هذا العرس الديمقراطي الذي عاشته مصر يومي الاثنين والثلاثاء الماضيين في انتخابات المرحلة الأولي لمجلس الشعب يعكس عمق الرغبة في سرعة الخروج من حالة السيولة السياسية الراهنة التي يستثمرها البعض- بوعي أو بدون وعي- من أجل إطالة أمد الفترة الانتقالية! كان لسان حال الجميع يقول في صوت واحد أن مسئولية المرحلة المقبلة هي مسئولية الجميع ممن ينتمون لتراب هذا الوطن وأن هذه المشاركة الكاسحة في الانتخابات تعني أن الكل يريد أن يتحمل نصيبه من المسئولية في صياغة مستقبل هذا الوطن بما يلبي ويحقق مصالح كل الفئات وكل الطبقات بتوازن اقتصادي واجتماعي دقيق. إنني استنادا لتجربة شخصية أثناء إدلائي بصوتي في اللجنة رقم40 بالمدرسة التجريبية الموحدة بمدينة نصر ودون التوقف أمام بعض الأخطاء لابد من توجيه الشكر والتحية للشعب الذي تدفق وللجيش الذي وفر الحماية وللشرطة التي فرضت النظام وللقضاء الذي ضمن النزاهة. إن ما حدث في هذا العرس الديمقراطي يمثل رسالة إلي كل من يعنيهم الأمر بضرورة تعميق مبدأ أساسي هو أن يبدأ كل مسئول بنفسه وأن يقدم نفسه كنموذج للقدوة الصالحة حتي يقتدي به مرءوسوه من خلال التزام صارم بالشرعية ورفض قاطع لأي تجاوزات أو استثناءات مهما بدت ضئيلة لأن الخروج علي الشرعية أو تجاوز نصوص القانون يعتبر خروجا علي الإرادة الشعبية التي تري في الشرعية أنها حصن الحقوق والواجبات وهي الضمانة لاستعادة الأمن والاستقرار. ما حدث في هذا العرس الديمقراطي أطلق رسالة واضحة حول عمق الوحدة الوطنية ورسوخ ركائزها في البنية الاجتماعية المصرية منذ آلاف السنين ففي مصر ولد سيدنا موسي عليه السلام وإليها لجأ السيد المسيح وأمه العذراء وعلي أرضها عاشت المسيحية وإزدهر الإسلام وحظي اليهود بكل حقوقهم بفضل ثقافة أصيلة يتوارثها المصريون جيلا بعد جيل مفادها أن الشعب نسيج واحد لم يعرف يوما شيئا اسمه الطوائف أو الأقليات. إن هذا العرس الديمقراطي يمثل دعوة لكل القوي السياسية بضرورة الارتفاع فوق كل الخلافات ودفن كافة الأحقاد والضغائن من خلال صحة الإدراك بالفارق الهائل بين ضرورات وإيجابيات الخلاف في الرأي وبين مخاطر وسلبيات تحويل الخلاف في الرأي إلي صراعات ومشاحنات تضر بأكثر مما تفيد! وغدا نواصل الحديث خير الكلام: إن كان سرك مثل علنك فلا تخف من أحد! المزيد من أعمدة مرسى عطا الله