هل يشعر المتوفي بزائريه علي المقابر؟ وهل هناك فرق بين الدعاء للميت من أمام القبر عنه من مكان آخر؟ الدكتور حلمي عبد الرءوف, الأستاذ بجامعة الأزهر: نعم, يشعر الأموات بالأحياء, فالرسول صلي الله عليه وسلم يقول فيما رواه عنه الحافظ بن عبد البر عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: ما من مسلم يمر بقبر أخيه كان يعرفه في الدنيا فيسلم عليه إلا رد الله عليه روحه حتي يرد عليه السلام, والحديث وإن كان به ضعف, إلا أنه يقوي بغيره من الأحاديث, من ذلك ما رواه الإمام مسلم في صحيحه عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلي الله عليه وسلم ترك قتلي بدر ثلاثا ثم أتاهم فقام عليهم فناداهم, فقال:'' يا أبا جهل بن هشام, ياأمية بن خلف, يا عتبة بن ربيعة, أليس قد وجدتم ما وعدكم ربكم حقا, فإني قد وجدت ما وعدني ربي حقا''.. فسمع عمر رضي الله عنه فقال: يارسول الله كيف نسمع وأني يجيبون وقد جيفوا؟ قال: والذي نفسي بيده ما أنت بأسمع لما أقول منهم, ولكنهم لا يقدرون أن يجيبوا, ثم أمر بهم فسحبوا فألقوا في قليب بدر( أي بئر بدر). ومما يؤكد أن الميت يشعر بزائريه أن الرسول صلي الله عليه وسلم أمر عند دفن الجنازة أن يقف الناس عند قبر المتوفي مقدار ذبح شاة وسلخها( أي نحو نصف ساعة تقريبا) حتي يستأنس بهم الميت.
كما أمر صلي الله عليه وسلم بزيارة القبور بشكل عام, وكان عندمايقف عند القبور يقول: السلام عليكم دار قوم مؤمنين أنتم السابقون وإنا إن شاء الله بكم لاحقون نسأل الله لنا ولكم العافية. وهذا الخطاب لابد أن يكون لمن يستمع إليه وإلا كان خطابا عبثا, هذا بالإضافة إلي أن بعض الأحاديث النبوية ذكرت أن الأموات يعلمون أخبار الأحياء, فإذا علموا أنهم بخير حمدوا الله وإذا علموا غير ذلك دعوا الله لهم. أما عن الدعاء للمتوفي علي القبر أو من مكان آخر, فلا فرق في الأجر, فما يصل للمتوفي من دعاء ذويه له عند القبر يصله من أي مكان بإذن الله, فليس شرطا أن يوجد الداعي أمام قبر المتوفي, لكن المهم مراعاة شروط وآداب الدعاء والتماس أوقات وأماكن الاستجابة, بصرف النظر عما إذا كان ذلك في محيط رفات الميت أولا. لكن ربما استحضرت وحشة القبر في النفس أهوال يوم القيامة ودعا ذلك إلي الإخلاص في الدعاء علي المقابر, فحينئذ يكون الدعاء مقرونا بالزيارة أجدي من الدعاء المجرد, لما لذلك من أثر في الزائر ومردود علي المتوفي.