حملت انتصار بطاقتها الذكية وتوجهت بها إلي بقال الحي الذي تقطن فيه لتصرف تموين الشهر كالعادة, ففوجئت به يقول لها مفيش رز الشهر ده ياحاجة.. ولهول المفاجأة لم تستطع النطق ولو علي سبيل الاستفسار عن غياب الأرز بل سرحت بذهنها في أبنائها الأربعة, أكبرهم في الثلاثين ومازال يقف في طابور البطالة الممتد, وأصغرهم مازال يدرس في الجامعة, ويعتمدون إعتمادا كليا في غذائهم علي شوية الرز علي حد تعبيرها.. انتهي المشهد مع انتصار.. ولكنه تكرر مع أمهات أخريات في مختلف محافظات الجمهورية بغياب سلع أخري أيضا كالسكر والمكرونة وأحيانا الأرز!وللتعرف علي أبعاد المشكلة ومدي تأثير نقص هذه السلع المدعمة علي الأسرة المصرية التي تحتاج لهذا الدعم, بل هي في أمس الحاجة إليه, ودور الدولة تجاه ذلك كان هذا التحقيق: في البداية تنفي الحاجة معتزة- كما ينادونها- صاحبة محل بقالة مسئولية محلات البقالة تجاه نقص السلع التموينية وتلقي بالمسؤلية علي قطاع الرقابة والتوزيع ومباحث التموين, فهاتان الجهتان هما المسئولتان عن توزيع ورقابة السلع المدعمة والسلع التي يتم توزيعها علي بطاقة التموين, حيث تأتي السلعة إلينا ودورنا أن نوزعها من خلال البطاقة الذكية, ولانجرؤ أن نخفي أي سلعة لأن مباحث التموين تركز في رقابتها دائما علي السلع التموينية, وفي الشهور الأخيرة تصل إلينا السلع التموينية ناقصة سلعة أوسلعتين ونضطر نقول للمواطن تعالي كمان يومينثلاثة ويأتي, ولكن للأسف لم تأت السلعة! وهناك من المواطنين من يرفضون تسلم سلعة معينة لرداءتها علي أمل أن يأتوا في وقت لاحق تكون السلعة الجيدة قد وصلت المحل ولكن ذلك لا يحدث بالطبع!وبالاستفسار من مصدر مسئول بوزارة التموين- رفض ذكر اسمه- عن سبب نقص السلع التموينية في الأسواق قال: ليس هناك أي نقص في السلع التموينية ويتم صرفها بنسبة كاملة. الرقابة الشعبية ويبرر مسئول وزارة التموين بعض حالات نقص هذه السلع قائلا: بعض المواطنين يتكاسلون في الصرف حتي آخر الشهر, وتكون السلعة نفدت ولم يكن مسموحا لها بالمد, وهنا تنتج المشكلة حيث يستعد التاجر للصرف الجديد.وماذا عن دور حماية المستهلك؟يقول عاطف يعقوب رئيس جهاز حماية المستهلك التابع لوزارة التموين ان الجهاز متحدث باسم المواطن الذي لايأخذ حقه مع أي جهة رقابية ومسئولة عن توزيع السلع التموينية, مع العمل علي رفع قدرات الجمعيات الأهلية لحماية المستهلك بحيث يكون لها دور فعال داخل المجتمع في الرقابة علي الأسواق تحت شعار ليك حق, وفي جهاز حماية المستهلك أيضا قمنا بتشكيل لجنة عليا تحت مسمي مراقبة الاسواق ومكافحة وفحص الشكاوي وتخصيص خطين ساخنين رقمهما19588,19468 للإبلاغ عن أي شكوي تختص بالمواد التموينية سواء كانت لنقص السلعة أو عدم جودتها, فنحن في الجهاز نشكل منظومة رقابية مكونة من كافة الأجهزة الرقابية لأنه من المفترض بعد ثورة25 ينايرأن يحصل المواطنون علي السلع التموينية بكرامة لأن هذا حقهم والدولة لا تجبي عليهم, وأناشد أي مواطن لديه مشكلة في الحصول علي حقه في هذه السلع يتصل علي هذين الخطين. النسيج الاجتماعي أما عن مدي تأثير نقص هذه السلع التموينية علي الأسرة المصرية والتي هي في أمس الحاجة إلي هذه السلع المدعومة من الدولة, يقول د رشاد عبد اللطيف استاذ تنظيم المجتمع بكلية الخدمة الاجتماعية جامعة حلوان: الأسر الفقيرة مهمشة ومستبعدة اجتماعيا رغم أنها تمثل60% من المجتمع المصري, ونقص هذه السلع قد يؤدي بها إلي الشعور بالظلم وبالغبن من المجتمع, وأيضا زيادة مظاهر العنف والجريمة للحصول علي مايمكنهم من شراء سلع بديلة, وانتظار أي موقف يجدون فيه وسيلة لتدمير المجتمع ويخرجون بدون تفكير.. وبالنسبة للأطفال في الأسرة فيؤدي إلي سوء التغذية وزيادة ظاهرة أطفال الشوارع للحصول علي مكسب أو القيام بعمل لمساعدة الأسرة.. كما أن نقص هذه السلع له تأثير علي النسيج الاجتماعي ككل يتمثل في زيادة الصراع بين الاغنياء والفقراء, وافتقاد ظاهرة الانتماء وحب المجتمع. وماذا عن واجب الدولة الاجتماعي تجاه ذلك؟.. قال: العودة إلي المجمعات الاستهلاكية القديمة لعرض هذه السلع بأسعار رخيصة وتكون تحت رقابة شعبية وتموينية صارمة, وصرف كوبونات للأسر الفقيرة تحصل بها علي السلع التموينية بنصف الثمن أو ربعه حسب, الحالة الاقتصادية للأسرة.. ومطلوب من ولي أمر المجتمع تحقيق العدالة الاجتماعية برفع الحد الأدني للأجور وتحديد الحد الأقصي حتي يمكن الاستفادة من هذه المرتبات العالية لمساعدة أصحاب الدخول البسيطة, وألا يقل دخل كل أسرة فقيرة عن ألف جنيه, أن يدرك متخذ القرار أن حماية الأسر الضعيفة الفقيرة هي حماية للمجتمع بأكمله.