شهدت العاصمة الأمريكيةواشنطن, لقاء منتدي الاتحاد الأوروبي والولاياتالمتحدة, الذي اعتاد ان ينعقد سنويا في تاريخ محدد, لكن ثورة25 يناير في مصر, وبقية حلقات الربيع العربي, فرضت علي المجتمعين جدول أعمال متغيرا, ينظر في عمق هذه الأحداث, ويحلل التغييرات الاستراتيجية التي ستترتب عليها سواء بالنسبة لأوضاع دول المنطقة وشعوبها, أو بالنسبة لعلاقاتها الدولية. تقول الورقة الخاصة بالمناقشات التي جرت في هذا اللقاء: انه كان مقررا ان يعقد المنتدي اجتماعه يومي 27 و28 اكتوبر كالمعتاد, لبحث العلاقات الأوروبية الأمريكية, ولكن مفاجأة الأحداث غير المتوقعة في العالم العربي, قد جعلتنا نواجه ظروفا غير عادية, وضعت أمامنا إطارا إستثنائيا, نركز فيه علي التغييرات الجيوبوليتيكية غير العادية في المنطقة. ومن أجل الإعداد الجيد للمنتدي, فقد دعونا للمشاركة فيه مجموعة من الشخصيات المرموقة, من المحللين الصحفيين, وخبراء مراكز البحوث, وصناع القرار السياسي, حيث جرت مناقشات, حول الدور الذي ينبغي ان تلعبه الولاياتالمتحدة, والاتحاد الاوروبي, والمجتمع الدولي, في حالة الانتفاضات العربية لعام 2011 .. وكانت تلك من بين أهم النقاط التي طرحت في المناقشات: (1) إن الإطاحة بمبارك تمثل خطوة هائلة نحو حرية الشعب المصري, لكن قد لا تكون بالضرورة, تحولا ايجابيا للعلاقة المصرية الاسرائيلية. (2) إذا كانت الديمقراطية ستحدث تغييرا في الشرق الأوسط, فمن الصواب أن يتعلم الغرب من أخطائه في الماضي, وان يقيد من تدخله في السياسات الداخلية للأنظمة الجديدة في المنطقة. .. والملاحظ ان مواقف الغرب تجاه معظم حالات الربيع العربي, كانت مصابة بالشلل, وغير قادرة علي التصرف السريع. لكن الحقائق السياسية الجديدة في المنطقة, تتيح الآن للغرب, الفرصة لإنهاء ازدواجية المواقف, وتأييد عمليات الإصلاح. (3) إن ثورات 2011 في الشرق الأوسط, سوف تؤدي بلا شك الي تغييرات شاملة, لكن طبيعة ونتائج هذه الثورات بالتحديد تظل لغز ا محيرا. (4) رغم امتناع الغرب عن التدخل المباشر في السياسات الجديدة في العالم العربي, إلا أنه ينبغي علي الغرب ان يكون راغبا في مساعدة الشعوب العربية, في سعيها لاستعادة كرامتها التي أهدرت من قبل. لأن تأييد الحركات الديمقراطية في الدول العربية, هو الاختيار الصحيح. (5) إن أمريكا تواجه الآن خسارة جسيمة في نفوذها في المنطقة, وقد تصاب أيضا بخسارة في حالة تغيير سياستها تجاه الانظمة الاستبدادية. (6) إن أمام الاتحاد الأوروبي فرصة حقيقية للاسهام الايجابي في مستقبل الشرق الأوسط, علي ضوء ما أصيبت به سمعة أمريكا من تأثير سلبي بشكل متزايد. (7) فيما يتعلق بإسرائيل فقد جاء في المناقشات أنه إذا كان الربيع العربي سيكون طريقا للتغيير الاقليمي, فمعني ذلك تضعضع سياسة اسرائيل الخارجية. وقد أظهرت المظاهرات التي قامت في اسرائيل ضد حكومتها, أن هناك اختلافا كبيرا بين الأجندة الداخلية, التي يسيطر فيها علي صناع السياسة, للمفهوم التقليدي للأمن, وبين المطالب الاقتصادية والاجتماعية للمواطن الاسرائيلي. (8) وقد تطرقت المناقشات لبند يخص صميم عمل المنتدي, وهو مستقبل التعاون الدفاعي بين الأوروبيين الامريكيين, لكن هذا موضوع آخر. إذا كانت هذه باختصار أهم النقاط التي طرحتها صفوة من أبرز الخبراء السياسيين علي الجانبين الأمريكي والأوروبي, دون التزام بالحسابات الرسمية والدبلوماسية, فإن هناك أيضا عناصر مهمة عكستها المناقشات منها أن: الإقرار بأنهم فوجئوا بالثورة, وأنها كانت خارج الحسابات والتوقعات, وان عنصر المفاجأة قد أربك بنية السياسات الموضوعة للمدي الطويل. إن المناقشات لم تقتصر علي الرؤية الرسمية للحكومات, بل اتسعت دائرتها لطرح آراء خبراء, ومحللين, وأساتذة علوم سياسية, ونشطاء في مراكز متخصصة, من دول عديدة منها الولاياتالمتحدة, وبريطانيا, وفرنسا, وألمانيا, وسويسرا, والنرويج, وفنلندا. اعتراف بأنه كانت هناك ازدواجية معايير في التعامل مع دول المنطقة, وان تلك كانت من أخطاء الغرب. إن الثورات سيكون لها تأثير هائل علي سياسات اسرائيل الخارجية, ونظرياتها الأمنية التقليدية, لان اسرائيل أقامت استراتيجيتها علي افتراض بأن الضعف السياسي العربي علة مزمنة, وإن الأوضاع العربية ثابتة لا تتغير. وهو ما وضعها في مأزق مصيري الآن. اتفاق عام بين المشاركين علي حتمية انتصار الثورة, واستكمال أهدافها, فهي ليست حدثا عارضا, لكنها تعبير عن تيار تاريخي لا يمكن الحجر عليه, أو إيقاف تدفقه الجارف. مهما كانت العثرات والعقبات التي اعترضت مسيرة الثورة في عامها الأول وهو أمر طبيعي ومتوقع في مثل هذه الأحداث التاريخية الكبري فإن الطاقة الكامنة لدي الشعب المصري والتي أطلقت هذه الثورة المعجزة, قادرة علي احتواء أية محاولات للخروج عليها سواء من قوي الثورة المضادة, أو من اي تيارات قد تسعي للانحراف بمسيرة الثورة في اتجاه يخصها ولا يخص جموع المصريين. المزيد من مقالات عاطف الغمري