إلي جانب خطتهم الممنهجة للاستيلاء علي مختلف مفاصل الدولة وأخونة مؤسساتها فإنه يبدو أن الثأر التاريخي والرغبة في الانتقام أصبح هو المسيطر والدافع لجماعة الإخوان المسلمين إلي إدارة معركة مع مؤسسة القضاء بوصفها المؤسسة الوحيدة التي لاتزال تقف أمامهم بعد أن نجحت جهود الجماعة في تشويه وتجريف هيبة المؤسسة الأمنية وفرض كلمتها والاستحواذ علي المؤسسة الإعلامية إلي جانب محاولات متكررة فاشلة للسيطرة علي المؤسسة العسكرية!. وعلي الرغم من محاولات كل القوي السياسية لفت إنتباه الجماعة إلي خطورة ما تديره وتدبره والذي سينعكس سلبا علي تحقيق الاستقرار المؤسسي للدولة إلا أنها أصرت علي المضي قدما في طريق تنفيذ مخططها ثأرا ممن تعتقد أنهم كانوا وسيلة للأنظمة للزج بهم في غياهب السجون علي مدي نحو60 عاما دون أن تلتفت إلي خطورة ما تقدم عليه ولم تعر أدني اهتمام لظاهرة قفز بحارة تيتانيك الرئاسة منها بعد أن أوشكت علي الغرق والذين كان آخرهم وزير العدل احمد مكي ومستشار الرئاسة القانوني محمد فؤاد جاد الله رغم أن الجماعة كانت قد نجحت في استقطابهما في وقت سابق ك مبررين قانونيين لأفعالها وممارساتها!. ولأن التناقض في المواقف, ومبدأ الميكيافيلية الدينية إن صح التعبير هو النمط السائد لتفكير الجماعة جاء إصرارها علي البحث عن مبرر تشريعي للانتقام من المؤسسة القضائية فدفعت بمشروع قانون بدأ مجلس' شورتها في مناقشته يوم الأربعاء الماضي من خلال اللجنة التشريعية بعيدا عن أصحاب الشأن' القضاة يستهدف التخلص من رموز هذه المؤسسة العريقة نحو3 آلاف قاض بخفض سن الإحالة للتقاعد10 سنوات مرة واحدة سن الستين بدلا من السبعين, وهو الأمر الذي لن يبقي إلا علي عضو واحد من أعضاء المحكمة الدستورية11 عضوا بينما سيبقي علي6 منهم إذا ما أقر خفض سن تقاعد القضاة إلي الخامسة والستين!. مشروع القانون جاء ليمثل الضلع الرابع في قفص الاتهام الذي تسعي الجماعة للزج بالمؤسسة القضائية فيه, إذ سبقه فرض حصار علي المحكمة الدستورية لإرهاب أعضائها, والتخلص من بعضهم من خلال أحكام الدستور الذي صاغته جمعية جاء تشكيلها علي هواها وهو ما أتاح للجماعة التخلص من النائب العام وفرض آخر موال لها, ثم دعوة الأهل والعشيرة إلي تنظيم مظاهرة يوم الجمعة الماضي اختارت عنوانا خادعا لها جمعة تطهير القضاء لنصب شرك لمن اختاروا طواعية تسليم عقولهم لعمليات خداع دينية متصلة وهو ما تناقض تماما مع مواقفها السابقة ورفضها لدعوات التيارات السياسية المختلفة للمظاهرات والوقفات الاحتجاجية تحت مزاعم البحث عن الاستقرار وبدء العمل لزيادة الاستقرار!. لم يعد أحد يشك للحظة واحدة في مدي تدهور الأوضاع السياسية بالبلاد, وتغليب لغة المصالح الضيقة لتيارات الاسلام السياسي وخاصة الأهل والعشيرة علي حساب مصلحة المجتمع وتخبط القرارات الرئاسية والحكومية وانحياز المؤسسة الأمنية بعد اتمام السيطرة عليها من خلال إبدال وزير الداخلية بآخر موال للجماعة قد أثبت فشل النظام ليس فقط في تحقيق أهداف الثورة بل أيضا في مواجهة التحديات التي يواجهها المجتمع, بل يزيدها تعقيدا وهوما يهدد الوطن بنشوب الاحتراب الأهلي بعد أن نجحت ممارسات الجماعة في تقسيم الوطن وإعمال التفرقة والإبعاد والالتزام بسياسات التمييز والإقصاء التي اعتادتها الجماعة فور أن نجحت في دفع ممثلها إلي قصر الاتحادية الرئاسي بوسائل خادعة انكشفت أمام رجل الشارع الذي افاق علي واقع زيادة معاناته!. الأمر لم يعد قابلا للمزيد من الاحتمال فإما أن تفيق الجماعة وتعود إلي رشدها وتهجر سياساتها الانتقامية من مجتمع اختار أن يتيح لها الفرصة في صياغة مستقبل الوطن, وإلا فإن الاصطدام بجبل جليد الرفض الشعبي سيكون هو المصير المحتوم لتيتانيك الرئاسة..!. [email protected] لمزيد من مقالات عبدالعظيم درويش