هذا فجر جديد للحرية والديمقراطية.. وأمل كبير للسياحة..اليوم.. لا أستطيع إلا أن أعبر عن سعادتي بما حدث في مصر هذا الأسبوع.. فقد كتب المصريون سطرا جديدا في تاريخ نضالهم من أجل الحرية والديمقراطية, بل لقد فاق إقبالهم علي الانتخابات البرلمانية كل التوقعات, وأكثر من ذلك صاحب هذا الإقبال الذي كان مفاجأة لكل المراقبين.. أنه كان مصحوبا بحالة من الانضباط والأمن. ولذلك أقول بكل وضوح انه إذا استمرت حالة الانتخابات البرلمانية إلي نهايتها بهذا الشكل, فإن هذا أقوي ما يمكن أن نقدمه لعودة السياحة المصرية أو بمعني أقوي ما يمكن أن نقدمه من دعم للاقتصاد المصري ويذكر القارئ الكريم لصفحات سياحة وسفر أنني كتبت علي هذه الصفحة في إحدي رسائلي من بورصة لندن يوم الخميس قبل الماضي مقالا بعنوان السياسة قبل السياحة أحيانا, وفي شرح لهذا العنوان قلت في عنوان آخر إن كل شركات السياحة الأجنبية رفعت في وجه رجال السياحة في مصر شعارا يقول بعد الانتخابات نتفاهم. وقلت ان هذا الشعار كان يرد به الأجانب علي المصريين حينما يحاولون التعاقد معهم علي وفود سياحية جديدة لمصر في الشهور المقبلة, وذلك بسبب تخوف الأجانب من الحالة الأمنية في مصر ومما كان يتوقعونه مصاحبا للانتخابات من انفلات أمني. لكن المصريين بفضل الله كان ردهم قويا يومي الاثنين والثلاثاء من هذا الأسبوع حينما أصروا علي نجاح تجربتهم في التحول الديمقراطي والتأكيد علي نجاح الانتخابات البرلمانية, مما يعني رغبتهم في استقرار مصر وفي فرض الأمن والأمان علي ربوعها. إن ما نقلته وسائل الإعلام والفضائيات هذا الأسبوع هو أكبر سند وأقوي تسويق للسياحة المصرية, بل هو أكبر دافع لعودة السياحة إلي مصر لأن السائح سيشعر حتما بأننا نرغب في الاستقرار ولأن السياحة التي لا تنمو إلا مع الاستقرار في طريقها إلي مصر. وإذا كان ثمة تخوف آخر يشغل السائح أو الشركات الأجنبية الذي جعله يرفع شعار بعد الانتخابات نتفاهم, فإن هذا التخوف كان من بعض التصريحات التي أطلقها بعض من ينتمون إلي التيارات الإسلامية المتشددة أو السلفية حول موقفهم من السياحة والتعامل مع السائحين.. فاعتقدا أن ما خرج من توضيحات من قادة هذه التيارات أخيرا يصب في مصلحة السياحة, فقد أوضحوا بعد ذلك أن المصريين شعب متدين ويحترم الأديان وثقافات البشر.. إن الصورة تكتمل حتما لمصلحة السياحة المصرية من خلال نجاح الانتخابات والأصوات العاقلة التي تحترم السياحة وتحترم الإنسان والأديان وتقدر أن السياحة في النهاية هي مورد اقتصادي مهم للدولة يضخ في شرايينه مليارات الدولارات(12.5 مليار دولار العام الماضي), فضلا عن مليارات الدولارات الأخري في صورة انفاقات مباشرة وغير مباشرة, في صناعة أخري مكملة للسياحة, والأهم من ذلك كله هو توفير فرص العمل لملايين من شباب مصر الباحثين عن حياة أفضل. إن التأكيد علي نجاح الانتخابات المصرية في المراحل التالية هو تأكيد علي رغبة الشعب في الديمقراطية والاستقرار والنمو الاقتصادي وعودة السياحية. وإذا كانت السعادة والفخر يملآن كل المصريين بهذا التاريخ الجديد الذي يكتبونه من أجل الديمقراطية والحرية ونحن منهم بكل تأكيد, فإننا علي الجانب الآخر كمتخصصين أو مهتمين بالسياحة يجب ألا نفرح ونتوقف عند الفرح فقط, بل إن علينا دورا مهما يجب أن يبدأ من اليوم وتقوده وزارة السياحة والاتحاد المصري للغرف السياحية في مختلف الأسواق والمعارض السياحية الدولية, بل ومن الآن في مختلف وسائل الإعلام الدولية. لقد دخلت السياحة المصرية منذ ثورة25 يناير أزمة أو تراجعا كبيرا في أعدادها وكان ذلك بسبب ما تناقلته وسائل الإعلام والفضائيات عما يحدث في ميدان التحرير أو ما يحدث من احتجاجات فئوية في مختلف أنحاء مصر, وكان ذلك مدعاة الخوف السابق.. ولذك فإن علينا أن نبدأ من الآن في حملة لتحسين الصورة, فصورة شباب مصر الذي أحدث هذه الثورة. بجب استغلالها كأول ثورة شعبية في العصر الحديث بمثل هذا الزخم الإيجابي, وعلي وزارة السياحة تحديدا التعامل مع وسائل الإعلام الدولية بمفاهيم صحيحة, مفاهيم اتفق عليها كل خبراء الإعلام والإعلان, مع الأخذ في الاعتبار أيضا أن القطاع الخاص عليه أن يبدأ تنفيذ أساليبه في التسويق والترويج, بالإضافة إلي جهود الدولة. وأذكر أنني كتبت علي هذه الصفحة في الأسابيع الماضية حول التسويق في ظل الأزمة وكيفية إدارة الأزمة اكثر من مرة, فيوم الخميس الماضي كان عنوان مقالنا عن الأساليب الجديدة للتسويق في ظل الأزمة, وذكرنا أمثلة عديدة في أوروبا وأمريكا تطرح كيف يفكرون في التسويق في ظل الأزمات الاقتصادية والاضطرابات السياسية في العالم, ولم يكن تخفيض الأسعار فقط هو الأسلوب الوحيد, بل الأفكار الجديدة والخدمات المتميزة هي التي تجذب السائحين, وأشرت إلي أن أحد التقارير في بورصة لندن كان يتحدث عن مصر وتونس بشكل خاص أو ما يسمي بثورات الربيع العربي, وقال إن عملية التسويق السياحي لمصر يجب أن يتم استغلال الثورة التي حدثت في مصر وأبطالها من الشباب في التعبير عن هذه التجربة الديمقراطية الرائعة. كان أيضا هناك مقال آخر لنا في13 أكتوبر الماضي عنوانه الدليل في إدارة الأزمة وفيه شرحنا القواعد التي وضعها خبراء منظمة السياحة العالمية للخروج من هذه الأزمات من خلال وضع استراتيجيات إعلامية للخروج من الأزمة تعتمد علي قيام الجهات المسئولة مثل وزارة السياحة هنا في حالتنا باختيار متحدثين جيدين يتعاملون مع وسائل الإعلام الدولية وأن يتم تقديم المعلومات لهم وأن تكون معلومات صادقة عن حال السياحة المصرية وما تقدمه من خدمات متميزة, مع التأكيد علي حالة الاستقرار والأمن, والتأكيد علي بناء الصورة من جديد من خلال الترويج لكل ما من شأنه استعادة النشاط السياحي في المرحلة المقبلة مثل المشروعات الجديدة والخدمات ودعوة كبار كتاب الصحافة السياحية في العالم, وكذلك أصحاب الشركات السياحية والتواصل معهم. لا أريد أن أستبق الأحداث, ولكن سعادتي بما حدث هذا الأسبوع من نجاح المرحلة الأولي للانتخابات البرلمانية المصرية يجعلني أشعر بالزهو والفخر وبأننا ماضون في الطريق الصحيح لاستعادة السياحة والنمو الاقتصادي وأن الشعار الذي رفعته شركات السياحة الأجنبية في وجه المصريين هو بعد الانتخابات نتفاهم يمكن أن نرد عليه بقوة الآن ونقول لهم بالفعل نحن جاهزون للتفاهم. نحن ماضون ومصرون علي الاستقرار والأمن.. نحن نرحب بالسياحة وبالسائحين.. نحن أمة عريقة وشعب يمتلك حضارة عريقة جذورها ضاربة في أعماق التاريخ. نحترم كل البشر وكل الآديان وما السياحة إلا جسر للتواصل الانساني والثقافي والصداقة والسلام. بقي أن أتوجه بالدعاء إلي الله أن يكمل فضله علينا وأن يظل هذا الثوب الأبيض للانتخابات المصرية ناصعا بالبياض. فهذا هو الطريق إلي لاستقرار والحرية والديمقراطية, وإلي غد أفضل لكل المصريين.. قولوا يارب.. [email protected] المزيد من مقالات مصطفى النجار