أثار خبر وفاة الملياردير اليهودي الروسي بوريس بيريزوفسكي, والذي يقولون انه كان اول من وقف وراء اختيار فلاديمير بوتين لعرش الكرملين خليفة للرئيس الروسي الاسبق بوريس يلتسين الكثير من اللغط الذي يزيد من حدته ما يكتنف هذا الرحيل من غموض وما يعرب عنه اصدقاؤه وذووه من شكوك تجاه ما يقال حول انتحاره!. فمن يكون بيريزوفسكي؟ وكيف آل به الحال إلي الانتحار في بريطانيا التي لجأ اليها تحسبا لاحتمالات اعتقاله تصفية لحسابات سياسية وجنائية؟. طفولته لم تكن تشي بمستقبل باهر,وان كانت سنوات الصبا والدراسة كشفت عن ميول متميزة وتفوق ملموس في مجال دراسة التكنولوجيا والرياضيات ما كان مقدمة للحصول علي اعلي الدرجات العلمية, لكنه وما ان بدت بوادر انهيار الدولة السوفيتية وتحول اقتصادها نحو اقتصاد السوق حتي انصرف بيريزوفسكي عن محراب العلم صوب كل انواع التجارة الطفيلية.ويذكر مؤرخو تلك الفترة ان بيريزوفسكي لم يتورع عن ممارسة كل الاعمال بما فيها العمل مرشدا لدي اجهزة الامن للحصول علي مساعدتها ودعمها له في نشاطه التجاري غير المشروع ابان سنوات الاتحاد السوفيتي السابق.ومع بداية روسياالجديدة تحول بيريزوفسكي إالي عالم السياسة التي اراد من خلالها ولوج عالم الثروة من اوسع ابوابها غير المشروعة, وشأن الكثيرين مننجوم عصرهوبني جلدته من يهود ذلك الزمان جنح بيريزوفسكي نحو السلطة سعيا وراء الفوز ببريقها وآلياتها, ولم يكن بيريزوفسكي بعيدا عن مجموعة الاوليجاركيا التي اتفقت في دافوس مع أناتولي تشوبايس مهندس الخصخصة واحد اركان النظام علي تمويل حملة اعادة انتخاب بوريس يلتسين لفترة ولاية ثانية. ولذا كان من الطبيعي ان يستجيب يلتسين لما طلبه بيريزوفسكي لاحقا من مناصب محورية في جهاز الدولة, ومنها نائب سكرتير مجلس الامن القومي ثم السكرتير التنفيذي لمنظمة بلدان الكومنولث, وهو ما فتح له الكثير من ابواب الثروة غير المشروعة في العديد من الجمهوريات, وفي مقدمتها اوكرانيا وكازاخستان, مستندا في ذلك علي العديد من اجهزة الاعلام التي بادر بتاسيسها في اطار منافسة صريحة مع ابن طائفته فلاديمير جوسينسكي اول رئيس للمؤتمر اليهودي الروسي وامبراطور الاعلام في عهد يلتسين. وكانت مصادر كثيرة تحدثت عن دور بيريزوفسكي في اقناع يلتسين باختيار بوتين خليفة له ظنا منه انه سيستطيع ترويضه والاستفادة منه شأن الحال ابان حكم يلتسين وهو ما كشف عنه لاحقا حين أعترف بأنه اخطأ الاختيار, إلي جانب مشاركته في تأسيس حزب الوحدة الروسية الحاكم الحالي, غير انه قد يكون من غير الصحيح في هذا السياق ايضا اغفال الاشارة إلي تمويله للحركة الانفصالية في الشيشان, والارتباط برموزها الارهابية إلي جانب الانحياز لاحقا بعد هروبه إلي بريطانيا التي منحته حق اللجوء السياسي, إلي الثورات الملونة في بلدان الفضاء السوفيتي السابق في محاولة لاتخاذها منطلقا للاطاحة ببوتين في روسيا, وهو ما وقف له الكرملين في حينه بالمرصاد. وكانت الصحافة الروسية والاجنبية قد تابعت بالامس القريب وقبيل رحيله باشهر معدودات تفاصيل معركته مع رفيق الامس وربيب النظام الملياردير اليهودي رومان ابراموفيتش حول اقتسام ثروات روسيا المسلوبة والتي تقدر بعشرات المليارات من الدولارات بما جاز معه ما اصدرته هذه الصحف من احكام تقول انه السارق الذي طالما حاول ان يسلب غيره من لصوص روسيا ما سرقوه بدورهم من ثروات الوطن. وجاء الاعلان عن مقتله ليميط اللثام عن تفاصيل لقائه في ايلات مع فلاديمير جيرينوفسكي زعيم الحزب الليبرالي الديمقراطي الروسي المتشدد, وتسليمه رسالة الي بوتين يناشده فيها السماح بعودته الي روسيا, وهو ما اعترف به الكرملين دون الكشف عن الرد علي هذا الطلب. اما عن اسباب نحره او انتحاره فلا تزال قيد البحث والتحقيق, ما يحول دون تسليم جثمانه لذويه انتظارا لنتائج تحقيق السلطات البريطانية في ملابسات الحادث, في الوقت الذي يعرب فيه الكثيرون من رفاقه بما في ذلك أبناء المهجر الاسرائيلي عن شكوكهم تجاه ما يقال حول انتحاره, وهو الذي كان اتفق معهم علي زيارتهم في إسرائيل!!