نفرح حين يخبرنا الطبيب بقدوم قرة عين لنا.. ونظل9 أشهر نترقب وصوله.. نشترى له الملابس واللعب ونجهز له اسما، وكل يوم يمر نحسب ما تبقى لتشريفه لنا بسلام.. وحلم يراود كل أب وأم بأن يعيش مولودهما فى صحة وعافية، لكن كل هذه الأمنيات والأحلام قد تتبدد بمجرد أن يحتاج المولود الدخول للحضَّانة، خوفا من الخطر الذى يهدد حياته، إما بعدم وجود حضَّانة لإنقاذه أو بإهمال وفساد المراكز الخاصة، وهذه هى الأزمة التى يعيشها أطفالنا ولا يعطيهم أحد اهتماما! فمنذ دخلت الحضَّانات مصر وحتى الآن لم تستطع وزارة الصحة ولا الجمعيات الأهلية ولا تبرعات رجال الأعمال سد العجز الكبير فى نقص عدد الحضَّانات، وكانت النتيجة أن نسبة الوفيات بالنسبة للأطفال المصريين الذين يدخلون الحضَّانات ما زالت مرتفعة عن النسب العالمية، وتفقد مصر كل عام أكثر من 100 ألف طفل يموتون فى طوابير انتظار حضَّانة أو داخل مراكز حضانات خاصة يتخذها أصحابها (سبوبة) للربح وليس العلاج حتى وإن مات الطفل.. المهم يكون دفع أهل الطفل (دم قلبهم).. وبدلا من توفير ميزانية خاصة لحل المشكلة وإنقاذ حياة آلاف الأطفال تنفق الحكومة منذ مطلع الثمانينيات ملايين الجنيهات على حملات تنظيم الأسرة ووسائل منع الحمل، وربما ارتأت أن غض الطرف عن أقسام الحضانات بالمستشفيات الحكومية والجامعية والخاصة يسهم بشكل غير مباشر فى حملات تنظيم النسل فلم تعطه اهتماما، وسقط عمدا من حسابات المسئولين أن حياة أطفالنا هى الأولى باهتمامهم قبل أى شىء. قمت بعمل (تحقيق صحفى) حول هذه القضية، قال فيه الدكتور شريف الأنورى، طبيب أطفال وحديثى ولادة ومدير حضانات مستشفى قصر العينى، إننا الآن فى أمس الحاجة للممرضة أكثر من الطبيب، وإعادة هيكلة احتياجات وزارة الصحة من تخصصات، وتشديد الرقابة والمتابعة على الحضَّانات الخاصة، وغلق وإلغاء تراخيص المراكز المخالفة، خاصة مراكز حضَّانات الموت التى تهدف للربح دون أى اعتبار للأطفال المرضى، والالتزام بتنفيذ بروتوكول سنة 2002 عند إنشاء الحضَّانات، ومساندة رجال الأعمال لوزارة الصحة، وتخصيص دعم حكومى للحضانات؛ لأن الاولى والأهم للمواطن قبل توفير الغذاء؛ توفير وسيلة علاج آمنة. أرواح البشر أمانة قد لا يشعر بقدسيتها من يتخذون مهنة الطب تجارة وليست أمانة ورسالة تم حلف اليمين على صونها.. وأخطر ما يهدد سلام أى مجتمع أن يصبح (ملائكة الرحمة) أداة للربح والتجارة دون أى اعتبار للطفل البرىء الذى يلتمس من خلالهم علاجا آمنا، الأخطاء الطبية قد تبرر على أنها خطأ غير مقصود، لكن عندما يكون الخطأ ناتجا عن إهمال وفساد وعدم إحساس بالمسئولية وقلة ضمير تكون المصيبة أكبر وكارثية خاصة إذا كان هذا الخطأ متعلقا بأطفالنا. لحظة: "من خاف الله لم يضره أحد، ومن خاف غير الله لم ينفعه أحد".. الفضيل بن عياض. لمزيد من مقالات على جاد