يقع وادي غياضة الشرقية في الجهة الشرقية من نهر النيل بمحافظة بني سويف ويشتمل علي عدة قري هي جبل النور, وبني خليل, وعزبتين هما محمد عويس ونزلة أبو النور, بالإضافة إلي نجع العرب والقرية الأم غياضة الشرقية نفسها وجميع هذه القري والنجوع متداخلة مع بعضها بشكل كبير بحيث تبدو كقرية واحدة تبلغ كثافة السكان في الوادي نحو7500 ألف نسمة يمتهن معظهم الزراعة موزعون علي قري ونجوع الوادي. يعيش سكان هذا الوادي محاصرين بالمعاناة حيث تعد قريتهم نموذجا لكل المشكلات بداية من تدهور المستوي المعيشي للسكان وانتهاء بالتلوث البيئي في أخطر أشكاله, وكذلك انعدام وسائل الرعاية الصحية فلو تحدثنا عن المستوي المعيشي للسكان فسنجد ان النشاط الاقتصادي الذي ظل مصدر اعتمادهم حتي عام1997 كان فلاحة الأراض الزراعية المستأجرة في الشريط الأخضر الضيق الموازي للنيل حيث كانت الأراضي المستأجرة تدر عليهم دخلا معقولا ومنها كانوا يحصلون علي حصص منتظمة من الحبوب والخضر لغذائهم وغذاء مواشيهم وطيورهم التي كانت بدورها مصدر الحليب واللحوم, بيد أن الأمر انقلب تماما بعد تنفيذ قانون الإيجارات الزراعية حيث صار الفلاحون مضطرين هم وأبناؤهم للعمل باليومية في كسارات ومحاجر الرخام لساعات طويلة معرضين أجسادهم للخطر جراء الأدخنة والاثقال التي يحملونها بالإضافة إلي النقص الحاد في الغذاء, والاجر المتدني وساعات عمل طويلة ومجهدة سواء بالنسبة للبالغين أو للأطفال الصغار. يذكر معظم الفلاحين الذين التقينا بهم ان خفض النفقات إلي حدودها الدنيا يتطلب ذلك الاعتماد علي أنواع محددة من الطعام كالفول, والجبن, والباذنجان وخفض عدد الوجبات إلي وجبهتين والنوم مبكرا لتجنب الشعور بالجوع, ومن الوسائل التي يرونها ناجحة في التأقلم مع وضعهم الجديد التوقف عن الانفاق عي العلاج إلا في الحالات ذات الخطورة القصوي مثل حالات الحروث والإصابات القاتلة في البطن أو الرأس.أما بالنسبة للرعاية الصحية بالقرية فلا يوجد بقرية جبل النور أي وحدات صحية أو حتي مستشفيات حكومية أو مستوصفات أو عيادات خاصة والشخص الذي يصيبه المرض أو يحتاج إلي المعونة الطبية لايجد أمامه إلا مدينة بني سيف التي تبعد17 كم عن القرية ولاتوجد وسائل مواطلات أو اتصالات يتم من خلالها نقل المريض إلا العربات النصف نقل التي يملكها واحد أو اثنان من الأهالي أو عربات النقل الكبيرة في أثناء مرورها بطريق القاهرة الصعيد الصحراوي متجها إلي بني سويف, وهي رحلة تستغرق في الأحوال العادية مايزيد علي نصف ساعة عبر مجري النيل. اما عن مشروعات البنية الأساسية فلا يوجد في قري وادي غياضة أي مشاريع للصرف الصحي حيث يعتمد السكان علي خزانات صرف خاصة في المنازل أو دورات المياه وهي خزانات متهالكة, وتعتمد علي اساليب بدائية, حيث يتم تفريغها عن طريق عربة الكسح التي تفرغها بدورها في مياه النيل أو في الخلاء, مما يعد مرتعا للحشرات والتسمم والأمراض, وفي أحيان أخري تتسرب مياه الصرف إلي المياه الجوفية فتختلط بها, مما يؤدي إلي الأمراض الخطيرة.