في ظل استمرار العجز عن كشف هوية الطرف الثالث الذي يشار إليه بمسئولية تأجيج الموقف وتزايد حالة الاحتقان لماذا يتجاهل الكل طرفا أخطر وأعني به كل من يسهم في نشر الشائعات التي تؤدي إلي إحداث البلبلة. والحقيقة إنه ليس هناك مجتمع علي ظهر الأرض لا يعاني من خطر الإشاعة التي كان يطلق عليها قبل عصر الفضائيات اسم المرض الاجتماعي السري تعبيرا عن خطورتها علي بنيان المجتمع وتدليلا علي جبن مروجيها الذين يمارسون نشر جراثيم أكاذيبهم في السر والخفاء! والإشاعة دائما ما تكون عبارة عن خبر ملفق وغير صحيح يستهدف شخصا أو جماعة بهدف تشويه الصورة وتحطيم المعنويات ومواصلة سكب الزيت علي النيران لإجهاض كل محاولات إطفائها! وقد كنا نظن وحتي وقت قريب أن الإشاعات تنمو وتتكاثر في المجتمعات المنغلقة علي نفسها فقط, والتي يضيق فيها هامش الحرية وبالتالي تتهيأ الفرصة لخفافيش الظلام لبث سمومهم من الإشاعات والأكاذيب, ولكن ما نشهده الآن من استثمار سيء لأجواء الحرية بعد سقوط أسوار التعتيم الإعلامي يؤكد أن الإشاعة تصبح أكثر خطرا إذا انتقلت من تمتمة الشفاه إلي سطور الصحف وشاشات الفضائيات لأن سرعة وصولها إلي الناس تتضاعف فضلا عن أن قطاعات كبيرة من الرأي العام تميل إلي تصديق ما هو منشور ومذاع بأكثر ما تصدق ما يقال همسا وخفية! وقد يقول قائل أن ضبط مرتكب جريمة الترويج للإشاعات الكاذبة يبدو أمرا سهلا وميسورا في أجواء الحرية لأن ما ينشر ويذاع يمثل دليل اتهام يوفر الفرصة الكاملة للمجني عليهم لإقامة الدعاوي القضائية وإنزال العقاب بمرتكبي الجريمة بعكس ما يصعب إقامة الدليل عليه بالنسبة لإشاعات الهمس والنميمة... ومن أسف أن ذلك مجرد كلام نظري وأن مدمني ترويج الإشاعات عن طريق الصحف والفضائيات يملكون ألف حيلة وحيلة للهروب من الوقوع تحت طائلة القانون سواء باستخدام لغة الرمز أحيانا أو عن طريق الصياغة بمنهج الزعم بعدم اليقين من صحة الخبر المقصود نشره أو إذاعته كإشاعة واستخدام عبارات مطاطية من نوع.. يتردد في بعض الأوساط أو لم يتأكد بعد صحة ما يقال... وهكذا المزيد والمزيد من أساليب التحايل التي أصبح لها محامون متخصصون! وغدا نواصل الحديث خير الكلام: الحرية هي حقك في أن تكون علي خطأ لا أن تفعل الخطأ! [email protected] المزيد من أعمدة مرسى عطا الله