مشهد الهجوم علي مقر الإخوان المسلمين بالمقطم أعاد إلي الأذهان مشاهد الهجوم علي مقار الحزب الوطني أيام ثورة يناير, وقال البعض إن تشابه المشهدين هو دليل علي أن الدائرة تدور علي الإخوان كما سبق أن دارت علي الحزب الوطني, وأنه لا فرق بين الأمس واليوم. أحمد أبو بركة المستشار القانوني للإخوان المسلمين قال لالأهرام إنه لا وجه للمقارنة بين الحزب الوطني المنحل وحزب الحرية والعدالة الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين. وان من يري أن هناك تشابها بين المشهدين هو أعمي وفاقد للعقل والبصيرة. استعرضنا المشهد السياسي في مصر مع أحمد أبو بركة وكان هذا الحوار.. كيف تري الحكم الصادر بعدم قانونية تعيين المستشار طلعت عبدالله في منصب النائب العام؟ الحكم الصادر عن دائرة طلبات رجال القضاء, وهي دائرة معنية بشئون القضاة الوظيفية بالدوائر المختصة بشئون العاملين المدنيين بالدولة بمحاكم القضاء الإداري. وما يعرض عليها هو ما يتعلق بالحياة الوظيفية لأعضاء السلطة القضائية ولم يصدر قرار إداري يتعلق بالحياة الوظيفية للمستشار عبدالمجيد محمود, وما صدر هو إعلان دستوري يحدد مدة الولاية للنائب العام بأربع سنوات, وهو ما استلزم معه انتقال المستشار عبدالمجيد محمود من النيابة إلي القضاء لاستنفاده المدة المقررة دستوريا, وهو ما أكده وقرره الدستور الحالي, وبالتالي لا يوجد قرار أصلا يصلح أن يكون محلا للطعن علي دائرة طلبات رجال القضاء. ألا تري أن عدم اعترافكم بالحكم يطابق القول بأن الجماعة وحزبها يعترضان علي الأحكام التي لا تتوافق مع مصالحهما وإرادتهما؟ هذا حكم ابتدائي وعليه استئناف, كما أنه غير مشمول بالنفاذ العاجل, وللجهات المختصة وأصحاب المصلحة أن تقوم بالطعن عليه, وهذا لا ينال من جهة الحكم, أو من استقلال القضاء, أو الاحترام الواجب للأحكام, لأنه إجراء دستوري وقانوني مقرر في كل الحضارات المدنية الحديثة, ومبدأ التقاضي علي درجتين أصل من أصول التنظيم القضائي الحديث, وبالتالي الحديث عن أن الطعن علي حكم من الأحكام بمثابة عدم احترام للحكم كذب ومغالطة وتضليل للرأي العام, واستخدام سياسي بغيض من قوي سياسية عاجزة وفاشلة. مارأيك في الأحوال المصرية الآن؟ علينا أن ندرك أن مصر خضعت لاستبداد استمر60 سنة بأشكال مختلفة ولم يحيي المجتمع المصري حياة حرة سليمة في ظل حكم رشيد لسنوات طويلة مما أدي إلي ضعف المجتمع بشدة سواء في مفاصله أو مؤسساته أو منظومات السلوك مما اضعف العمل السياسي الذي تعاني منه الأحزاب السياسية والتي انطلقت حاليا في المكايدة السياسية بدلا من المنافسة وعلي الرغم من أن مصر أنجزت في المحور السياسي خلال عامين فقط ما لم تحققه خلال سنوات طويلة, ورغم تلك الإنجازات وجدنا جميع القوي السياسية بدلا من سعيها للبناء والمنافسة وحشد الرأي العام في اتجاه برامجها وجدناها تحاول هدم ما تم إنجازه وتسلك مسالك ليست لها علاقة بالعمل السياسي أو الثوري بتشجيع ومنهجة العنف, بل وتقديم له غطاء سياسي له مما جعلنا نشاهد يوميا قطعا للطرق, واعتداءات علي الممتلكات الخاصة والعامة, ونهب المحال وضربا بالخرطوش والرصاص تحت ذلك الغطاء السياسي بحيث أصبحت تلك المشاهد هي الملامح الغالبة علي المشهد السياسي في مصر الآن. قلت إننا حققنا إنجازات سياسية عظيمة في عامين, فما تلك الانجازات؟ نحن أبدعنا نظاما سياسيا ونظام حكم مرنا وكفأ مما سمح بنشأة الأحزاب السياسية ومؤسسات المجتمع المدني بمجرد الإخطار دون الحاجة إلي موافقة الجهات الإدارية ولا تخضع تلك المؤسسات والأحزاب إلي الوصايا من الحكومة بأي شكل من الأشكال, هذا بالإضافة إلي أنه أصبحت لدينا مؤسسة انتخابية مستقلة من الحكومة استقلالا كاملا وتختص بكل ما يتعلق بالانتخابات بدءا من الإعداد لها وتنقية جداولها, وصولا لإعلان النتائج, وكل تلك العملية تحت إشراف كامل للقضاء. وفي مجال الحقوق والحريات حققنا إنجازا كبيرا بحيث أصبحت لدينا حرية امتلاك الصحف وإصدارها بمجرد الإخطار, وأصبحت حرية الرأي والتعبير تمارس إلي درجة الإساءة في استخدام الحق في الحرية. يري البعض أن الإشهار لجمعية جماعة الإخوان غير قانوني لأنه مخالف للقانون الحالي الذي يشترط عدم ممارسة تلك الجمعيات للعمل السياسي فما ردك علي ذلك؟ من يعترض مثل هذا الاعتراض عليه أن يراجع ويتعلم ويخرج من شرنقة الديكتاتورية التي تربي عليها وجعلته لا يستوعب معني الحرية ولا يعرفها. ما الذي تريد أن يتعلمه؟ وما دخل الحرية في تطبيق القانون؟ الحقوق الاصلية كحق التنظيم والتجمع سابقة في الوجود علي فكرة القانون والدول فلا يمكن حصرها أو محاصرتها في شكل أو وهم معين في ذهن من تخيل ذلك. فالأصل هو الإباحة والإتاحة, أما الاستثناء فهو التقييد, وهم الآن يعتبرون التقييد والمصادرة والاستثناء هو الأصل, وذلك ناتج من عقلية ديكتاتورية إقصائية استبدادية لا تعرف شيئا عن العمل الأهلي أو فسلفته, والذي يتأصل في متابعة العمل الخيري العام حتي يقوي المجتمع وهي تتحقق إذا افسحنا المجال لمن من يعمل, وضيقنا حدود التقييد والمصادرة التي يتبناها كل من يعجز أن يبدع إبداع الإخوان في العمل الأهلي, وبدلا من أن يقوم ضعفه وتصوره وفشله يصرف جهده لهدم الناجح المبدع الذي يقدم للمجتمع النفع والخير. وعلي كل من يتباكي علي القانون القديم يعلم أن الدستور حتما يصدر يصبح حكمه سيدا علي كل ما عداه, ويصبح كل نص أو قانون يتعارض نص الدستور ملغيا بقوة الدستور فصدور الدستور الجديد اتاح حق التنظيم والتجمع وفق المعايير العالمية وكفل نشأة منظمات المجتمع الذي بمجرد الاخطار وبادرت جماعة الإخوان في ممارسة هذا الحق في اطار النص الدستوري, فأي وجه للمخالفة إذن والتي لا توجد إلا في أوهام الواهمين. إذن أنت تري أن إشهاركم للجماعة وفق الدستور وليس القانون الحالي؟ النص الدستوري صدر وأي نص قانوني يخالفه سقط وبالتالي القانون الحالي المعمول بها حاليا المطابقة من الدستور, والدستور يتيح لي النشأة بمجرد الإخطار, ولا توجد مخالفة لدينا وغير ذلك الحديث فهو قمة التناقض. من يذكر المخالفة هو أن المتعارف عليه قانونيا أن الجماعات الأهلية يشترط الاشهار لها عدم ممارسة السياسة؟ من الذي قال إن جماعة الإخوان المسلمين تمارس السياسة؟ هذا أمر نتابعه علي مواقعكم وإعلام الجماعة؟! هناك فرق بين العمل السياسي والنشاط السياسي؟ والجماعة الأهلية من حقها أن تتحدث في الشأن العام ولا يعتبر ذلك عملا سياسيا, فكل جمعية تمارس نشاطها وفق أهدافها المحددة في نظامها الأساسي, والجماعة لا تباشر إلا النشاطات التي تحقق الأهداف الواردة بنظامها الأساسي والذي تم إيداعه وفق الإخطار وبموجبه تم الإشهار. أحداث حرق مقار الإخوان والحرية والعدالة ألا تري بينها وبين حرق مقار الحزب الوطني وجه شبهة ؟ من يطلق ذلك التساؤل أعمي وفاقد العقل والبصيرة, فما جري في الأحداث الأخيرة بمقارنا هو عمل إجرامي ارتكبه مجرمون متشحون بوشاح السياسة, وثورة يناير كانت ثورة سلمية, ولا يصح أن تتحول إلي أعمال إجرامية. قلت إن ثورة25 يناير سلمية وتم حرق مقار الوطني بها, فلماذا لا تقول إنها سلمية في حرق مقار الحرية والعدالة وهي مجرد تعبير عن الغضب من السياسة الحالية؟ محاولة تقديم غطاء سياسي لما يتركب من جرائم في ظل نظام سياسي منفتح بالصورة الواسعة التي نعيشها هي جريمة أكبر من الجريمة التي ترتكب من المجرم الأصلي. العلاقة التي تتساءل عنها أن الإخوان هي المسيطرة تستحوذ بمفردها علي مقاليد الحكم حاليا؟ هذا تفكير يغيب عنه بديهيات العملية الديمقراطية, فالإخوان حصلوا علي الأكثرية بنسبة38% من الانتخابات البرلمانية, وفوز رئيس من الإخوان بنسبة52% تم عن طريق انتخابات حره نزيهة أيضا. ونظام الحكم الحالي ديمقراطي جاء من انتخابات حرة سليمة, ويدير الدولة بشفافية كاملة, ولا يوجد وجه شبه بينه وبين النظام السابق الذي لم يجر خلال فترة حكمه أي انتخابات واحدة سليمة, وجاء بالتزوير, ولذا ثار الشعب عليه بطريقة سلمية وحدوث بعض المشاهد التي تشيرون إليها, فأين الثري من الثريا فما يقع اليوم جرائم يرتكبها محرضون منظمون يخططون خلال عصاباتهم لهدم الدولة المصرية. ما رأيك في دعوات حازم أبو إسماعيل الأخيرة بالوقوف ومحاصرة منازل الإعلاميين والأحزاب الليبرالية؟ نحن دائما مع التظاهر السلمي, وضد العنف بكل أشكاله, وعلي أولئك الذين دعوا للتظاهرات العنيفة وارتكاب الجرائم ألا يحملوها لحازم صلاح أبو إسماعيل أو يستنكروا دعوته, ونندهش من استهجان واستنكار هؤلاء من دعوة حازم أبو إسماعيل, وهي دعوة سلمية, ولم تدع للحرق أو القتل. ما قولك في الاعتداء علي الصحفيين أمام الارشادية لأن الجماعة حريصة علي أداء عملها في طي الكتمان واستفزها أن الصحفيين كشفوا اجتماع الجماعة مع خالد مشعل؟ عمل الجماعة كله علني ومعلن, وكل الأنشطة علنية, لكن الجماعة من حقها تماما كأي جبهة أن تحدد الوقت المناسب للإعلان عن ذلك العمل بالطرق المتعارف عليها, وبوسائل الإعلام المختلفة.. فلماذا تريدون المصادرة علي حقنا؟! لكن الصحفيين الذين ضربوا أمام مكتب الإرشاد كانوا يؤدون عملهم ولم يدعوا للعنف, ومع ذلك تم الاعتداء عليهم؟ فما تفسيرك لذلك؟ الموجودون في بداية الأحداث لم يكونوا صحفيين, بل مجموعات من البلطجية ووقع العدوان من بعض الصحفيين بالأيدي والسباب علي بعض الأفراد, واستخدم هؤلاء حقهم الطبيعي بالرد, ولا علاقة للصحافة ولا للصحفيين بما ارتكب من عدوان, وما ارتكب من رد لم يكن عدوانا علي صحفيين, وإنما كان ردا علي جرائم ترتكب. معني ذلك أنكم تبيحون لأنفسكم حق الرد بالعنف دون انتظار للقانون؟ لو تعدي علينا أحد فعلينا ومن حقنا أن ندافع عن أنفسنا, فحق الدفاع الشرعي مكفول من القانون, ويلزم من يقع عليه عدوان في شخصه أو ماله أو حريته أن يرد بالقدر المناسب للعدوان الذي يقع عليه. لكنكم تمثلون السلطة ويجب عليكم ان تكونوا المثل في تطبيق القانون؟ نحن لسنا السلطة, فالسلطة هناك بالاتحادية, وليس هناك علاقة للإخوان بالسلطة, أما عن القانون فهو الذي كفل لنا حق الدفاع عن أنفسنا وتفعيل ذلك يمثل دولة القانون فلو أن أحدا اعتدي علي وأستطيع أن أرد العدوان بنفسي علي ألا أتعدي أو أتجاوز حدود الاعتداء, أما في حالة العجز عن الرد فلا سبيل إلا الاستغاثة بالمارة أو الجيران أو من يسهل حضوره من السلطة العامة. لماذا لا يقدم الإخوان بعض التنازلات من أجل الوفاق الوطني؟ الوفاق الوطني يكون حول القضايا الكبري كالتداول السلمي للسلطة والانتخابات الحرة النزيهة والفصل بين السلطات ومبدأ سيادة الشعب واستغلال القضاء وسيادة القانون وداخل ذلك الإطار تجري المنافسة السياسية وابداع الديمقراطية الاعظم هي آلية إدارة الاختلاف والتنوع أما تفصيلات السياسة وبرامجها فلا يمكن حدوث توافق حولها. يقال إنكم تسيرون علي نهج مبارك في تفصيل القوانين ليضمن لكم البقاء؟ هذا غير صحيح بالمرة, فالقانون الذي خرج هو الذي قاتلت كل الاحزاب السياسية من أجله مع المجلس العسكري, ولكن رفضه الإخوان وقتها, وكان يرغب في اجراء انتخابات فردية. ما قولك في الشكوك التي تساور الكثيرين حول مدي نزاهة الانتخابات المقبلة؟ هذه مقدمة تكشف عن عدم القدرة علي التمييز وتعكس الأزمة التي يعيشها أصحاب تلك الأقاويل والتي تمثل أزمة فصام حقيقية وحالة من الشيزوفرنيا. ففي الوقت الذي يشرف فيه القضاء علي الانتخابات بصورة كاملة وبوجود لجنة عليا للانتخابات مستقلة استقلالا كاملا من بدء العملية للنهاية وصولا لإعلان النتائج, ومع ذلك يشككون في نزاهة الانتخابات فكيف يستقيم ذلك مع دعواهم في احترام القضاء وتصديرهم لاستقلاله. فهم يخلطون الأمور حينما يستعيدون ما كنا نطالب به في نظام مبارك من ضرورة وجود حكومة محايدة, خصوصا أن الحكومة وقتها هي التي كانت تدير وتشرف علي الانتخابات ولم تكن هناك لجنة عليا للانتخابات أما اليوم فلا علاقة للحكومة بالانتخابات مطلقا. فلماذا تصرون علي بقاء الحكومة بالرغم من الاعتراض من الأغلبية علي أدائها؟ لأن الشعب المصري وضع دستورا بناء عليه سيكون نظام الحكم هو النظام البرلماني, وهو المخول بالموافقة علي تشكيل الحكومة واقرار السياسة العامة للدولة والمضي كذلك بإقالة الحكومة أيضا ومراقبتها وتشكيل حكومة جديدة يوافق عليها البرلمان الذي ستجري انتخاباته خلال فترة قريبة. كان من الممكن تشكيل حكومة تحقق التوافق ويعاد الثقة بها من البرلمان الجديد؟ إعادة الثقة للحكومة احتمال وارد ولكن الاحتمال الآخر أن يوافق البرلمان الجديد عليها والقاعدة الأصولية تقول الدليل اذا تطرق اليه الاحتمال سقط الاستدلال به. ألا تري أن لديكم تناقضات في التعامل مع القانون وسيادته وتطبيقه والكيل بمكيالين والتي تقدح من اعتراضكم علي أحكام القانون بمهام الدستورية وإصدار الإعلان الدستوري فما قولك في ذلك؟ هذه تناقضات في ذهن من يقول بها لأنه لم يحدث حصار للدستورية والحديث يعتبر هذا كذبا, فما حدث هو تظاهره سلمية أمام المحكمة ولم يمنع موظف أو قاض علي الإطلاق من الدخول لممارسة عمله وكنت داخل الجلسات وقت المظاهرة والقضاة داخل المداولة وهم من قرروا عدم إكمال الجلسة. فهل هناك قاض يمتنع عن إصدار حكم أو قرار لمجرد وجود تظاهرات علي باب المحكمة فهذا لا يوجد بالإطلاق ويجب أن نعترف بالحقيقة, فإن من قضاة المحكمة الدستورية السابقين من انغمس بالسياسة وصرح بالاحكام قبل أن تصدر وتحدث بها في الإعلام وحينما أري هذا النمط الذي يمس استقلال القضاء ويغمس القضاء بالسياسة فيجب أن نستنكره وهذا يعد انتصارا لاستقلال القضاء. يشعر المواطنون أن الإخوان ينتظرون من الشعب السمع والطاعة كأعضاء الجماعة, ولذا يستهجنون اعتراضهم فما رأيك في ذلك؟ علينا أن نميز بين العمل داخل جماعة اصلاحية ومفردات إدارة دولة, ففي الدول يدور النقاش الواسع داخل مؤسساتها, وحينما يصدر القرار يجب أن يتصالح الجميع لتنفيذه ومن يعترض عليه يجب أن يكون اعتراضه بالطرق القانونية المتاحة فلا معني للدولة ولا للحقوق والحريات ما لم نضبط الثوابت والأصول في الدولة, فكيف يسمي القانون قانونا حين يفقد عنصر الإلزام وأبرز خصائصه أنه ملزم وتطبيق الجزاء علي من يخالفه, وهذا جوهر فكرة القانون, فلا يوجد نظام بلا طاعة, ومعارضة النظام لاتعني عدم احترامه.