بيروقراطية، ديمقراطية، بهائية، ليبرالية، اخوان مسلمون، سلفيون، علمانية، مدنية، دستور ومادة 76، 77 وثيقة الأزهر والفرق بينها وبين وثيقة السلمى.. وأكم من المصطلحات والتوجهات الفكرية والحزبية والقوانين والتشريعات التى يجهل معناها العجائز والبسطاء وكبار السن وأجيال المستقبل من المراهقين من هم أمل الغد، فنحن بحاجة الى وضع يد هؤلاء على تعريفات ولو مختصرة وليست سطحية لكى يتمكن من تكوين رأيه بنفسه، بعيدا عن الثقافة السمعية والعشوائية، نحن فى حاجة الى إعلام وتثقيف معا، وللأسف لدينا عجز شديد فى هذين الصرحين وزارة الإعلام ووزارة الثقافة اللتان لا يملكان آليات صحيحة للعمل على خدمة الوطن وترتكز كل منهما على المركزية وكأن مصر كلها مختصرة فى طبقة خاصة هى تلك التى تسعى للفهم والمعرفة فقط، أو الكتاب والأدباء، فمحيط العلم والمعرفة لا يغذى إلا مناطق بعينها وبشكل بدائى عقيم لا يملك الفكر ومواكبة العصر التكنولوجى الذى نحياه، ورغم إقدامنا على عصر مستنير بالحرية إلا أنى أخشى أن نبدأ على ضلال ونختار السائد والمتداول والذى لا يخالف العرف العام، والمتفق عليه من المجتمع والعامة، والمفروض، ومن المفترض أننا أصبحنا على مشارف العيش فى عالم لا يعرف ما هو مفروض ولا يملك شيئا مفروضا، فلابد أن يحل محل المفروض.. المختار واسمحوا لى أن أقص عليكم حكاية شخصية حول جهلى بمصطلح الشيوعية مثلا الذى تربيت علي أنه إلحاد حيث تفتحت عيناى وأنا فى مقتبل العمر- 15 عاما - على أخى الشيوعى الشاعر صبرى السيد الذى لم يهدأ بيتنا بسببه من الخلافات والمناوشات بينه وبين أبى الناعت له دوما بالملحد الذى يجب أن يحل دمه، ومن الطبيعى أن أنصاع وراء أبى الذى يمثل لى ايضا العرف العام، والمتدوال والسائد الذى لا يجب مخالفته، ورغم اعتزازى بأخى قدوتى فى الشعر والكتابة والاطلاع والثقافة إلا أنى لم أجرؤ على مخالفة العرف العام، ولكن شيئا ما - نطلق عليه الفضول الصحى - كان يدفعنى لمعرفة حقيقة الأمر، وسرعان ما هربت من رقابة أبى على - دماغى - خوفا من غسيل أخى لها وملأها بأفكاره وذهبت اليه محصنه بالله وبالإيمان حتى أتمكن من الرد على كل صغيرة وكبيرة واذا تطلب الأمر سوف أهاجمه، والمفاجأة أننى تعلمت ببساطة أن الشيوعية مجرد نظرية اقتصادية فى الأساس ويرجع ربطها بالدين والاسلام والله أنها من جانب ظهرت فى روسيا بلد العلم والعلمانية التى أطلقت نظريات عديدة فى إمكانية خلق الانسان وأجرت محاولات علمية للتوصل الى تكوين البيئة المشابهه لرحم الأم، فضلا عن أن معتنقى الشيوعية كانت لهم أراء معادية للاسلام تنتقد أفكاره وأحكامه وقد خرجت عن دائرة المساواة والاشتراكية بين الغنى والفقير والقضاء على دولة الرأسمال لتنتقد الأديان وبالأخص الاسلام من قبل معتنقيها مما جعلها منبوذة ومحل انتقاد بل ورفض فى المجتمعات الاسلامية جمعاء، ومهما أقسم الشيوعى بتوحيده بالله فهو فى نظر الكل ملحد, ونخلص من هذا أنه يكفى أن تفهم وأختر ما تشاء، هكذا علمنى أخى المطلع الثورى الذى ناضل من أجل فلسطين فى الثمانينات وتربى على أيدى أساتذة أكاديمين نحترمهم كثيرا لحكمتهم وعلمهم وأقلامهم الحرة وهم ايضا معتنقى الشيوعية.. لكنهم أخذوا منها ما يفيد البلد ولقنوه لتلامذتهم للحفاظ على العلم والمعرفة واحترام الآخر.. فتعلمت ألا أعترض دون فهم، ألا أتجنب حزبا أو توجها دون الإلمام به.. وأرجو ألا يفهم البعض بأنى أدعو لاعتناق الشيوعية مثلا وإنما جاء ذكرها باعتبارها مثالا يوضح مغزى حديثى، والدعوة النظيفة الخالية من أى أغراض للإلمام المعرفى بكل ما نجهله ويستعصى علينا فهمه، ولكل ما يستجد من مصطلحات وأحكام وأظن أن هذا الدور هو مسئولية ثوارنا وشبابنا الجامعيين وذوى الاطلاع، وكأنها دعوة لوجود - صبرى السيد - فى كل بيت مصرى لحين تأسيس مؤسسات إعلامية وثقافية تفى بالغرض. المزيد من مقالات ناهد السيد