 حيث قررت الحكومة تصفية الحسابات مع أعضاء مجلسي الشعب والشوري السابقين, وذلك بفتح ملف تأشيرات وزير الزراعة لهؤلاء الاعضاء وتم استدعاؤهم للتحقيق معهم في القضية رقم364 لسنة2011 حصر فحص مكتب مستشار التحقيق والمقيدة برقم15 لسنه.2012 قرار غير قانوني ويلتقط أطراف الحديث علي جاد الله الخشبي( مهندس زراعي) فيقول: انتهت التحقيقات بالتنبيه بإيقاف جميع الإجراءات الخاصة بتسليم أراضي المشروع, وعند علمنا بهذا الأمر اجتاحتنا الدهشة كيف ينبه بإيقاف إجراءات التسليم وهي قد تمت بالفعل منذ عدة سنوات والأرض مسلمة وفي حوزتنا بعد تسديد قيمتها بالكامل, بل واستصلاحها وزراعتها.. ويواصل بقوله: وقبل زوال أثر الصدمة فوجئنا بمخاطبة رئيس قطاع المشروعات الزراعية والملكية الي المشرف علي قطاع استصلاح الأراضي بأنه قد صدر قرار المدير التنفيذي للهيئة رقم479 بتاريخ2012/5/21 والمنتهي بتشكيل لجنة مهمتها تسلم أراضي المتخللات بمشروع شباب الخريجين والتي تم تخصيصها بالمخالفة للقانون رقم143 لسنة81 لتسلمها وتوزيعها إعمالا للمادة14 من القانون نفسه, ويتساءل: كيف يتم تسلم أرض وهي في حوزة منتفعيها الذين قاموا بسداد قيمتها بل وزرعوها بخيرات الله وأصبحت خضراء وليست صحراء. ساحة قتال ويفجر علي بغدادي امرا غاية في الخطورة بل لا يصدقه عقل حيث يسرد بقوله: جاء القرار كارثة علي الجميع فقد فتحت أبواب جهنم بلا مبالغة علينا بعد أن فوجئنا بقيام قطاع الطرق والبلطجية وواضعي اليد باحتلال الأراضي المنزرعة وهم يلوحون لنا بصورة من قرار محكمة الاستئنافوجميع المخاطبات الرسمية بين السادة المسئولين بوزارة الزراعة, ولا نعلم شيئا عن كيفية وصوله إليهم!! المهم في الأمر أنه تم طردنا بقوة السلاح من أراضينا معلنين أن كل الأراضي حيازة أجدادهم ومن يريدها عليه أن يدفع قيمتها لهم. ويصرخ بصوت مسموع ويتساءل: كيف أقوم بسداد ثمن أرض هي ملك لي وبحوزتي وفيها تحويشه العمر وتشهد علي جهدي؟ هذا معناه أن أقوم بسداد ثمنها للمرة الثالثة.. المرة الأولي للخريج والثانية للدولة عند تسلمها, ومرغم أن أسدد للمرة الثالثة من يرتضي ذلك؟ هذا علاوة علي المبالغ الباهظة التي أنفقت علي عملية استصلاحها, معقول!! ومن تسول له نفسه الاقتراب من الأرض يلقي مصرعه في الحال وغير مأسوف عليه, وقد شهدت الأراضي مقتل ستة أشخاص منا عندما حاولوا النزول اليها بقري التكامل وعبد الباسط وقرية(2), هؤلاء لقوا مصرعهم داخل الأرض ولم يتحرك لأحد من الجهات الأمنية ساكن!! ويضيف قائلا: الآن الأوضاع غاية في الخطورة بعد أن اختفي الأمن وضاع الأمان وأصبحت الأراضي في قبضة البلطجية, وواضعي اليد هم من يقومون برعاية الزراعات لأنها أصبحت حقا لهم ونحن لا نستطيع الاقتراب من حقنا وشقي العمر الذي ضاع هباء بارقة أمل ولكن لم يكن أمامنا سوي القيام بوقفة احتجاجية.. بهذه الكلمات بدأ رمضان عبد الواحد حديثه ويقول: يوم2013/3/24 قمنا نحن المنتفعين بعمل وقفة احتجاجية أمام وزارة الزراعة وتم اللقاء مع الوزير ومدير هيئة التعمير ورئيس قطاع الاستصلاح وكان الاتفاق علي إرسال مذكرة لرئيس محكمة الاستئناف لشرح أبعاد الموضوع.. وبالفعل تم إرسالها وتضمنت أن أغلبنا قد تم تسلمهم الأراضي بالفعل قبل قرار سيادته وتقدم العديد منا بطلبات لتقنين الوضع القانوني باعتبار اكتسابهم لحق التصرف إليهم من خلال وضع اليد حيث قاموا بأعمال استصلاح واستزراع تكلفت مبالغ كبيرة وانتهت المذكرة إلي مدي إمكان التعامل مع مستلمي هذه الأراضي من حيث تسلم الاقساط المستحقة واستكمال التقديرات من اللجنة لتحصيل مستحقات الدولة مع أخذ موافقة مجلس ادارة الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية وكذلك صرف مستلزمات الإنتاج من الأسمدة والمبيدات للزراعات القائمة ولم يحدث شيء من كل ذلك. ويناشد عبدالله طه وزير الداخلية سرعة التدخل وهو يصرخ ويقول: إن الفرق النائمة من البلطجية كانت بالسجون قبل الثورة أصبحت سلاحا لقتل الأبرياء بعد الثورة ومصدرا للإرهاب نرجو حمايتنا منهم وللعلم الأمن علي دراية كاملة بهؤلاء الخارجين علي القانون ومعرفة أسمائهم, بل ومحال إقامتهم أيضا.. لابد من التدخل السريع من جميع الجهات المعنية لحقن الدماء وعدم سقوط قتلي بيننا أكثر من ذلك.. نحن نعيش مأساة بل كارثة بكل المقاييس.