تابعت تصرفات إحدي قريباتي المتزوجة حديثا وهي جامعية تخصص طفولة وربة منزل,وزوجها يعمل من الصباح حتي آذان العصر, ثم يعود لأسرته وهو بكل المقاييس زوج مثالي. وكانت الفتيات تلهث وراءه بجنون للزواج منه, وبخاصة أنه كان رياضيا ذا أكتاف عريضة وعضلات بارزة وصدر عال وشعر كثيف علي كل جسمه, بالإضافة لوجه سمح جميل مثل البدر, وشعر رأس مثل الحرير, إلا أنه كان قد تأخر حمل الزوجة بعد الزواج عددا من السنوات, فاضطرت الزوجة للعلاج إلي أن رزقا بالطفل الأول, وكان شأنه شأن كل الأطفال, فقد حرم أمه في الأيام الأولي من النوم بصراخه وعويله, حتي يرضع, فلا يلبث أن ينام ساعتين ليعاود الصراخ ليرضع مرة أحري, فوجدنا الأم تنهار, وترمي ابنها وتقول موش عاوزاه أنا اتجننت من قلة النوم ولو دخل معايا سأقتله أنا كل مابشوفه يجيلي خيال أن أروح أجيب السكين وأذبحه, فأخرج من الغرفة حتي أهدأ, وهكذا تربي الولد وقد أهملته أمه خوفا من التطاول عليه, وإيذائه, فكانت تتركه يصرخ ساعات طويلة في غرفة مغلقة حتي لا تسمعه, وفطمته مبكرا جدا رغم توافر لبن الرضاعة عندها, وكانت تقضي كل وقتها علي الانترنت لدرجة أن زوجها كان يعود من عمله فيدخل المطبخ ويأكل عيشا وجبنا وينام ساعة علي السرير غير المرتب منذ الصباح ثم يستيقظ ويدخل هو المطبخ يطبخ للعشاء وزوجته جالسة علي النت, وهكذا ظل الطفل معزولا عن العالم يتواصل مع الآخرين بالصراخ مثل القردة, لأن أحدا لم يعلمه الكلام ولا حسن السلوك, حتي وصل إلي سن ثلاث سنوات, وكان لايزال يلبس الحفاضات, ولم يتعلم الذهاب للتواليت, ثم أرسله والده لمدرسة أجنبية راقية جدا وغالية, وبعد اسبوع واحد أعادوه لأسرته وقرروا أنه مصاب بالتوحد, ولا يصلح للمدرسة, وبالفعل قمت بالواجب معهما وذهبت مع الأم والولد لطبيب توحد فقرر له جلسات تعليم وتواصل وسلوك وحركة وانضباط وأرسلوه لمدرسة فيها فصل للحالات الخاصة تابعة لنفس العيادة, وكانوا يعلمونه الكلام والتواصل والحركة والانضباط, وهو ما كان يجب أن تفعله الأم الطبيعية في تربيته, وكانت النتيجة أن تقدم الولد وأصبح مثل البني آدمين في خلال شهر واحد, ولكن الطبيب نصحنا بأن يستمر حضور الجلسات التعليمية لمدة ثلاثة أشهر متواصلة, وإلا سينتكس لو عاد لحياته الأولي, ويبقي أن تعرفوا أن تكاليف العلاج وصلت إلي63 ألف جنيه, والذي لايعرفه الناس أنهم يظنون أن مرض التوحد هو عيب خلقي في الطفل, وانه بالضرورة إعاقة عقلية, أي خلل في تكوين العقل, ولقد شاهدت في عيادة الطبيب فعلا أطفالا معاقين ولكني شاهدت أطفالا غير معاقين مشابهين لنفس الحالة التي ذكرتها, إن الموضوع خطير ويتعلق بالدرجة الأولي بنظامنا الاجتماعي في الزواج, وبسلوك الناس في العصر الحديث, وأحوال الفتيات ونظام الزواج. ح. ش