للأسف الشديد أن بعض من ينتصرون- بالباطل- لحق نشر وإذاعة الأخبار الملفقة أو المكذوبة التي تندرج تحت مسمي الإشاعات يروجون إلي أن من حق من يقع عليه ضرر أن يسارع بالتكذيب وأن يستثمر أجواء الحرية التي تلزم وسيلة الإعلام بنشر الرد... وذلك باطل يراد إلباسه ثوب الحق لأن النتيجة هنا سوف تكون بمثابة إعادة ترديد للشائعة وبالتالي تجديد نشرها وإثارة الاهتمام بوقائعها من جديد. والحقيقة أن حق الرد وحق التكذيب الذي تكفله كل قوانين الإعلام في الدول المتقدمة, والذي يوفره أيضا قانون الصحافة في مصر لم يستهدف المشرع من نسخه أن يكون أداة طيعة تحقق لمروجي الشائعات بغيتهم في الإثارة والتهويل والإساءة للفرد أو للمجتمع, وإنما الهدف هو التصحيح والتوضيح لما يستحق التصحيح والإيضاح بشأن غياب جانب معين من المعلومات في قضية بعينها أو تفسير وجهة نظر بشأن قرارات أو إجراءات يشوبها بعض الغموض... أما الإشاعة التي ينضح من كل كلمة فيها رائحة الكذب والاختلاق والرغبة في الإثارة والتهويل فإنها لا يمكن أن تندرج تحت مسمي ما يستحق حق الرد وحق التكذيب! ومن أخطر ما يقال لتبرير مثل هذه السقطات التي تسيء للمجتمع كله وتجعل من الإشاعة رقما صحيحا في المعادلة الديمقراطية هو الزعم بأن ذلك هو ثمن الحرية رغم أن الحرية تقوم علي الصدق والاستقامة وتحري الحقيقة والالتزام بالموضوعية! ولعل أكثر ما يغيب عن الذين يريدون إلباس منهج تحويل بعض الصحف والشاشات إلي منابر لترويج الشائعات ثوب الحق المكتسب من الحرية أن التمييز بين الديمقراطية والفوضي ينبغي أن يظل محصورا في إطار التمييز بين كلمتين وليس بين حقيقتين. ثم إنه يغيب أيضا عن هؤلاء أن حق المجتمع في المعلومات والثقافة والمعرفة شيء والانقضاض عليه بالأكاذيب والشائعات شيء آخر. وإذا كان المثل الشهير يقول:' إن الإيمان يجب أن يسبق المعرفة' فليس هناك من هم أحوج إلي الاستمساك بهذا المثل والعمل به سوي الذين يهمهم أمر ديمقراطية مصر وضمان حريتها واستمرار اكتساب وسائل الإعلام لاحترام المجتمع. وأملي أن يسرع حكماء الوطن في احتواء الخطر قبل أن تشتعل النيران ونجد أنفسنا مضطرين للقبول بقدوم سيارات الإطفاء من خارج الديار. خير الكلام: عندما تختلط الأوراق يزدهر الكذب وينتصر النفاق! المزيد من أعمدة مرسى عطا الله