عندما شاهدت طوابير المصريين من كل الفئات تصطف بالساعات للادلاء بأصواتهم في الجولة الاولي من أول انتخابات حرة ونزيهة وبلا عنف, تحجرت الدموع في عيني ليس فقط حزنا علي شباب سقطوا شهداء أو مصابين من أجل أن ننعم أنا وأنت وأولادنا بالحرية والأمل في غد افضل بل أيضا علي سنوات من القهر والذل واجيال عانت من الظلم والتعذيب ربما بلا ذنب جنوه, ووجدت نفسي اندفع بقراءة فاتحة الكتاب علي أرواح هؤلاء الشهداء التي شعرت بأنها تطوف وتحلق فوق رءوس كل الناخبين الواقفين في الطوابير للإدلاء بأصواتهم.. أنني أرفض ما يردده البعض من أن الاقبال الكبير علي الانتخابات بالرغم من تعقيداتها غير المفهومة للكثيرين كان سببه الخوف من الغرامة, لأن ذلك يقزم من انجاز المصريين, في حين كان الدافع الرئيسي كما أظن هو التصويت للاستقرار بحثا عن الأمان والتطلع إلي غد مشرق ودولة متقدمة! ولسوف يظل كل مصري سواء كان مع الثورة أو ضدها يشعر بالامتنان لثورة52 يناير التي فجرها الشباب وشارك فيها كل فئات الشعب بحثا عن الحرية والديمقراطية وأملا في الخلاص من الخوف والقهر والظلم الذي عانوه علي مدي سنوات طويلة. فها نحن نتطلع اليوم وغدا إلي بناء دولة جديدة.. مدنية.. ديمقراطية.. متقدمة.. يكون التسامح قلبها والاخلاص والولاء روحها.. والتسامي عن المصالح الخاصة سمة أهلها وسياسيها!. فقد عبرت المرحلة الاولي للانتخابات أو ما يمكن أن نطلق عليه كي جي1 ديمقراطية بسلام واظهر المصريون أنهم بالفعل لا القول فقط أصحاب حضارة عريقة بل وأيضا ناضجون بما فيه الكفاية لفهم وممارسة الديمقراطية وسوف نثبت أننا مأهلون لها وليس كما ادعي الرئيس المخلوع ومن كان حوله بأننا شعب همج لا يمكنه ممارسة الديمقراطية ولا يمكن حكمه سوي بالقبضة الحديدية. وإذا كان بعض المحللين يشيرون إلي أن مصر في طريقها إلي بناء الجمهورية الرابعة بعد جمهوريات ناصر والسادات ومبارك الديكتاتورية وأن ملامح هذه الجمهورية لم تتضح بعد أو مازالت تتبلور, فانني أعتقد بأن المصريين سوف ينجحون في بناء أول جمهورية ديمقراطية في تاريخهم الحديث, وسيكونون من الوعي كما كانوا عبر تاريخهم في التمسك بوحدة بلدهم. ولكن هل تكون أول جمهورية مدنية وديمقراطية مكونة من رئيس عسكري بملابس مدنية وبرلمان ذو أغلبية إسلامية إخوان وسلفيين ؟ وهل سيظل شباب الثورة معتصمين في هايد بارك التحرير ومستبعدين من البرلمان ومجلس الوزراء تاركين أرض الواقع والشارع السياسي للأحزاب الكرتونية القديمة والإخوان والسلفيين الذين امتلكوا الخبرة السياسية والدهاء مقابل شباب لا يملك إلا الأحلام وطموحات ومشاعر نبيلة ولم تلوثهم بعد قذارة السياسة. بقي ملاحظة: اثبت المجلس العسكري قدرته علي فرض الأمن في البلاد من خلال التأمين الرائع للانتخابات.. اذن يمكنه القضاء علي البلطجية وفرض الأمن في الشارع إذا اراد ولكن السؤال هو لماذا لا يريد؟! المزيد من أعمدة منصور أبو العزم