ما معني تخفيض التصنيف الائتماني لمصر خلال12 شهرا7 مرات؟ وهل حقا ان الاحتياطي النقدي لمصر لايتعدي1.1 مليار دولار؟وإذا كنا نعيش أزمة اقتصادية طاحنة فهل حقا اننا لن نصل إلي مرحلة الافلاس لان لدينا بنية اقتصادية قوية؟ وهل الموافقة علي وجود مراقب من صندوق النقد الدولي بالبنك المركزي يعني اننا اصبحنا دولة مسلوبة الارادة؟ وهل لهذا المندوب السامي حق الاطلاع علي الارقام السيادية للقوات المسلحة والشرطة والرئاسة والمخابرات؟ ولماذا مصر هي الدولة الوحيدة في العالم التي وافقت علي وجود مراقب من الصندوق لديها طوال ربع قرن مضي ام ان المراقب مهمته فقط متابعة ما يتم الاتفاق عليه من إصلاحات اقتصادية؟ وهل هناك حل حقيقي واقعي لهذه الأزمة الطاحنة؟ واين هي هذه الحلول؟ وهل سيتم التضحية بالمواطن الضعيف ونزع الدعم منه ورقة التوت الأخيرة التي تحمي انكسار كرامته امام البحث عن لقمة العيش غير الكريمة. متي يسدل الستار علي هذا المشهد المرتبك الذي يجر الجميع حكومة ومعارضة وشعبا إلي منطقة الرمال المتحركة؟ كيف يمكننا ان نزرع الأمل؟ هي يأتي علينا اليوم الذي ينطبق علينا فيه قول ابوالطيب المتنبي منذ أكثر من ألف عام: فما أنت يامصر دار الأديب وما أنت بالبلد الطيب في هذه المواجهة نحاول البحث عن الحقيقة في حوارين مع الدكتور. خالد عبدالحميد عضو اللجنة الاقتصادية بحزب الحرية والعدالة والدكتور صلاح جودة مستشار المفوضية الأوروبية. صلاح جودة مستشار المفوضية الأوروبية: علينا أن نستمتع الآن بالسيئ لأن القادم أسوأ!! صرحت في فبراير الماضي بأنه لم يعد أمام مصر سوي60 يوما ويبدأ انهيار اقتصادي.. فهل حدث الانهيار بالفعل؟ نعيش بالفعل في حالة انهيار اقتصادي. ما مبرراتك لهذا القول؟ تخفيض التصنيف الائتماني لمصر خلال12 شهرا لسبع مرات, بالإضافة إلي كذب الحكومة في قولها بأن لدينا احتياطيا من النقد الأجنبي بمقدار13.5 مليار دولار, في حين أنه لايتجاوز1.1 مليار دولار. هل أنت متأكد من أن الاحتياطي النقدي لمصر لا يتعدي ذلك المبلغ؟ وما دليلك علي ذلك؟ المبلغ الذي أعلنته الحكومة عن الاحتياطي النقدي لديها عبارة عن4 مليارات وديعة قطرية حصلت مصر عليها بفائدة4.7% لمدة18 شهرا, بينما سعر الفائدة العالمي لا يتعدي1.25% أو1.5%, بالإضافة إلي ملياري دولار وديعة سعودية, ومليارين وديعة لتركيا, و5 مليارات دولار حقوق لأصحاب الغاز للشريك الأجنبي لم تسدد بعد, و2.1 مليار دولار قيمة القرض المستحق علي مصر من صندوق النقد العربي. وهل تعني مرحلة الانهيار الاقتصادي هذه أننا وصلنا إلي الإفلاس؟ بيننا وبين الإفلاس خطوة واحدة. ماذا تعني بذلك؟ في يوم25 يناير2011 كان لدينا احتياطي من النقد الأجنبي36 مليار دولار, ووصل اليوم إلي1.1 مليار دولار, ولدينا مديونية داخلية تقدر بتريليون و365 مليار جنيه, ومديونية خارجية وصلت إلي41 مليار دولار, بالإضافة إلي خروج استثمارات من مصر بعد الثورة ومن2012/1/1 حتي الآن بمقدار13 و14 مليار دولار, و4603 مصانع تم إيقافها, وفقدنا حصيلة استثمارات ما بين13:14 مليار دولار سنويا, بحيث لم تحقق سوي2.8 مليار دولار فقط, بالإضافة إلي كل ذلك أن مصر سجلت في2009 و2010 معدل نمو ما بين6% و6.5%, بينما معدل النمو هذا العام سجل1.8%, في حين أن تعداد السكان يزيد بنسبة2.5% سنويا, بما يعني أن المولود الجديد لن يجد طعاما يكفيه نتيجة للأسباب التي سردناها وتسببت في الانهيار الاقتصادي اللعين الذي نواجهه. إذن كيف تري الصورة المقبلة لمصر؟ علينا أن نستمتع بالسييء لأن الأسوأ هو القادم. ألا تري الحكومة الوضع كما تصفه أم لها رؤية مغايرة؟ المسئول عن أزمة الحكومة هو الدكتور هشام قنديل, ولا أعلم لماذا تم اختياره أو بناء علي أي معيار تم انتقاؤه من بين ال91 مليون مواطن! إذن ما رؤيتك للأزمة الاقتصادية بمصر؟ الأزمة الاقتصادية ليست ناتجة من قلة الموارد بمصر, ولكن من سوء إدارة تلك الموارد, حيث لا تحتاج إلا إدارة رشيدة, وإرادة سياسية, وبهما ينصلح حال الاقتصاد المصري. هل تري أن مواردنا تكفينا عن الاقتراض؟ مصر غنية بمواردها, والذي لا يعرفها لا يستحق أن يعيش فيها, فلسنا في حاجة لقرض صندوق النقد الدولي, أو المنح أو المساعدات حتي في تلك اللحظات الصعبة التي نعيشها,وكل ما نحتاجه هو الإدارة الجيدة للأمور. صرحت بأن الموافقة علي وجود مراقب من صندوق النقد بالبنك المركزي يعني أننا دولة مسلوبة الإرادة, فما وجه اعتراضك علي وجود المراقب لدينا؟ الدولة عبارة عن أربعة أشياء هي: أرض, وعلم, ومالية, وسلام جمهوري, والدولة التي تقر بوجود مندوب لديها من صندوق النقد لا يحق أن تسمي دولة. ما الخطورة من وجود ذلك المراقب؟ لدينا بالموازنة العامة أربعة أماكن ذات خصوصية, وتسمي موازنتهم بالأرقام السيادية, وتلك الجهات هي القوات المسلحة, والشرطة, والرئاسة, والمخابرات, ووجود مراقب معناه الإطلاع علي كل تلك الأرقام السرية, بالإضافة إلي تدخله في المنع أو الرفض وغيرها لتوجيه تلك المصروفات بهذه الجهات. إن الخطورة تكمن في أن التدخل فيها يمثل الاحتلال الاقتصادي, ولنا في التاريخ المصري عظة بما حدث في زمن الخديو إسماعيل من صندوق الدين الذي عين ابنه من المراقبين, وأدي الأمر في نهاية القصة إلي بيع أسهم مصر في قناة السويس ولم تكف لسداد الدين. ألا يتبع الصندوق ذلك الإجراء مع كل الدول؟ مصر هي الدولة الوحيدة في العالم التي وافقت علي وجود مراقب من الصندوق لديها, وخلال السنوات ال24 الماضية لم يكن هناك مندوب من الصندوق لدي أي وزارة مالية, أو بنك مركزي بأي دولة في العالم. ماذا تعني لك موافقة الحكومة الحالية علي وجود مراقب من الصندوق؟ تعني أنهم ناس مسلوبو الإرادة, فكان عليهم أن يخطو نفس خطي عبدالناصر حين رفض طلب البنك الدولي بإرسال اثنين من المراقبين, ورد عليهم بخطاب في26 يوليو1956 أعلن فيه رفضه لمطلبهم, لأنهم يريدون أن يرسلوا مندوبا ليحل محل وزير المالية, والآخر محل رئيس الدولة, وهذا ما لم يقبله عبدالناصر, وأمم قناة السويس ردا عليهم. ما الموارد التي تمتلكها مصر, وتساعد في الخروج من الأزمة وتدر عائدا فوريا؟ لدينا موارد في مجالات عدة لا يتسع المجال لحصرها, لكن نذكر منها في مجال السياحة لدينا ثلاثة مسارات تنفرد بها مصر في العالم كله بسيناء, وهي: مسار خروج اليهود من مصر, ومسار العائلة المقدسة ورحلة الآلام, ومسار رحلة الحج في عهد عبدالملك بن مروان والحجاج بن يوسف من القاهرة للحجاز. فلماذا لا نستغل تلك المسارات,كما فعلت السعودية عندما انفردت بوجود الكعبة لديها. وعن المعادن فلدينا في منطقة وسط سيناء منطقة مليئة بالمعادن والرمال من أنقي الأنواع بالعالم, التي تصل نسبة نقائها إلي98%, ولم نستطع استغلالها مثلما فعلت أمريكا بمنطقة السيلكون في غرب أمريكا, برغم أن نسبة نقائه لديها لم تتعد ال69%. فلماذا نصدر متر الرمل ب12 دولارا لتركيا وإسرائيل وإيطاليا, ثم نعود ونشريه ب230 دولارا بعد غسله فقط؟ برغم أن تلك المرحلة لن تكلفنا إلا شراء ماكينة لا يتعدي ثمنها مليوني دولار, مما يجعلنا نحقق زيادة في سعر المتر بنسبة تتعدي20 ضعفا ثمن متر الرمل قبل غسله. وكذلك معدن الفوسفات الذي تبيعه الدولة بسعر10 دولارات للطن ثم تمنح الدولة صندوق دعم الصادرات عن كل طن20 دولارا, مما يؤدي إلي أن الدولة تخرج الفوسفات المصري وتصدره وتدفع فوقه80 مليون دولار. أما عن شواطئ مصر التي تمتد لنحو3500 كيلومتر علي البحرين الأحمر والمتوسط, وبرغم ذلك نستورد نفايات الأسماك من أوكرانيا وروسيا, بما يعادل1.8 مليار دولار سنويا, في حين أن المغرب لا تمتلك إلا2500 كيلومتر علي المحيط والمتوسط, وبرغم ذلك تصدر من الأسماك سنويا بملياري يورو. ما الطرق التي تمكننا من استغلال تلك الموارد وتخرجنا من الأزمة الحالية؟ نحتاج مجموعة من القرارات الإدارية التي لا تنتظر التشريعات, خصوصا أننا لا نملك مجلس نواب في الوقت الراهن. ما تلك القرارات التي تقصدها؟ هي عبارة عن23 قرارا تبدأ بتحديد الحد الأدني للأجور, مع تحديد الحد الأقصي للدخل وليس للأجور بحيث لا يتعدي الراتب أكثر من ثلاثين ألف جنيه بأي صورة من الصور, وكذلك ضرورة ضم أموال الصناديق الخاصة إلي الموازنة العامة والتي تزيد مخصصاتها علي93 مليار دولار جنيه إلا أن تلك الأموال تهدر وتصرف دون ضابط أو رقيب, وكذلك لابد من إلغاء عمل المستشارين فوق سن الستين بقطاعات الدولة والبالغ عددهم91 ألف مستشار ويتقاضون أجورا مباشرة تقدر ب18 مليار جنيه وأجور غير مباشرة6 مليارات جنيه, بالإضافة إلي مجموعة أخري من القرارات لو تم إصدارها فستدير عجلة الإنتاج وتحدث التنمية في خلال مدة لا تزيد علي36 شهرا, ولكن ما ينقصنا لتحقيق ذلك أن مصر تحتاج الي رجل بقيمة وقامة صاحب دولة رئيس وزراء كفاءة وله رؤية ينفذها إلا أن وضعنا مزر لأننا من عصام شرف إلي هشام قنديل يا قلبي لا تحزن. ألا توافق علي أن المناخ الذي تعمل به الحكومة غير ملائم وأجواء كلها إضرابات واعتصامات ووقف للعمل؟ الخطأ في ذلك لدي المسئول عن إدارة الدولة والحكومة التي أعلنت عن رواج لا وجود له علي أرض الواقع وخداع الناس بقدوم200 مليار دولار من الدول العربية والصكوك مما أدي إلي رفع آفاق وآمال الشعب الذي اصطدم بالواقع وبزيادة الأسعار فحتي ساندويتش الفول الغذاء الرئيسي للشعب المصري يوميا زاد بنسبة30%. فكان المفروض علي الحكومة المكاشفة وليس خداع المواطنين والذين يتظاهرون بمبررات وبحثا عن حقوقهم بعد أن وصلت أزمتهم للحلقوم في ظل حكومة مغيبة عن الواقع فمن المؤسف ألا تدري الحكومة مثلا أن لديها52 ألف موظف بإدارة التشجير يتقاضو4370 جنيها شهريا بما يعني ذلك أن الحكومة تمنحهم رخصة إما للسرقة أو التسول. قلت إن ثورة الجياع قادمة مع أن الكثيرين يرون أن المصري لا يثور إلا علي الظلم.. فما رأيك في ذلك؟ هذا كلام نصب واحتيال ونوع من الدجل الاقتصادي والسياسي معا, فسيدنا علي رضي الله عنه قال لو كان الفقر رجلا لقتلته, وهذا يعني أن الفقر يخرج الناس للثورة عليه والدراسة التي أعددناها عن ثورة يناير أن من خرجوا في أثناء الثورة25% منهم لأسباب سياسية و75% خرجوا لمطالب اقتصادية بحتة. ماهي رؤيتك لقضية الدعم؟ قيمة الدعم بموازنة عام2012 كانت172 مليار جنيه وفي ميزانية2014,2013 وصلت إلي205 مليارات جنيه مما يعني زيادتها بنسبة192% إلا أن تراجع الجنيه مقابل الدولار بنسبة30% أدي إلي انخفاض القوة الشرائية بنسبة10% مما يعني أنه لا وجود للزيادة في حصة الدعم كما هو ظاهر من أرقام الموازنة ولحل مشكلة الدعم لابد أن نعرف عدد الفقراء اللازم دعمهم في مصر وحسب احصائيات مركز التعبئة والاحصاء هم25% أما البنك الدولي في احصائية لهم32% وصندوق النقد الدولي ذكر أنهم35% ونحن لا نبالغ عندما نقول إنهم50% من الشعب المصري بما يساوي40 مليون مواطن أي نحو8 ملايين أسرة, فالواجب علينا منحهم الدعم بصورة نقدية فلو منحنا كل أسرة منهم نحو2500 جنيه سيكون المبلغ190 مليار جنيه ويتوفر من مبلغ موازنة الدعم15 مليار دولار وبهذا نضمن وصول الدعم إلي مستحقيه دون إهدار له. لكن ارتفاع الأسعار سيلتهم تلك الأموال من المواطنين. هناك دراسات أعددناها لضبط الأسعار في السوق المصرية بحيث لا تؤدي إلي ارتفاع الأسعار وستوفر سلة جيدة وبأسعار مناسبة فمثلا رغيف الخبز الذي تخصص الدولةلدعمه22 مليار جنيه ونستهلك فعليا من القمح مايقدره15 مليون جنيه مما ننتجه ونستورده وسعر الطن العالمي300 دولار للطن ومبلغ الدعم يكفي لشراء11 مليون طن قمح مما يعني ذلك أن كل مواطن فقير نستطيع أن نوفر له عشرة أرغفة يوميا بوزن50 جرام للرغيف دون كروت أو غيرها. صرحت بأن مصر تنقصها الإدارة الرشيدة للطاقة فماذا تقصد من تلك العبارة؟ مصر تخصص من ميزانيتها162 مليار جنيه لدعم الطاقة ونسبة60% من هذا المبلغ يوجه لدعم الصناعات كثيفة استخدام الطاقة كالحديد والأسمنت والسيراميك والألومنيوم وتلك المنتجات تباع بأعلي من السعر العالمي بالرغم من أن الدولة تدعمها بنحو68 إلي72 مليار جنيه, كما أنه لا توجد دولة في العالم لا تحدد هامش ربح للمنتجات والسلع بها فتكلفة طن الأسمنت لا تتعدي230 جنيها ورغم ذلك يباغ بأكثر من600 جنيه وهذا ما يعد ظلما بينا, فعلي الدولة أولا أن ترفع الدعم عن تلك المصانع بدلا من أن تزيد الأعباء علي المواطنين, كما يجب عليها صياغة قوانين تحدد فيها هامش الربح لهم. أما عن أزمة البوتاجاز فمصر منتجة للغاز ولا ننتج البوتاجاز فنحن ننتج غاز مصر ونصدره بكميات تصل إلي18 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي بنحو18 مليار دولار بحيث يصل سعر المتر المكعب إلي10 سنتات في حين إن الشراء من الشريك الأجنبي يكلفنا35 دولار وهذا الأمر يتطلب إلغاء الاتفاق علي تصدير50% من الكميات التي ذكرناه مما يعني أننا نوفر9 مليارات متر مكعب لنتمكن من إدخال الغاز الطبيعي ل10 ملايين وحدة سكنية التي تحتاج لملياري متر مكعب من الغاز, ثم نبني10 آلاف مصنع كثيفة استخدام الطاقة من الغاز الطبيعي التي تستهلك ما يقارب من6 مليارات متر مكعب من الغاز كما علينا إنشاء104 شركات في26 محافظة لتوصيل الغاز للفنادق والقري السياحية ومزارع الدواجن ومصانع الطوب الأمر الذي سيوفر علينا إنتاج اسطوانات البوتاجاز. خالد عبدالحميد عضو اللجنة الاقتصادية بحزب الحرية والعدالة: الكلام عن الإفلاس ضرب من ضروب الخيال ما مؤشرات الأوضاع الاقتصادية بمصر الآن؟ المؤشرات تشير إلي تراجع الأوضاع الاقتصادية, والتي تبدو في تراجع معدل النمو الاقتصادي في موازنة3102/2102, والذي قدر بنحو5.2%, وكذلك تراجع الاستثمارات وزيادة الدين المحلي, والذي وصل إلي تريليون وخمسمائة مليار جنيه مصري, والدين الخارجي بلغ4.83 مليار دولار, بخلاف الوديعة القطرية المقدرة ب3 مليارات دولار, وزيادة معدل البطالة لتصل النسبة31%, وارتفاع معدل التضخم ل51.9%, وارتفاع عجز الميزان التجاري ل23 مليارا, وتلك المؤشرات تعني أننا نواجه تحديات كبيرة وأزمة اقتصادية طاحنة تجعلنا نعيش في مشهد اقتصادي مرتبك. هل يعني ذلك المشهد أننا وصلنا إلي حالة الإفلاس؟ لا يمكن أن نتحدث عن الإفلاس ومصر لديها احتياطي من النقد الأجنبي يقدر ب 13.5 مليار دولار, وبعد زيادة الوديعتين القطرية والليبية سيصل إلي 18.5مليار دولار, بالإضافة إلي الموارد الجارية التي تدر علينا عملة صعبة مثل دخل قناة السويس, والذي يصل إلي 5.6 مليار دولار, وتحويلات المصريين بالخارج, والتي ارتفعت من6 مليارات دولار إلي 19 مليار دولار خلال الفترة السابقة. هذا كله, بالإضافة إلي عائدات من الصادرات, والتي تبلغ 10 مليارات دولار.. وهذا ما يجعلنا نستبعد فكرة أن تصل مصر لمرحلة الإفلاس, بالإضافة إلي أن اقتصاد مصر من الاقتصاد ات القادرة علي استعادة النمو مرة أخري, لأن هيكلته وبنيته الأساسية قوية, ولذا نري أن الكلام علي الإفلاس في مصر ضرب من ضروب الخيال, بدليل أن دولا كثيرة مثل البرازيل كانت علي وشك الإفلاس, ولكن بعد قيام لولا دي سيلفا بالإصلاحات الاقتصادية والسياسية بالرغم من رفض صندوق النقد إقراضه, فإنه خلال ثماني سنوات استطاع النمو بالبرازيل وأقرض صندوق النقد الدولي 14 مليار دولار. تستبعد فكرة الإفلاس لأن مصر لديها احتياطي 13.5 مليار دولار, في الوقت الذي يري متخصص آخر أننا لا نملك ذلك المبلغ, وهو عبارة عن قروض, وأن ما نملكه هو1.1 مليار دولار فقط.. فما رأيك في ذلك؟ من يقول ذلك الكلام ليس متخصص أو اقتصاديا, لأن هناك موارد جارية من النقد الأجنبي تعوض النقص في الاحتياطي, والتي ذكرناها سابقا, بالإضافة إلي دخلنا من السياحة بالرغم من تضاؤله حاليا, فإنه يدر علينا نحو8 مليارات دولار, برغم أن المستهدف في الوقت الراهن31 مليارا.. ولكن النقطة المهمة هنا ليس في نقص الاحتياطي الموجود, بل في كيفية توجيهه وإدارته, والتي تحتاج لادارة رشيدة حتي لا يستنزف كما كان يحدث في السابق في مساندة الجنيه أمام الدولار, وهو أهم أسباب تآكل الاحتياطي النقدي, بالإضافة إلي فاتورة الغذاء والمواد البترولية بالفترة الماضية, والتي استنزفت نحو 15 مليار دولار, بالإضافة إلي انخفاض 12 مليار دولار من الاستثمارات التي خرجت من مصر, بالإضافة إلي زيادة الديون السيادية بنحو8 مليارات دولار, مما أدي إلي استنزافنا بنحو 38 مليار دولار من بعد الثورة في تغطية مثل تلك النفقات. هل تري أنه تتوافر لدينا الإدارة الرشيدة؟ نعم, علي الرغم من أنها ليست بالكفاءة الكافية, فإن الظروف السياسية والاقتصادية التي تعمل فيها هذه الحكومة, وما تتعرض له من قلاقل سياسية واضطرابات بالشارع وحالة الاستقطاب السياسي والمطالب الفئوية.. هذا كله كفيل أن يربك متخذ القرار في الفترة الحالية. ما رأيك في وجود مراقب من صندوق النقد الدولي في البنك المركزي؟ هذا نظام دولي, والذي يتمثل في متابعة الخطة الاقتصادية التي يعرضها البلد المدين, ومن حقه متابعتها, ومراقبتها. هناك مخاوف من وجود مراقب من صندوق النقد الدولي, خصوصا أن لنا تجارب قديمة أدت إلي كوارث في عهد الخديو إسماعيل.. فما رأيك في ذلك؟ أعتقد أن هذا التعبير غير دقيق, والمقبول لدينا هو متابعة تنفيذ ما تم الاتفاق عليه مع الصندوق الدولي من إجراءات إصلاحية للاقتصاد. يقال إنه منذ 24 سنة لا يوجد مراقب من قبل الصندوق علي أي دولة اقترضت منه.. فلماذا نقبله نحن؟ نحن لا نقبل المراقبة من أي جهة. فماذا تقول عن المراقب القادم إلينا من صندوق النقد الدولي؟ لو حدث وجاء مراقب من قبل الصندوق, فسيكون أمرا مرفوضا شعبيا وسياسيا, وخصوصا بعد ثورة 25 يناير, والتي ملكتنا حريتنا وقرارنا, ولن نسمح بتدخل أي جهة أو أي دولة في قراراتنا السياسية أو الاقتصادية. لكن بالفعل تم الإعلان عن قبول أعضاء التفاوض مع الصندوق لوجود مراقب.. فهل وجهة نظرك تختلف عن رؤية حزب الحرية والعدالة؟ نحن متخصصون ونتحدث بشكل فني, وانتمائي للحرية والعدالة أو الإخوان لا يعني موافقتنا علي أي شيء يمس السيادة المصرية, وأعتقد أنه لو حدثت مراقبة من الصندوق, فسيرفض الحزب والقيادة السياسية ذلك, فما نقبله هو متابعة الصندوق لإجراءات الإصلاح من خلال آلية الصندوق التي يتبعها مع كل الدول, أما غير ذلك فلا نقبله. ما رؤيتك لحل الأزمة الاقتصادية؟ نعول بشكل أساسي علي الاستقرار السياسي والأمني, والذي سيتيح الفرصة لمزيد من الاستثمارات, والتي ستؤدي إلي زيادة عجلة الإنتاج, وإتاحة الفرصة لتنفيذ سياسة مالية ونقدية مواتية, وتلك الإجراءات هي الأساس, ثم تليها التفاصيل للعمل عليها. ما التفاصيل التي تقصدها؟ علي الحكومة أن تتبني خططا قصيرة ومتوسطة وطويلة المدي من أجل الخروج من الأزمة الاقتصادية, واتباع سياسة مالية ونقدية تحفيزية من خلال مسارين, الأول تحفيز الاستثمار, والآخر الضبط المالي, من خلال ضخ استثمارات جديدة في قطاعات عدة بالمجتمع, بالإضافة إلي ضرورة العمل لإعادة تشغيل المصانع المغلقة, وإعادة هيكلة الضرائب من جديد. ما تصورك لهيكلة الضرائب؟ الضرائب التصاعدية بما يحقق العدالة الاجتماعية, ونعمل علي التدرج في الشرائح الضريبية بما يتناسب مع الدخل, وتحديد الحد الأقصي والأدني للأجور. يري البعض أن إدارة الحكومة للطاقة غير رشيدة, وأنها تحمل أعباء علي المواطنين البسطاء, في حين أنها تترك كبار المصانع من مستخدمي الطاقة الكثيفة.. فما رأيك في ذلك؟ أري أن تلك السياسة خاطئة, والصواب هو إعادة هيكلة الدعم بما لا يؤثر علي الطبقات الضعيفة بالمجتمع, بل ضرورة التركيز علي الصناعات الكبري مثل صناعة الأسمنت والحديد والسيراميك, ورغم ذلك فإن أهم مطالب صندوق النقد كانت إلغاء الدعم علي الطاقة, إلا أن الحكومة والقيادة السياسية رفضت تنفيذ ذلك الاتفاق من أجل الحصول علي القرض. بالرغم من عدم موافقتك علي تحميل عبء رفع دعم الطاقة للمواطن, فإن هذه السياسة هي التي تتبع حاليا.. فما قولك في ذلك؟ لا أعتقد أن تلك السياسة ستستمر, وإنما ستطبق السياسة التي تتواءم مع توجه الدولة نحو العدالة الاجتماعية, وتخفيف الأعباء عن المواطن ومحدودي الدخل. هل تري أن الحصص التي حددت للمواطن بالنسبة للطاقة كافية؟ أري أن تحديد5 لترات للمواطن لسيارته الملاكي أمر غير مقبول, وأمر صعب تطبيقه, فيجب أن تراعي السياسة مصلحة المجتمع ككل. هل تري أن فكرة الكروت الذكية لتوزيع الدعم هي الحل الأمثل؟ ليست أفضل الحلول, ولكننا مضطرون لها حتي لا نقع في أزمة سيولة مالية, وهي الوسيلة للحصول علي شهادة ثقة ورفع الجدارة الإئتمانية المصرية, مما سيؤدي إلي تشجيع المستثمرين المحليين والدوليين للاستثمار في مصر. أنت ممن يرون أن قرض الصندوق شهادة ثقة, في حين يراها آخرون شهادة فقر وتسول.. فما رأيك في ذلك؟ لا أري ذلك, وهي بالفعل شهادة ثقة, وكل الدول التي تتعرض لأزمات تلجأ للصندوق للخروج من أزمتها. الخبراء يرون أن لدينا موارد تكفينا ولم تستغل, وإنها تقينا عن التسول من الخارج.. فما رأيك في ذلك؟ أتفق معهم أن لدي مصر موارد كبيرة, ولكن قرض الصندوق هو عبارة عن جرعة سريعة وتنشيطية للاقتصاد المصري لمعاودة النمو مرة أخري من خلال ضخ للاستثمار الخارجي والداخلي.. نعلم أن لدينا موارد كبيرة بمصر, وحلولا غير تقليدية, ولكنها تحتاج لبعض الوقت, وإلي بنية تشريعية واقتصادية وسياسية متكاملة كي تؤتي ثمارها. الأزمة الاقتصادية ألقت بظلالها علي المواطن البسيط وزادت من أعبائه.. فكيف ترفع عنهم الأعباء؟ يجب ألا يمس المواطن المصري أو نثقل عليه بالهموم السياسية والاقتصادية, وضيق ذات اليد, وبالتالي يجب ألا نفرض عليه أي ضريبة جديدة أو ضغوط تؤثر علي دخله الحقيقي. كثر الحديث عن قرب خروج ثورة الجياع.. فهل تراها قريبة؟ لا أعتقد قدوم ثورة جياع, ودعونا نزرع الأمل في النفوس, فلا يجب التهوين أو التهويل من الموقف الاقتصادي وإثارته علي الناس.. إلا أننا نري من الضرورة الحديث عن الوضع بنظرة موضوعية, مع نظرة أمل في الاقتصاد وجذب الاستثمارات, وتهيئة المناخ السياسي والاقتصادي لها. هل سيتمكن المواطن من تحمل إجراءات التقشف التي ستطبق؟ يجب أن تبدأ الحكومة بنفسها في تطبيقها لإجراءات التقشف, وعليها مصارحة ومكاشفة الناس بالوضع الاقتصادي الحالي وتحدياته. ما ردك علي أن الحكومة والإدارة السياسية الحالية تنقصها الخبرة؟ النظام السياسي السابق قام بتجريف الكفاءات والخبرات, وترك تركة ثقيلة مليئة بالمشكلات والأعباء. أليس لديك انتقادات علي السياسة الحالية للدولة, والتي أدت إلي تفاقم الأزمة الاقتصادية؟ هناك بعض التحفظات, والتي تستوجب استدراكها. ما تلك التحفظات؟ عدم سرعة اتخاذ القرارات, خصوصا التي تمس المواطن, مع ضرورة تحقيق حالات نجاح في المجتمع لرفع المعاناة عن كاهل الشعب. متي نصل للاستقرار الاقتصادي من وجهة نظرك؟ عندما تتعاون كل القوي السياسية في المجتمع علي تحقيق ذلك من خلال إنكار الذات وإعلاء قيمة الوطن والخروج من حالة الاستقطاب السياسي, وأن يكون شعارنا فلنتعاون فيما اتفقنا عليه ولنقدر بعضنا بعضا حتي فيما اختلفنا فيه ونطبق القاعدة الذهبية أينما تكون مصلحة مصر فثم وجه الحكام والمحكومين والمعارضة والمولاة, والمفتاح هو العدالة في التوزيع, حتي يشعر المواطن بجني ثمار النمو.