أسئلة كثيرة وردت إلي "المساء الديني" يسأل أصحابها عما يفيدهم في أمور الدين والدنيا عرضناها علي فضلية الشيخ عبدالحفيظ الغزالي كبير الأئمة بمسجد الفتح بميدان رمسيس بالقاهرة فكانت إجاباته كالتالي: * يسأل مصطفي السيد قائلا: هل من الواجب عليِّ الذهاب للاستفتاء علي الدستور؟ ** يقول الله تعالي: "ولا تكتموا الشهادة. ومن يكتمها فإنه آثم قلبه" لذلك يجب عليك الذهاب للإدلاء بالشهادة والتعبير عن رأيك سواء ب"نعم" أو "لا" بشرط أن تعرف لماذا تقول نعم للدستور. وماذا يترتب علي قولك "لا" وعليك عدم الاستماع للإشاعات والآراء المغرضة التي ليس لها هدف سوي إثارة الفتنة والبلبلة وإشاعة الفوضي حتي تكون مقتنعاً تماما بما تقول. الأحزاب * يسأل محمد مشعل: ما حكم الدين في الاشتراك في الأحزاب رغم أن هناك حديثاً يمنع من التحزب والفرقة؟ ** تنوع الآراء دلالة صحيحة ومعتمدة في الشرع. وقد كان صلي الله عليه وسلم يأخذ برأي بعض صحابته. والمدارس والأحزاب والآراء المتفقة علي مرجعية واحدة وهي عدم الخروج عن طاعة الله تعالي وسنة النبي - صلي الله عليه وسلم - فمشروعة. ولا مانع من انتمائك إلي أي حزب بشرط ان تكون مبادئه في اطار الشرع والدين وألا يعادي الحزب احزابا أخري تتفق علي مصلحة الشعب وبناء الوطن. فقد قال صلي الله عليه وسلم لفريقين يتسابقان: "أنا معكما". لأنه عندما انضم لفريق توقف الفريق الآخر. * تسأل مها. ع: أنا امرأة متزوجة وموظفة وأساعد أهلي ببعض المال من راتبي دون علم زوجي. فهو لا يريدني أن أساعدهم. وإذا علم يتشاجر معي أو يطلقني. ويقول: إذا أعطيت أهلك شيئاً من مالك دون علمي فهو حرام. ولن أسامحك أمام الله فهل يجوز شرعاً أن أعطيهم من مالي الخاص دون علمه؟ وهل له الحق في منعي من ذلك؟ ** ليس له أن يمنعك من ذلك. وأنت وحدك صاحبة الحق في التصرف بمالك. ولك ان تعطي منه وتنفقي في حدود المباح كما تشاءين. ولو أقنعت زوجك بإعطاء أهلك إن أردت ان تعطيهم فهو أفضل ولا يجب عليك ذلك. ولك أن تعطيهم دون علمه. * تسأل إيمان زيدان: هل بالفعل البيت الذي يقتل به شخص تسكنه العفاريت. وهل قراءة القرآن الكريم به مدة من الوقت يمحو هذه العفاريت؟ ** ليس ذلك بصحيح. وأعلمي بأن البيت الذي يقرأ فيه القرآن لايقربه جان بإذن الله سبحانه وتعالي. فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: "لا تجعلوا بيوتكم مقابر. وإن الشيطان ينفر من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة. وعن أبي هريرة رضي الله عنه ايضا قال: "وكلني رسول الله بحفظ زكاة رمضان فآتاني آت. فجعل يحثو من الطعام. فآخذته فقلت لأرفعنك إلي رسول الله صلي الله عليه وسلم فقال: أعلمك كلمات ينفعك الله بهن. قلت: ماهي؟ قال: إذا آويت إلي فراشك فاقرأ هذه الآية: "الله لا إله إلا هو الحي القيوم" حتي ختم الآية فإنه لن يزال عليك حافظ من الله تعالي ولا يقربك شيطان حتي تصبح. فقال النبي صلي الله عليه وسلم: "ما فعل أسيرك الليلة؟" قلت يارسول الله علمني شيئاً زعم أن الله تعالي ينفعني به. قال: وماهو؟ قال: أمرني أن أقرأ آية الكرسي إذا آويت إلي فراشي. زعم أنه لا يقربني حتي أصبح. ولايزال عليَّ من الله تعالي حافظ. فقال النبي صلي الله عليه وسلم: "أما إنه قد صدقك وهو كذوب. ذاك الشيطان". * يسأل أحمد إدريس قائلا: هل الفقر قدر أم كسل؟ ** جميع ما يحصل في الكون يحصل بقضاء الله وقدره. ومن ذلك الرزق. قال الله تعالي: "إنا كل شيء خلقناه بقدر" وقال تعالي: "نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا". وأخرج الإمام مسلم في صحيحه عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال: حدثنا رسول الله - صلي الله عليه وسلم وهو الصادق المصدوق: "إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوماً. ثم يكون في ذلك علقة مثل ذلك. ثم يكون في ذلك مضغة مثل ذلك. ثم يرسل الملك فينفخ فيه الروح ويؤمر بأربع كلمات: يكتب "رزقه. وأجله. وعمله. وشقي أو سعيد". فكل شيء كتبه الله تعالي وقدره وسبق علمه به. وعبدنا الله تعالي في السعي والتكسب فقال تعالي: "هو الذي جعل لكم الأرض ذلولا فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور". والرزق مكتوب للعبد ومقدر له. لكن علي العبد أن يسعي في كسبه له بالطرق المشروعة المتاحة له. لقوله تعالي: "وقل أعملوا فسيري الله عملكم ورسوله والمؤمنون وستردون إلي عالم الغيب والشهادة فينبئكم بماكنتم تعملون". والاعتقاد بأن الرزق مقدر لا يعني ترك الأسباب والسعي في تحصيل الرزق. فيجب علي المسلم أن يأخذ بالاسباب. لكن دون الاعتماد عليها وحدها. يقول تعالي واصفا عباده المتقين: "وآخرون يضربون في الأرض يبتغون من فضل الله" لكن عليه أن يتبع الطريق الحلال للحصول عليه. فعن أبي أمامه رضي الله عنه. أن رسول الله صي الله عليه وسلم قال: "نفث روح القدس في روعي أن نفسا لن تخرج من الدنيا حتي تستكمل أجلها وتستوعب رزقها. فأجملوا في الطلب. ولا يحملنكم استبطاء الرزق أن تطلبوه بمعصية الله. فإن الله لا ينال ما عنده إلا بطاعته". * يسأل يسري الملاح قائلا: قامه أخي باستخارة علي عمل ما. وبعد تردد طويل. ودعاء كثير واستشارات عدة. واستخارة متكررة قرر تركه وبعده لم يجد عملا آخر. هل يجوز الندم بعد الاستخارة؟ ** علي شقيقك أن يكل الأمر بعد الاستخارة إلي الله تعالي وهو ييسر له ما فيه الخير. وبما ان الله تعالي يسر له عدم العمل في هذا المكان فليعلم أن الخير في هذا الاختيار. فليقطع الندم لأن الله تعالي هو الحكيم وهو الخبير العليم. البرزخ * يسأل تامر فهمي قائلا: هل الميت في الحياة البرزخية يري أهله في الدنيا ويحس بهم؟ ** جاء أن الميت يشعر بمن يزوره وهو في قبره. فقد ورد عن النبي - صلي الله عليه وسلم - أنه قال: "ما من أحد مر بقبرأخيه المؤمن الذي كان يعرفه في الدنيا. فسلم عليه إلا عرفه ورد عليه السلام". كما ورد عنه صلي الله عليه وسلم "أنه أمر بقتلي بدر. فألقوا في قليب. ثم جاء حتي وقف عليهم وناداهم بأسمائهم: يافلان بن فلان. ويافلان بن فلان. هل وجدتم ما وعدكم ربكم حقا. فإني وجدت ماوعدني ربي حقا". فقال له عمر رضي الله عنه: "يارسول الله. ما تخاطب من أقوام قد جيفوا". قال عليه الصلاة والسلام: "والذي بعثني بالحق. ما أنتم بأسمع لما أقول منهم. ولكنهم لا يستطيعون جوابا". وورد عن النبي صلي الله عليه وسلم أنه قال: "إن العبد إذا وضع في قبره وتولي عنه أصحابه وانه ليسمع قرع نعالهم" ولهذا أمر النبي صلي الله عليه وسلم بالسلام علي الموتي. حيث جاء أنه صلي الله عليه وسلم كان يعلمه أصحابه إذا زاروا القبور أن يقولوا: "السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين. وإنا إن شاء الله بكم لاحقون". قال ابن القيم: وهذا خطاب لمن يسمع ويعقل. ولولا ذلك لكان هذا الخطاب بمنزلة خطاب المعدوم والجماد. والسلف مجمعون علي هذا. وقد تواردت الآثار بأن الميت يعرف زيارة الحي له ويستبشر به. وجاء في فتاوي العز بن عبدالسلام: والظاهر أن الميت يعرف الزائر. لأننا أمرنا بالسلام عليهم والشرع لا يأمر بخطاب من لا يسمع. * يسأل أشرف عبدالعاطي قائلا أصلي وأصوم وحججت إلي بيت الله الحرام. ودائما أحرص علي الطاعات وأتصدق لوجه الله تعالي. وفجأة حدثت لي مصيبه. فهل هذه تكون اختباراً لي. مع العلم بأنني لم أرتكب الكبائر إلا بعض الصغائر؟ ** إذا كان المرء ملتزماً بالشرع الحنيف. فما يصيبه من بلاء يعد رفعة له في الدرجات ومثقلا لميزان حسناته. أما إن كان مرتكباً للمعاصي مقصراً في جنب الله مفرطاً في دينه فقد تكون المصائب التي يبتلي بها تنبيهاً له من الله تعالي ليتوب ويرجع قبل فوات الأوان. فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: "إذا أراد الله بعبده الخير عجل له العقوبة في الدنيا. وإذا أراد الله بعبده الشر أمسك عنه بذنبه حتي يوافي به يوم القيامة". وعن النبي صلي الله عليه وسلم قال: "إن عظم الجزاء من عظم البلاء. وإن لله إذا أحب قوماً ابتلاهم فمن رضي فله الرضا. ومن سخط فله السخط". وعلي المرء عند حلول المصائب أن يعلم أنها ابتلاء من الله تعالي. يكفر بها عن السيئات ويرفع بها الدرجات. فيكون ذلك دافعاً له للصبر عليها. والرضا عن الله تعالي بها. فلا يسخط ولا يجزع. فإنه الرابع علي جميع الاحتمالات ان هو صبر واحتسب. فقد أخرج البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه. عن النبي - صلي الله عليه وسلم قال: "ما يصيب المسلم من نصب ولا وصب. ولا هم ولا حزن. ولا أذي ولا غم. حتي الشوكة يشاكها. إلا كفر الله بها من خطاياه". وعليك أن تعلم أن الصغائر محرمة شرعاً وشارع بالتوبة الصادقة النصوح التي يتبعها عمل صالح تمحي به الذنوب يقول تعالي: "إلا من تاب وآمن وعمهل عملا صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفوراً رحيما". ويتم تطبيق ذلك عمليا بالبعد عن أسباب المعصية ذاتها. ثم الانشغال بطاعة الله سبحانه وتعالي ومراقبته وكثرة الذكرله. والتذكر الدائم للموت.