قد يعتبر البعض تلك السطور بعيدة عما تعيشه مصر هذه الأيام من حالة حزن وإحساس بالضياع بعد حادثة الخصوص وموقعة الكاتدرائية فقد كانت تلك الحادثتين بمثابة المسمار الأخير فى نعش الدولة والحكومة .. والحكومة ..لكن تلك السطور لا تنفصل عن تلك الحادثتين فالطرق كلها تؤدى إلى روما وهى هنا تفكيك مصر وتغييبها فى صراعات أهلية من خلال إشعال الفتنة بين المسيحيين والمسلميني من جانب . وبين السنة والشيعة فتلك المخاوف من إقامة علاقات طبيعية بين مصر وإيران بزعم أن إيران تسعى إلى نشر التشيع فى مصر وأن السياحة الإيرانية هى مجرد باب للغزو الثقافى الناعم مجرد تهيؤات فى ذهن البعض يجافيها المنطق وهى لدى البعض الآخر جزء من مخطط لنشر فوبيا التشيع فى الشارع المصري وهذا الفصيل تحديدا يناقض نفسه ،ففى الوقت الذي يري فيه إيران عدوا لا يجد غضاضة من إقامة علاقات طبيعية مع أمريكا وإسرائيل ..وفى الوقت الذي يدن فيه مواقف إيران ويعارض مواقفها من دعم نظام بشار الأسد وكان الأولى به أن يطالب قطع العلاقات مع أمريكا التى مزقت العراق ودعمت وساندت الكيان الصهيونى بكل ممارساته الوحشية. ثم نجد انصار هذا الفصيل يتخوفون من استغلال ايران الروابط المشتركة واستمالة المصريين بالحديث عن تاريخ الحكم الفاطمى فى مصر وما تركوه بها من آثار ..هذا كلام عجيب هل يمكم إنكار التاريخ لقد حكم الفاطميون مصر تماما كما حكمها الإجريج وكان لهم فيها اثر يفوق اثر الفاطميين وصحيح ان المصريين ورثوا الكثير من العادات التى ابتدعها حكام هذا العصر من حلاوة المولد والعروسة والحصان لكن مصر السنية بقت كما هى لم تتشيع ولم تنتهج مذهبا غير مذهبها . أما حب المصريين لآل البيت فهو حقيقة تاريخية أبعد زمنيا بكثير من الوجود الفاطمى فمنذ بدا تنكيل الامويين بال البيت كان المصريون يستقبلونهم خير استقبال باعتبارهم قبس من بيت النبوة .ونظرة إلى عدد المصريين الذين يحرصون بالاف مؤلفة على حضور مولد سيدنا الحسين أو السيدة زينب تؤكد لنا المقولة المتداولة " مصر سنية المذهب وشيعية الهوى " وهذه الموالد ليست تراثا فاطميا فى مصر بل هى تراثا شعبيا مصريا بدليل أن المسيحيين لهم موالدهم المعروفة بأسماء أشهر القديسين مثل مار جرجس والجميل أن المسيحيين والمسلمين يتبادلون حضور موالدهم فتجد المسلمة توقد الشموع فى مار جرجس والمسيحية فى مولد السيدة .. أما موضوع الأمن القومى والغزو السياسى الإيرانى فيجب قبل أن نتحدث حوله أن نمنع السياحة الإسرائيلية فى سيناء أليست جزءا عزيزا على كل إسرائيلى بحكم مزاعمهم التاريخية والتوراتية وعلينا إن كنا نخشى على عقائدنا أن نمنع الصينيين البوذيين وعبدة الشمس والبقر الهنود من زيارة مصر خوفا من انتشار البوذية أو الهندوسية ولنمنع السياح الاجانب الذين يؤمنون بعقيدة رع من زيارة اهرام الجيزة التى يقصدونها للاستلقاء فى تابوت الملك خوفو. باختصار علينا أن نلغى السياحة طبقا لهذا الفكر الذي سيجعل مصر ترتد إلى مجاهعل التاريخ فمنذ متى تقاس العلاقات الدولية على أساس المذاهب أو الأديان .إن المصالح القومية وحدها هى التى ترسم شكل هذه العلاقات ثم إن حصار مقر القائم بالأعمال الإيرانى مسيئا لنا وليس له فى ظل تلك الهتافات غير المسئولة وغير الأخلاقية وغير الإسلامية من عينة وصف القائم بالأعمال بأنه" كلب الشيعة فى مصر " صحيح الإسلام ليس زبيبة ولحية . وعلينا جميعا أن نخشى على أنفسنا فمن يتعاملون مع من يختلف معهم فى المذهب بهذا الشكل لا يمكن الوثوق بقدرتهم على الحياة فى دول مدنية تحترم الاختلاف فى الرأى والعقيدة . لا يكون الحديث عن وجود مخطط أمريكى – إسرائيلى لإشاعة الفرقة بين السنة والشيعة من خطة أمريكية إسرائيلية حديثا مرسلا يمكن الرجوع إلى تفاصيل مؤتمر هرتزيليا الذي عقد فى اسرائيل منذ بضعة اسابيع وهو مؤتم يعقد بصفة سنوية تقر من خلاله اسرائيل استراتيجيتها خلال عام . فى هذا المؤتمر تم الاعلان عن ضرورة تشكيل محور من مصر والاردن والسعودية ودول الخليج موال لأمركيا وإسرائيل وضد محور الشر الذي تمثله إيران وأخيرا فإن الأزهر الشريف عليه ممارسة دوره كمنارة للعالم الإسلامى بإحياء تراث شيوخه العظام الذين كانت لهم محاولاتهم فى التقريب بين المذاهب الإسلامية أمثال المراغى والذهبي والشيخ شلتوت الذي كانت له جهوده الفكرية والعلمية التى تبناها الأزهر الشريف فى عهده باحتضانه لكل المذاهب الإسلامية الموثقة المصادر وإصدار الموسوعة الفقهية باعتماد المذاهب الفقهية الإسلامية الثمانية: الحنفى والشافعى والمالكى والحنبلى والجعفرى والزيدى والإباضي والظاهرى مما جعل الأزهر متفردا بين كل الجامعات الإسلامية فاتحا البابا أمام إسلام واحد بلا مذاهب حتى لقد أنشأت إيران مجمعا للتقريب بين السنة والشيعة يرأسه مدير سنى هو الإمام آية الله محمد خراسانى الذي أقام فى مارس 2001 حفل تكريم للشيخ الراحل محمود شلتوت والإمام آية الله بروجردى من علماء إيران شارك فيه نخبة من علماء الدين المستنيرين فى مصر [email protected] لمزيد من مقالات سهير عبد الحميد