الفن قديم قدم الإنسانية نفسها، والإنسان القديم في الحضارات الكبري عبر عن ذاته من خلال الفن، وظهر ذلك واضحا جليا في حضارة مصر القديمة وحضارة العراق القديم، وحضارة بلاد الإغريق وغيرها من الحضارات القديمة كالحضارة الرومانية/ البيزنطية والحضارة الإيرانية، والحضارة الحيثية وحضارة بلاد الشام وأيضا الحضارة القبرصية.. وحول هذه الفنون قرأت كتابا ممتعا لعالمنا الكبير الدكتور علي رضوان عميد كلية الآثار الأسبق بعنوان (تاريخ الفن في العالم القديم) عن دار الحريري للطباعة، وهو مزود بمئات اللوحات الفنية التي تمثل مختلف الحضارات، ويري المؤلف الكبير أن تاريخ الفن من العلوم الحديثة التي ارتبطت من حيث النشأة بكافة علوم الآثار وغيرها من الدراسات التي اهتمت بمختلف مجالات الفنون التشكيلية، وقد أخذ في التطور والتميز كدراسة مستقلة منذ نهاية القرن الثامن عشر.. وكانت البداية مع أيام العصور اليونانية الرومانية، عندما ظهر عند بعض طوائف المثقفين من المؤرخين ميل ملحوظ إلي محاولة تناول أعمال الفن المختلفة بالوصف والتحليل والتعليق بهدف الوصول إلي أحسن وأفضل درجات التعريف بها عن طريق إعطاء المعلومات عنها وبالتالي تسليط الضوء عليها. ويضرب أمثلة علي ذلك من خلال ما سطره بعض المؤرخين في مختلف العصور، ويري أن هناك تفرقة بين الفنون الجميلة والفنون التشكيلية، كذلك فإن من الأمور المتعارف عليها أن الحضارات القديمة بصفة عامة والكلاسيكية (اليونانية الرومانية) بصفة خاصة قد تميزت بتعدد وتنوع ومن ثم تباين عطائها في مجالات الفنون التشكيلية. وبعد أن يبحر بنا المؤلف الدكتور علي رضوان عبر هذه الأجواء الفنية في مختلف أنحاء العالم القديم، منذ بدايات هذه الفنون حتي رسوخها، يتوقف بنا عبر عظمة عطاء الحضارة المصرية القديمة، ويقدم لنا مجموعة من الأعمال الخالدة التي يضمها المتحف المصري، باعتباره المدرسة الكبري في تاريخ الفن المصري القديم ويقدمها بقوله: هذه مجموعة متنوعة من الأعمال الفنية التي تنتمي إلي عهود وحقب متتالية من التاريخ المصري القديم، والتي فيها تعبير صادق عن مراحل التطور، وخصوصية الطابع، واستمرارية الأساليب، ورسوخ العقيدة والتطلع إلي الخلود. والكتاب متعة فنية وذهنية لكل من يريد أن يعرف عطاء الحضارة المصرية القديمة وما تركته من آثار لا تموت.