عربية الوجه.. إسلامية القلب.. إنسانية الروح.. شرقية الهوي.. وسطية المنهج.. عاصمة الخلافة وموطن الحضارة.. تحت هذا الشعار انطلقت احتفالية بغداد عاصمة للثقافة العربية هذا العام. بمنطقة الزوراء قرب المنطقة الخضراء في قلب بغداد برعاية وحضور نوري المالكي رئيس الوزراء العراقي, وبالتنسيق والتعاون بين وزارة الثقافة والمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم الالكسو, برئاسة مديرها العام د. عبدالله محارب بمشاركة د. نبيل العربي الأمين العام لجامعة الدول العربية, وحضور وزراء الثقافة العرب, وبعض رؤساء المنظمات الإقليمية والدولية المعنية بالشأن الثقافي, والعديد من الفنانين المصريين والعرب, في كلمته دعا نوري المالكي إلي تأسيس مشروع متكامل تحت عنوان الثقافة الجامعة يكون قائما علي التنوع, ويؤسس للتعايش والسلم الاجتماعي, وطالب بنشر ثقافة الاعتدال والتنوير, وأن يكون المحور الأساسي لفاعليات ومهرجان بغداد طوال السنة الثقافية هو إزالة التطرف من المنطقة. كلمة د. نبيل العربي كانت ضمن هذا الإطار, حيث أكد أن التنوع العراقي هو أمر مهم وجيد, ولابد من الاستفادة منه, وأن تكون الثقافة رمزا للنهوض الذي نتطلع إليه جميعا. أما لكلمة التي ألقاها د. عبدالله محارب مدير عام الالكسو فقد تناغمت مع كلمات المالكي والعربي, حيث أكد أهمية التراث في هذا البلد العريق الذي يلقب بمهد الحضارات الإنسانية وبحكم أن د. عبدالله محارب باحث ومفكر وأستاذ جامعي متخصص, ومهتم بالتراث, فقد أفصح ل الأهرام عن اتفاق تم بين الالكسو ووزارة الثقافة العراقية لإطلاق جائزة عربية للإبداع الثقافي تغطي المجالات الثقافية المختلفة, بما فيها التأليف, والترجمة, والشعر, والفنون التشكيلية, والسينما, والمسرح, والموسيقي, والإعلام. كما أشار إلي تحديث وتجديد العقد العربي للتنمية الثقافية من عام2005 2014 مؤكدا أن الالكسو تولي أهمية خاصة لمشروع العواصم الثقافية العربية الذي أطلقته منذ عام1996 أسوة بمبادرة منظمة اليونسكو الخاصة بمشروع العواصم الثقافية في مختلف أقاليم العالم, وأشار إلي أن هذه الفكرة تهدف إلي إظهار الإمكانات الحضارية للمدينة المعنية, ودورها التاريخي, والمعاصر في الإبداع الثقافي والحضاري, وأن هذا المشروع يواكب العقد العربي للتنمية الثقافية, بل إنه أبرز مشروعات هذا العقد وأكثرها نجاحا بما أنه يتواءم مع الخطوط الاسترشادية التي حددت لهذا العقد ولخصها د. محارب ل الأهرام في عدة نقاط لعل أهمها وضع الثقافة في محور عملية التنمية في الوطن العربي, وتأكيد الهوية الثقافية العربية, وتعزيزها والحفاظ عليها, وتشجيع الإبداع, وتعزيز المشاركة في الحياة الثقافية, ودعم التفاعل والحوار بين الثقافة العربية والثقافات الأخري, وتعزيز التنوع الثقافي في عصر العولمة, وتفعيل دور البحوث والدراسات والمؤسسات في رسم السياسات الثقافية, وأوضح أن هناك شروطا جديدة لاختيار العواصم العربية الثقافية لعل أهمها أن تتقدم الدولة بمشروع تنموي للمدينة المرشحة, ولا يشترط أن تكون المدينة هي العاصمة السياسية للدولة, ويشترط توافر الحد الأدني من البنية الثقافية الأساسية للمدينة المرشحة. وإذا كان د. عبدالله محارب قد استهل كلمته ببيت شعر من قصيد] الشاعر المصري علي الجارم تقول: بغداد يا بلد الرشيد ومنارة المجد التليد فإن وزير الثقافة المصري د. صابر عرب أكد أن مصر ستسهم بفاعلية وقوة في إنجاح مشروع بغداد عاصمة للثقافة العربية من خلال مشاركة مميزة طوال العام من خلال وفد ثقافي وفني رفيع المستوي في الفعاليات المختلفة, ودعا عرب إلي تجويد وتفعيل العلاقات المصرية العراقية علي جميع المستويات, مشيرا إلي أن مصر منفتحة علي العراق بجميع طوائفه وقومياته, وأن الفترة المقبلة ستشهد لقاءات متعددة بين المسئولين في البلدين, موضحا أن هناك دعوة موجهة إلي د. سعدون الدليمي وزير الثقافة العراقي لزيارة مصر, وأن أسبوعا ثقافيا عراقيا سوف ينطلق في القاهرة ومدن مصرية أخري خلال الفترة المقبلة للعمل من أجل الثقافة العربية. و يؤكد سعدون الدليمي الذي أشرف وتابع كل تفاصيل هذا العرس أن مشروع بغداد عاصمة الثقافة العربية هو مشروع حيوي وكبير للثقافة العربية والعراقية معا, وهو يهدف لإعادة تجسيد العلاقات الثقافية بين العراق والبلدان العربية, وإلغاء الصورة النمطية, والتعريف بالثقافة العراقية الجديدة بعد أن أصبحت ثقافة تتسم بالتنوع والتعددية وثقافة لكل المكونات العراقية, أي أنها أصبحت ثقافة بقدر خارطة وطن بالكامل. وأضاف إن العراق سيرحب بالأسابيع الثقافية لكل البلاد العربية حيث سيكون لكل بلد عربي أسبوع ثقافي يشمل فعاليات تشكيلية وفنية واستعراضية وغنائية وإبداع وأدب وشعر ومسرح وسينما تهدف للتعرف علي فنون وثقافة البلد, وإعادة اللحمة والتلاقي مع الجانب العراقي, وعن أهم ما يميز مشروع بغداد عاصمة للثقافة العربية قال الديلمي هو الحضور العربي المميز, وان التظاهرة فتحت الطريق لاحتضان كل مشاريع منظمات المجتمع المدني والأفراد, وكذلك مشاركة كل المكونات العراقية, أي أنه مشروع عراقي بامتياز, وأوضح أن هناك عدة محاور فكرية للتباحث فيها حول بغداد ودورها في التاريخ, بالتعاون مع جامعات عراقية منها جامعة بغداد, والجامعة المستنصرية, واتحاد المؤرخين العرب, وبيت الحكمة. وأضاف وزير الثقافة: أن وزارته نجحت في أن تكون وزارة بلا رقابة, أي أنها لا تقاضي الفكر, ولا أيا من الكتب الصادرة أو المسرحيات أو الأفلام. الاحتفالية التي أضاءت سماء بغداد التأمت في حديقة الزوراء الواسعة تحت خيمة بيضاء عملاقة علي مساحة أكثر من4 آلاف متر تتسع لأكثر من1200 متفرج, بينهم أكثر من300 شخصية أدبية وسياسية وفكرية عراقية وعربية ودولية, وبدأت الاحتفالية بعرض بانورامي كبير عرض فيه تاريخ العراق من سومر, واكد, واشور, وبابل, مرورا بالحضارة العربية والإسلامية, انتهاء ببغداد بوصفها عاصمة للثقافة العربية. وإذا كان أهل بلاد الرافدين قد عانوا خلال السنوات الماضية من الويلات والمصاعب وصوت الانفجارات, فإنهم في هذه الليلة والأيام التي تليها, ذهبوا في رحلة من الفكر والخيال والأحلام, حيث حلق بهم الفنان العالمي نصير شمة في آفاق بعيدة حيث ناموا علي أنغام العود الموصلي, وشعر أبي نواس والسياب, وزينت جدرانهم بمعرض رائع من صور مختارة من البلدان العربية أقامتها الالكسو. لتزيل الغبار الأسود عن صورة العراق المشرق.