أظهر التحليل الوراثي لفيروس إنفلونزا الطيور في الصين صورا محورة لفيروس مهيأ لإصابة خلايا الجهاز التنفسي في الإنسان. ونشرت الدراسة المتضمنة لهذه النتائج والتي أجريت بواسطة عدة فرق بحثية مشتركة الأسبوع الماضي بمجلة المراقبة الأوروبية, وقد أجريت الدراسة تحت إشراف كل من الدكتور ماساتو تاشيرو الأستاذ بمركز بحوث فيروسات الإنفلوانزا والمعهد القومي للأمراض المعدية, والدكتور يوشيهيرو كاوأوكا الأستاذ بجامعة ويسكونسن ماديسون بالولايات المتحدة وجامعة طوكيو باليابان. وفي هذه الدراسة, قام الفريق البحثي بفحص التتابع الجيني لعزلات الفيروس إيه إتش7 إن9 المأخوذة من أربعة من ضحايا الفيروس الممرض, وكذلك دراسة عينات مأخوذة من الطيور والأحياء المحيطة بسوق مدينة شنجهاي التي ظهرت بها الحالات المصابة. وأظهرت معظم العزلات التي تم فحصها للفيروس تحورات في البروتين السطحي الذي يستخدمه الفيروس المسبب للمرض في الارتباط بخلايا الجهاز التنفسي للعائل وإصابتها بالعدوي. بالإضافة إلي ذلك, احتوت عزلات الفيروس المأخوذة من المرضي علي تحور آخر يسمح للفيروس أن ينمو بقوة في درجات حرارة أقل داخل خلايا الجهاز التنفسي العلوي للإنسان وأن يتعايش في جسم العائل سواء كان من الحيوانات أو الإنسان. ويقول الدكتور كاوأوكا إن العزلات المأخوذة من البشر, وليس من الطيور أو البيئة كانت تحتوي علي تحور بروتيني يسمح لها بالنمو الفعال في خلايا جسم الإنسان, كما يسمح أيضا لها بالنمو في درجة حرارة الجهاز التنفسي العلوي للإنسان, والتي من المعروف أنها تقل عن مثيلاتها في الطيور. كذلك قام الفريق البحثي بتقييم استجابة السلالة الجديدة للفيروس تجاه العقاقير المستخدمة في علاج الإنفلونزا, واكتشفوا أن إحدي مجموعات العقاقير الشائعة الاستخدام كمضاد فيروسي, ليست لها أي فاعلية, وأن السلالة الجديدة للفيروس يمكن علاجها بمركب دوائي آخر مضاد للفيروسات ومرتبط به إكلينيكيا هو أوزيلتاميفير. وتمد هذه النتائج الباحثين بمجموعة من أول الأدلة الجزيئية عن هذه السلالة الجديدة المقلقة لأنفلونزا الطيور منذ اكتشافه لأول مره يوم31 مارس الماضي. وبالرغم من أن هذه النتائج حتي الآن لا توحي بأنها قد تؤدي لانتشار وباء عالمي بهذه السلالة من الأنفلونزا, إلا أن العلامات التي يحدثها الفيروس في الثدييات وبصفة خاصة في العائل البشري كما يري الدكتور كاواوكا, لا تخطئها عين. ويضيف أن الحصول علي المعلومات الوراثية عن الفيروس تعد ضرورية لفهم كيفية نشأة وتطور الفيروس, ومن ثم تحضير اللقاح المناسب لمكافحة العدوي. وتعليقا علي ما سبق, يقول الدكتور مصطفي العوضي أستاذ المايكروبيولوجي بالمركز القومي للبحوث وصاحب الأبحاث العديدة لتحضير لقاح للفيروس الكبدي سي, إن نتائج هذه الدراسة تعد قفزة نوعية نحو تعريف سلالة جديدة للفيروس المسبب لإنفلونزا الطيور, الذي يتميز بحدوث طفرات محددة في البروتين المسئول عن ارتباط الفيروس بخلايا الجهاز التنفسي للعائل الآدمي. وقد أدت هذه التغيرات لأن يحيا الفيروس ويعمل في درجات حرارة أقل من الدرجات التي اعتاد عليها الفيروس في أجسام الطيور, ويمثل ذلك أحد أنماط التكييف الجزيئي لهذه الفيروسات مع البيئة المحيطة, وهنا يكون مكمن الخطورة الحقيقي, ولذلك وصفته منظمة الصحة العالمية بأنه قد يكون من السلالات الأشد فتكا بالإنسان.