صورة وحشية فظيعة رسمتها الاخبار المتواترة عن عصابة قتل الاطفال المشردين في الشواريع، وقد تركز عمل تلك العصابة بين اطفال الشوارع الذين وجدوا انفسهم في ظروف مأساوية لاسباب خارجية عن ارادتهم.. والمقصود بهؤلاء الاطفال شريحة عمرية نلاحظها جميعا في الاماكن العامة يقومون باعمال التسول او اعمال تافهة تصل الي حد التسول ويثيرون شفقة الناس وتعاطفهم. وربما كان تزايد عدد السكان سببا في تزايد عدد هؤلاء الاطفال واصبح وجودهم في الشارع حتميا بسبب عدم توافر دور الرعاية اللازمة لسحبهم من الشوارع. ونادرا ما يقوم هؤلاء الاطفال بارتكاب جرائم لافتة للنظر، ولكنهم يشكلون نواة للاجرام حيث يتلقفهم من يعلمهم السرقة والاحتيال والنشل ويدفعهم علي طريق ممارسة الرذيلة ويعتبر الاعتداء الجنسي علي الاطفال احدي وسائل السيطرة عليهم واستغلالهم اسوأ استغلال. واحيانا تقوم اجهزة الشرطة المختصة "بالاحداث" بجمع عدد من اطفال الشوارع وتتصرف معهم وفق القانون وخاصة اذا لم تكن هناك جريمة معينة منسوبة "للحدث" وينتهي الامر بتسليمه الي ذويه الذين تركوه اساسا في الشارع وتكون النتيجة انه يعود الي الشارع فور الاجراءات القانونية. وربما يتم تسلم بعض هؤلاء الاطفال في مؤسسات الرعاية المتخصصة ولكنهم سرعان ما يهربون منها او يتعلمون فيها خبرات خاصة في مجال الاجرام. واعتقد ان ظاهرة اطفال الشوارع الموجودة منذ وقت طويل، تمثل انتهاكا جماعيا من المجتمع لحقوق الانسان، وهي ليست في الاساس قضية امنية، وانما تسبب مشكلات امنية.. والمجتمع كله مسئول عنها وعن ايجاد حل لها. فالعلاقات الاجتماعية غير السوية وانجاب اطفال غير شرعيين وعدم الاعتراف الواسع بخدمات معالجة المشكلات الاسرية تؤدي الي تفاقم مشكلة اطفال الشوارع. وعجز المجتمع عن توفير دور الرعاية الكافية لسحب الاطفال من الشوارع واعادة تأهيلهم نفسيا واجتماعيا للتعامل السوي مع المجتمع يؤدي الي وجود ألغام موقوتة تتزايد بتزايد عدد هؤلاء الاطفال. الصورة الوحشية التي رسمتها اعمال عصابة قتل اطفال الشوارع تجسد مدي الظلم الواقع علي هذه الفئة، ومدي خطيئة اولئك الذين يدفعون باطفال لا ذنب لهم الي هذا العالم الوحشي.. كأن هؤلاء الاطفال المساكين لا يكفيهم تشردهم وافتقادهم لحضن الاسرة الدافئ، فيتم الاعتداء عليهم بوحشية وقتلهم بفظاعة.. فهل يفيق المجتمع من غيبوبته وأنانيته ويجد حلا لهذه المشكلة.