تشهد المرحلة المقبلة من تاريخ مصر بداية جديدة من أجل استكمال مسيرة الإصلاح السياسي المخطط الذي يتسم بالموضوعية والهدوء والاتزان, وبما يلبي الاحتياجات الحقيقية لمتطلبات تلك المرحلة, حيث يشهد النصف الأول من العام المقبل 2012 علامة فارقة من مراحل العمل الوطني من اختيار أعضاء مجلسي الشعب والشوري, وإعداد دستور جديد للدولة يرقي لدولة ديمقراطية وعصرية ومتطورة, ثم انتخاب رئيس الجمهورية بنظام الانتخاب التنافسي الحر بين أكثر من مرشح. ولا شك أن اختيار المواطنين لأعضاء مجلس الشعب في المرحتلين الثانية والثالثة سوف يكون صعبا, ذلك لأن الخطأ في عملية الاختيار انما يعني أننا أخطأنا في حق مصر, فإذا لم تراع الدقة والموضوعية في الاختيار, وتوافر كل معايير وضمانات الاختيار الصحيح الذي يضع مصلحة مصر فوق كل التيارات والجماعات والأحزاب, فإن النتائج المترتبة علي ذلك سوف تكون سلبية, وسوف تنعكس بآثارها الضارة علي مستقبل الأمن, والاستقرار, والبناء والتنمية خلال المرحلة المقبلة. لذلك فإن من منطلق حب الانتماء لمصر, وشعور كل مواطن بأنه جزء لا يتجزأ من كيان مصر, تربطه بالوطن أهداف محددة وآمال مشتركة للعبور بهذه المرحلة الصعبة الي بر الأمان, الأمر الذي يتطلب ألا تتعارض فيها المصالح والاتجاهات المختلفة والتي يجب أن تتوحد فيها الكلمة من أجل صالح مصر. ولا شك أن هناك ارتباطا كبيرا بين تنمية الانتماء لمصر, وبناء المواطنة, فكلاهما يسير في فلك واحد, فبناء المواطنة يشكل جوهر وحجر الزاوية في بناء الدولة الديمقراطية التي ترتكز وتؤكد الاهتمام بحقوق الإنسان الذي يقررها الدستور, وتؤكدها القوانين والقرارات, وجميع التشريعات الحاكمة والمنظمة للعلاقات بين الأفراد أو بينهم وبين الدولة. فحقوق المواطنة هي تلك الحقوق المتعلقة بالحريات العامة مثل حق العمل, وحق التعبير, والحق في المعاملة المتساوية دون تمييز علي أساس اللون أو الجنس, أو الدين, أو العقيدة, وكذا الحقوق السياسية, وتعني ضمان حق الفرد في المشاركة السياسية, وحقه في الترشيح والانتخاب. وتلك الحقوق هي التي يجب أن يتوازن معها بل ويقابلها اهتمام المواطن بواجبات المواطنة, ذلك لأن أي اختلال وعدم وجود توازن بين الحقوق والواجبات هو اختلال في ركن أساسي من أركان مباديء المواطنة التي تقوم علي العلاقة بين الفرد والدولة, وبما تتضمنه تلك العلاقة من واجبات وحقوق, فكل فرد له حقوق, كما أن كل فرد عليه واجبات, كما أن علي الفرد أن يدين بالولاء, ويشعر بالانتماء الي الدولة التي ترعاه وتعمل علي تحقيق أهدافه واحتياجاته. ولعل من أبرز واجبات المواطنة في مصر هي المشاركة السياسية لجميع أفراد وفئات الشعب في عملية صنع القرار خلال المرحلة المقبلة, تلك المشاركة التي تعد من سمات الدولة العصرية الحديثة, خاصة بعد أن أصبحت الديمقراطية هي إحدي ركائز نظام الحكم في مصر بعد ثورة 25 يناير العظيمة التي أعادت لشعب مصر العظيم الحرية والديمقراطية, لاسيما وأنه دائما ما ترتبط حضارة الشعوب ورقيها ونهضتها بقدر المساحة المتاحة للحرية والعدالة والديمقراطية السليمة التي تسود المجتمع. المزيد من مقالات د. حسين رمزى كاظم