اخترع الشعب المصري كلمة الحضارة بكل معانيها فأصبح الكثيرون يقلدون الحضارة المصرية في كل شئ, هذا ما دفع الباحثة الاثرية الدكتورة انجي فايد الي دراسة أثر الحضارة المصرية في الحضارتين اليونانية والرومانية حيث أوضحت بالادلة العلمية مجمل التواجد المصري في الحضارة اليونانية والرومانية من خلال دراسة العمارة والنحت في العصريين اليوناني والروماني.وترجع اسباب ولع هذه الحضارات بالحضارة المصرية القديمة ألي نظرتهم الي حضارة مصر علي انها نموذج يحتذي به ليس لانها الاقدم فقط ولكن لجدارتها وتفوقها واسبقيتها في التوصل الي اسرار البناء والتشييد.. وتقول انجي فايد: مصر لها شخصية واضحة من الصعب تقليدها والشخصية المصرية من الصعب التأثير فيها وستظل محتفظة بتفاصيلها المختلفة حتي اخر الدهر وتتناول الدراسة التعبير عن مصر في الفنون المختلفة من العمارة الي النحت ثم فن الرسم والفيسفاء, وصولا الي العملة والفنون الصغري, فالوجود المصري في الحضارتين اليونانية والرومانية بات واضحا منذ القرن الثالث ق.م عندما زار الاسكندر الاكبر مقبرة امون بسيوة خاصة انه عندما دخل مصر تفاعل معها من منطلق ديني بحت مما ساعد علي انتشار الالهة المصرية بالحضارة اليونانية, وانتشرت واندمجت بهذه الحضارات العريقة وهذا ما أكدته الباحثة التي لم تغفل الربط بين فترة عصر الاستشراق في تاريخ الفن الاغريقي والاتصال المباشر بين الاغريق والحضارة المصرية من خلال النشاط التجاري عندما تحرك الاغريق في هجرات استيطانية الي الشرق. فعندما شاهد الاغريق المباني المصرية الضخمة جعلوا منها مرجعية لحل المشكلات التقنية والفنية التي تنشأ أثناء اعمال البناء. فمصر حضارة تؤثر ولا تتأثر بأحد.والدليل أن الفرس احتلوا مصر ولكن لم نتاثر بهم, وايضا اليونانيون جاءوا الي مصر وقلدوا مصر في طرق الدفن والموميات لكي يختلطوا بالمصريين القدماء. وحسب الباحثة الاثرية: كل حضارة نظرت الي مصر بنظرة مختلفة عن مثيلاتها, فاليونانيون نظروا لمصر علي انها منجم ثقافي وعلمي غني وقلدوا الحضارة المصرية عن حب وعشق, وهناك من نظر لها علي انها مورد اقتصادي واستعماري مثل الرومان وهو ما فعله الانجليز في التاريخ الحديث. وتضيف: كثيرا ما كانت فكرة الخلود بعد الموت تشغل المصري القديم وتحتل اهمية قصوي,ومن هنا جاء اعجاز الاهرامات والذي يكمن في الحجارة وكيفية نقلها من الجنوب الي الجيزة, لذلك كانت فكرة تشييد المقبرة لمنع اي محاولة للعبث بمحتوياتها. وهناك ابداع داخل المقابر واعجاز الحضارة المصرية القديمة كله اعتمد علي المصري القديم والثقة في قدراته علي انجاز الاعمال وهذا لا يعتبر من السخرة كما يشاع عن اجدادنا القدماء, ولكن كان استغلالا صحيحا لقدرات الانسان المصري. وتري الباحثة ان الدافع لمحاكاة هذا النوع من المقابر هو الرغبة في الحياة الابدية حيث توجد عدة مقابر رومانية اتخذت الشكل الهرمي مثل هرم فاليكون ومقبرة كستيوس المعاصر وهي المقبرة التي تعد تعبيرا واضحا عن مصر رغم الحملة السياسية ضد مصر في ذلك الوقت. اوروبا تعشق الحضارة المصرية القديمة. حيث اكدت الباحثة ولع الاوروبيين بالمصريات وهذا مثبت من مجلدات غربية تدعيEgyptominia وهي مجلدات تتحدث عن أهم المعالم الحضارية للقرون المصرية القديمة وتطبع كل سنتين او ثلاث,وووجود المسلات في أوربا والمتاحف التي تعج بالاثار المصرية التي نقلت اليها خلال القرنين الثامن عشر والتاسع عشر الميلاديين تشكل حالة خاصة حيث انها دليل واضح علي وجود مصر في نظر العالم, وكانت تعني ايضا فخامة البناء واهميته, حتي لجا بعض الاباطرة إلي نحت مسلات جديدة لينقشوا عليها انجازاتهم كما فعل المصريون. أما الرسوم الجدارية التي عرفها الرومان فهي متأثرة بالبيئة المصرية وقد تطرقت الدراسة للوحتين شهيرتين وهما لوحتا الطقوس الايزيسية من هيركولانوم ولوحة كانوبوس من بومبي, و هو ما يعني ان المدن الرومانية كانت تتمسك بالطقوس وعناصر البيئة المصرية. وبالنسبة لفن الفيسفاء فقد اظهر ولع بمصر امتد الي العملة, فمصر هي ايزيس, وهي طائر الايبس, وسنابل القمح, تلك الصور والرموز التي حملتها العملات الرومانية المعبرة عن الاختيار الروماني لرموز مصر. وبعيدا عن كنوز مصر الحضارية والاثرية, حرصت الباحثة علي توجيه رسالة تفيد بعظمة مصر وتأثيرها علي الغرب فنا وحضارة. وكل باحث للاثار المصرية عليه ان يحدث طفرة في الوعي الاثري كما يجب علي وزارة التربية والتعليم ان تتبني في مناهجها القيام بهذا الدور التثقيفي العظيم.