نعم ف' الخصوص' فتنة لن تنتهي إذا استمر لجوؤنا دائما إلي الحل' السهل' في مواجهة مشكلاتنا المصيرية.. مجرد بيان من عدة أسطر' ندين.. نستنكر.. نطالب' وبعد ذلك يذهب الكل إلي حال سبيله في انتظار' كارثة' جديدة لنعيد نفس السيناريو بذات مشاهده دون أن نرهق أنفسنا بمحاولة إيجاد الحل الأسهل ونعترف بوجود' المشكلة' ثم نسعي لحلها نهائيا باعتبار أن الاعتراف بوجود المشكلة هو أول الطريق لوأدها. حتي قبل نحو اسبوع مضي, غير كثير من كان يعرف أين توجد مدينة الخصوص علي خريطة الوطن قبل أن تقع في بئر الفتنة علي الرغم من التصاقها بالعاصمة التي شهدت ميادينها أرقي وأنبل صور المواطنة, فمن كان الصليب يتدلي من عنقها أو من كان باطن يده يحمل صورة زرقاء له يمسك بزجاجة ماء ليتوضأ شقيقه في الميدان ليصلي وبعدها تتشابك الأيدي لتطوق أشقاء اختاروا أن يرسموا بيديهم صليبا علي صدورهم في بداية تضرعهم للعذراء.. ولم يكن هناك من بيننا من كان يتأذي من سماع أذان المسجد.. أو يبدي اعتراضا علي رنين أجراس الكنيسة!! ربما كان زلزال الثورة قد أحدث شقوقا في أرض الوطن ليخرج من باطنها منهج إقصاء الآخر وإعادة فرز الجميع بين مع أو ضد باعتبار أن ذلك هو أقصر الطرق لإتمام السيطرة والاستحواذ.. ويصبح الانتقاء فريضة حاضرة عند الأهل والعشيرة فمن يجرؤ علي مجرد رفع صوته بالاعتراض أو يقترب من قدس الأقداس' بالمقطم يصبح هدفا لمطاردات قانونية ومطالب بالقصاص والانتقام ويتحول إلي دائرة سوداء للتنشين باتهامات بتفجير الوطن ونثر أشلائه.. وبعدها يكون التجاهل مصير أي عدوان يقع علي الآخر وكأنهم مواطنون من الدرجة الثانية أو الثالثة وتفتح العدالة عينيها المعصوبتين لتفرق بين من يقف أمامها لتميل كفة ميزانها في النهاية لصالح العشيرة.. ويختفي أصبع مندوب الجماعة الرئاسي بعد أن كان مشهرا بالتهديد للغير ويتحول الصمت إلي قرار رئاسي!!. عشرات المئات من السنين عشنا إخوة وحد بيننا أذان المسجد وأجراس الكنيسة.. تقاسمنا الحلم.. تحملنا الانكسارات.. انتشينا بالانتصارات.. شعرنا بالإحباط.. عانينا من الهزيمة إلي أن ظهر بيننا من يمتطي جواد الدين ويشهر في وجوهنا سيف التقوي والورع وتوالت الفتاوي التي بذل من أطلقها جهدا واضحا في اختيار كلماتها التي تقيم جدارا سميكا بين شركاء الوطن دون أن يدري أن هناك من يتأثر' بخطابهم' الملتوي فيخرج شاهرا سيفه اعتقادا منه أنه يرفع لواء الدين ويعلي كلمة الحق دون أن يدري أنه قد أصبح- مثل الآخر الذي يواجهه- قربانا لمقعد تحت قبة البرلمان أو خطا في خريطة الاستحواذ والتمكين لنبدأ السير في أرض تتناثر فيها الأشواك التي تدمي أقدام من يطأها!! أصبحنا نعيش حاليا حالة من الاحتقان بين أبناء الوطن الواحد.. وأصبح الكل يتشكك في الكل اعتمادا علي فتوي أطلقها من لا يملك سوي كامل أدوات التدين الزائفة لحية وجلباب قصير وأحيانا حديث لم تتحقق صحته وتحولنا من مجتمع لم يكن يشغله اسم أو لقب الجار وديانته إلي مجتمع يرمق الآخر بنظرة شك تفتك به!! في النهاية فإن الخصوص أي خصوص فتنة لن تنتهي إلا إذا كسرنا حاجز الصمت والتجاهل وقدمنا كل من يشارك في إشعال نيران الغدرللمحاكمة سواء كان من الأهل والعشيرة أو من غيرهم.. وأوقفت مؤسسات الدولة إعمال الانتقاء وأصبح الكنيسة والأزهر مساويين لمقر الإرشاد في عيون الأمن وأعادت العدالة عصب عينيها.. دون أن يرتفع أصبع سفير الجماعة لدي قصر الاتحادية في وجوهنا!! [email protected] لمزيد من مقالات عبدالعظيم درويش