أطفال الشوارع.. هم الفئة المهدرة المظلومة من الأسرة والمجتمع لذا فهي قنبلة موقوتة معبأة بنيران الكراهية والحقد تعيش بلا هدف او مستقبل لذلك فهي اداة مضمونة في يد من الثورة المضادة لاجهاض مسيرة شعب مصر وهذا ما وضح في أحداث التحرير ثم مجلس الوزراء. لذلك فلا تجد غرابة في تفسير بعض الصور التي أظهر بعضهم يرقصون ويشيرون بعلامات النصر لأنهم دمروا وأحرقوا مصالح الدولة وتاريخها لأنهم لايعرفون الدولة التي لم تعرفهم ولا التاريخ الذي لم يدرسوه ولا يشعرون بالانتماء اليه هؤلاء الأطفال المتهمون الأبرياء في نفس الوقت مثلوا شريحة تصل الي1.5 مليون طفل في مصر ضحايا مجتمع متصدع يبدأ بالعشوائيات والظروف الاجتماعية والاقتصادية, كما تؤكد الدكتورة فادية أبو شهبة استاذ القانون الجنائي بمركز البحوث الاجتماعية, فهم لم يجدوا أي نوع من الرعاية, او التعليم يعانون الجهل والفقر وعدم توافر أساسيات الحياة, لذلك فإن الدراسات التي أجريت علي هذه الشريحة انتهت جميعها إلي أنهم خطر علي الوطن, إضافة لمعاناتهم من البطالة والمرض الذي اصبح مكلفا, فأصبحوا يشكلون بؤرا إجرامية وينتهون الي ان يصبحوا عتاة في الإجرام. وأضافت ان المناخ المحيط بهم يساعد علي الجريمة ولأن معظمهم يعاني من قهر اجتماعي وانساني فيسهل استغلالهم بالفلوس مهما كان المبلغ بسيطا وهذا ماحدث في صدامات مجلس الوزراء واتضح أنهم كانوا ضمن المعتصمين في خيام الشارع ليستطيعوا الحصول علي الطعام والمال دون جهد, ووسيلة لتوفير دخل فتجدهم مستعدون للعدوان نتيجة حقدهم علي المجتمع فضلا عن الإحباط من إهدار ادميتهم فأجهزة الدولة المسئولة لا تسأل عنهم في الوقت الذي يجدون فيه صداما من الشرطة والجيش دون تفاهم وتعاملهم بأسلوب غير متحضر ومما دفعهم لرد فعل عدواني مناسب للموقف بإيعاز من اصحاب المصالح لاجهاض الثورة المصرية نظير مائة جنيه للفرد حسب كلام بعضهم في التحقيقات. خلل في المجتمع وأكدت د. فادية شهبة ان هناك خللا اساسيا في المجتمع هو سبب تشريد هؤلاء الاطفال واستغلالهم في الجريمة ويبدأ هذا من الأسرة المتصدعة لعدم توافق الوالدين زواجيا ووجود خلافات بينهما دائما او عدم اتفاقهما علي اسلوب تربية الاطفال بعيدا عن القسوة الزائدة او التدليل الزائد وهما يؤديان للعنف أيضا والهروب من المنزل بعد ذلك. كما ان هناك الاسرة الطاردة المفككة التي تساعد الطفل علي الهروب نتيجة الطلاق او المعيشة في فقر شديد او ايداع احد الوالدين بالسجن او سفره للعمل بالخارج وهذا يمثل تصدعا معنويا. ثم تأتي المرحلة الثالثة كما تقول د. فادية بأن يتجه الطفل للتعرف علي بيئة الشارع وأطفاله المشردين ومصادقتهم والنوم في الخربات او تحت الكباري ويتعرض في هذه المرحلة للاستغلال في الجرائم والجنس, والسرقات ويختلط بالعصابات التي تستغله في توزيع المخدرات حتي علي المدارس, ثم يصبح لعبة في يد أي إنسان يعطيه المال فيحس انه حقق البطولة لو اعتدي علي إنسان بالضرب او كسر سيارة او شوه دهاناتها, ويظهر ايضا احساسه بالبطولة كما رأينا يرفعه علامة النصر لانه احرق المجمع العلمي لانه يمثل الدولة, وفي الوقت الذي يحتاج فيه لمن يمسك بيده ويرشده ويعلمه يجد من يقبض عليه ويعذبه ويحبسه مع المجرمين ليزداد ايمانا بالجريمة ويصبح أكثر إجراما بعد ذلك. إهدار كرامة الطفل وحذرت الدكتورة فادية أبو شهبة من استمرار اهدار كرامة اطفال الشوارع, وعدم رعاية الاسرة المصرية لان المجتمع في النهاية هو الذي سيدفع الثمن من خيرة اولاده ومستقبل بلده من هذه القنابل الموقوتة علي مدي24 ساعة والذين اصبح منهم عتاة الاجرام الذين يهاجمون المواطن في اي وقت واي مكان لانهم ضائعون, وساقت د. فادية مثلا من دراسة اجرتها علي الشريحة انها قابلت احد عتاة الاجرام واسمه( فارس) والذي ذكرتها مأساته وكيف تحول الي مسجل خطر وهو في سن16 سنة اي في مرحلة الطفولة واصبح رئيس عصابة للسطو المسلح في طريق مصر الصعيد, مستخدما أسلحة الرشاش والآلي في القتل لكل من يقاومه أو السطو أو الاغتصاب. وطالبت د.فادية بضرورة أن توجه الدولة جهودها لرعاية الأسرة المصرية خاصة بالمناطق الشعبية التي تعاني من نقص في كل الخدمات والرعاية بأنواعها وتشجيع السكان علي تعليم ابنائهم مع صرف إعانات تعليمية مشجعة لهم لأن هذا يوفر علي الدولة الكثير جدا من الخراب الذي حدث مثل الدمار في أبنية الدولة الأخير. قانون الطفل كما طالبت د.فادية بضرورة تفعيل قانون الطفل الذي يكفل حمايته من كل عدوان خارج أو داخل أسرته, والذي أصبح علي ورق فليس هناك من يستجيب لإنقاذ الطفل فعليا برغم وجود خط ساخن فأين ذلك الباحث الاجتماعي الذي يذهب إلي الأسرة لارشادها عن كيفية معاملة الطفل وتربيته بطريقة أفضل في حدود الإمكانات فضلا عن ظروف الفقر الشديد الذي قد يدفع بالأسرة لترك أولادها الصغار يتكسبون بالشحاذة أو السرقة أو الأعمال المهدرة لكرامتهم والتي قد يفتخر بها الآباء أحيانا ويصفون الأطفال بأنهم شطار بينما في بلاد العالم المتقدمة إذا ثبت إهمال الأم أو الأب للطفل يتعرضان للعقاب الذي يصل إلي السجن ذلك لأن الطفل مسئولية المجتمع وله حقوق عليه ليصبح إنسانا مفيدا ومنتجا لبناء وطنه. إعادة التربية أما الدكتور سعد عويس مدير برنامج الشباب باليونسكو بالشرق الأوسط فيؤكد أن هؤلاء الأطفال المستغلين في مواجهة الثورة وإجهاضها يجب العناية بهم وإعادة تربيتهم لأنهم ضحية, لأن اهمالهم يجعل المجتمع المصري يستحق ما يحدث منهم فهناك دعوات منذ عام5791 نادي فيها رجال البحوث الاجتماعية والجنائية بضرورة الالتفات إلي هذه الشريحة المهضومة منذ الصغر وبلا فائدة فلا أحد يسمع أو حتي يري أي مصالح لهم, وهناك مشروع لضم هؤلاء الأطفال خاصة بالمناطق العشوائية إلي المدارس حسب أعمارهم ضمن برامج التعليم وتوفير الغذاء والرعاية طوال النهار لهم إضافة لتدريبهم علي مشروع إنتاجي يتعلمون فيه مهنة تقيهم الفقر والعوز هم وأسرهم وتوفير حياة كريمة لهم بالتعاون مع هيئات المجتمع المدني من كساء ومصروف في الحد الأدني لمعيشتهم وهناك دور رعاية الأحداث والأيتام التي لديها دخل جيد طوال العام لرعايتهم, وهناك أنشطة أخري مكملة لتأهيلهم ليكونوا اشخاصا أسوياء مثل نشاط الكشافة والطلائع وهو دور حيوي مطلوب من المجلس الأعلي للشباب وأن يوجه لهذه الفئة ليس لمن لديهم القدرة المعيشية والمادية. وطالب الدكتور مسعد عويس, شباب ثورة52 يناير بأن يضعوا في برامجهم المستقبلية النهوض بهذه الفئة وحض أجهزة الدولة علي رعايتهم لتوفير أساسيات الانسان المتقدم من ثقافة وصحة جيدة وحياة اجتماعية وتنشئة سياسية ووطنية لجمع شمل الأسرة المصرية الكبيرة في بوتقة واحدة لا فرق بين مسلم ومسيحي. كما أن هناك دورا مفقودا في برامج الأحزاب تجاه الأطفال في هذه الشريحة فليس هناك أي خطوات متوقعة لإنقاذهم من هذه المأساة المنتشرة في الشوارع كما أنه أصبح من الضروري أن تخصص منصب نائب رئيس الوزراء لشئون التعليم بتولي التنسيق بين الوزارات فيما يهم شريحة الأطفال والشباب بين وزارات التعليم والثقافة والشباب وأجهزة المسرح والسينما والمكتبات بكل أنواعها لصناعة جيل قوي يعرف معني الثورة.