الناس إزاء الوقت فريقان.. فريق يضيق بالوقت, ويعتبره عدوا ينبغي التغلب عليه, إذ يقول أحدهم لأصحابه وهو يدعو إلي لعب الطاولة أو الكوتشينة تعالو نقتل الوقت!! وهو يستثقل الوقت عموما ويعتبره طويلا, لا يعرف كيف يتصرف فيه, ولا يوجد شئ يشغله إلا اللهو واللعب.. وهو زهقان علي طول الخط! وفريق آخر يجد الوقت محدودا ولا يتسع لما يرغب في إنجازه أو القيام به, ولذلك فهو يحرص عليه كل الحرص, ويتوخي أن يستفيد بكل جزء منه فيما هو بصدده وهو يعتبر أن الوقت أهم ما لديه, سواء لأموره الدنيوية أو لأمر الآخرة فالنسبة للدنيا فهو في حاجة إلي الوقت كي ينجز مشروعاته ويحقق طموحاته, وبالنسبة للآخرة هو في حاجة إلي الوقت لكي يثقل ميزان حسناته بالأعمال الصالحة, ومنها اسداء الخير للناس, وللعبادة, وبخاصة في أوقات الليل التي يستحب فيها الاستغفار والدعاء, وهي وقت السحر وبالأسحار هم يستغفرون. وفي أموالهم حق للسائل والمحروم( الذاريات 81 - 91 ). إنهما فريقان متناقضان تماما. فريق يريد أن يقتل الوقت, وفريق يحرص علي الوقت حرصه علي الحياه.. سبحان الله..الفريق الذي يحرص علي الوقت يضيع هدرا أو يتبدد في غير طائل, تجده غزير الإنتاج.. كل في مجاله,, الصانع أو الطبيب أو المهندس أو المؤلف أو العالم أو الباحث.. والفريق الآخر تجده خاليا من الموهبة, إن كانت لديه الموهبة أصلا أضاعها, ولم يستفد منها حتي أنه لم يتعرف عليها, وبالتالي لم يصقلها.. الإنسان الحريص علي الوقت تجده جادا معظم الوقت, والآخر تجده هازلا أكثر الوقت لايأخذ الامور علي محمل الجد وكل مايشغل باله هو مايضيع الوقت وهو لا يشغل باله بأمر الأخرة ولا بمصيره فيها, ولا يحب أن يذكرها أو يتحدث عنها أو يسمع بها. هذا ثقيل عليه( وربنا غفور رحيم) فليس مطلوبا منه أن يعمل شيئا أو يمتنع عن فعل شيء مادام أن الله غفور رحيم(!) نحن لم نخلق عبثا أو لغير غاية, والله تعالي يؤكد هذا المعني أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون. فتعالي الله الملك الحق لا إله إلاهو رب العرش الكريم( المؤمنون115 116).. والعمل والسعي هو الذي يعطي للحياة معني, وأهل الجنة يفرحون بأنهم سعوا لدخولها, وأنهم دخلوها بسعيهم وبرحمة ربهموجوه يومئذ ناعمة. لسعيها راضية. في جنة عالية(الغاشية8 10) فالغاية من خلقنا ووجودنا المؤقت علي ظهر الأرض أن نسعي فيها وأن نختبر.. من منا يستحق دخول الجنة, ومن منا يستحق دخول النار.. فالوقت المتاح لنا علي ظهر الأرض هو حياتنا الدنيا, وإن أضعناه ضعنا. ضياعا لا رجعة فيه.. فلنغتنم حياتنا بأيامها ولياليها في طاعة الله وعمل الصالحات حتي نأمل أن ينجينا ربنا من النار ويدخلنا الجنة كل نفس ذائقة الموت وإنما توفون أجوركم يوم القيامة فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور( آل عمران185) ومتاع الغرور هو المتاع الزائف والزائل في الوقت نفس.