ربما لا يدرك الكثيرون أن ثمة علاقة موضوعية بين ما يجري في منطقة ميدان التحرير وما يجري في مصر كلها, من أقصي الشمال إلي أقصي الجنوب وهي ليست علاقة عواطف ومشاعر, وإن كان فيها شيء من ذلك بل هي علاقة مصالح وسياسة واقتصاد ودين! إن الملاحظ, منذ تفجر ثورة يناير, أنه كلما هدأت الأمور في التحرير انعكس هذا الهدوء علي كل ربوع الوطن المصري, والعكس بالعكس.. سادت الفوضي والغوغائية والاضطرابات كلما دق قلب مصر بالخوف والفزع.. ويترتب علي ذلك ان أي طرف يريد ان يضرب مصر في مقتل عليه أن يوجه طعنته الأولي إلي ميدان التحرير. لقد بدأ المصريون يتنفسون الصعداء مع بداية انطلاق مسيرة الديمقراطية, وخفقت قلوب المصريين إلا أقلية منهم! بالفرح والسعادة وهم يتوجهون للتصويت, فاذا بنا نفاجأ بالاعتصامات, وأحداث شارع محمد محمود, وقبلها أحداث ماسبيرو, والأن احداث اعتصام مجلس الوزراء, وكأن هناك من يتربص بهذا البلد ليظل يحيا في حالة من الفوضي والهيجان والخوف. والأمر الذي لا يرقي إليه أي شك أن جموع المصريين يرغبون في الاستقرار حتي يبدأوا في جني ثمار ثورتهم لأنه من غير المعقول أن يبقي بلد في حجم مصر ثائرا هكذا أبد الابدين. علي كل واحد منا أن يسأل نفسه: هل أنا راض عما يجري في التحرير الأن, فاذا جاءت الاجابة بنعم.. إذن فلتستمر الفوضي إلي ما لا نهاية.. لكن لو أتت الاجابة: لا لسنا راضين, فسيكون علي المصريين ان يرفعوا أصوات الاحتجاج علي هذا العبث الذي نراه الأن, هيا نقولها كلنا بصوت واحد: لا.. وألف لا لتلك الفوضي!