أكد الدكتور محمود محمد علي نائب كبير الأطباء الشرعيين أن عددشهداء التحرير وصل إلي 138 شهيدا حيث استقبلت المشرحة أمس جثتي شهيدين لقيا مصرعيهما أثر استنشاقهما الغازات المسيلة للدموع وتم تسليم الجثتين لذويهما. كما توافد علي المصلحة عدد كبير من المصابين الذين غادروا المستشفيات لتوقيع الكشف الطبي عليهم داخل المصلحة وإعداد تقرير عن إصابتهم وتسليم التقرير النهائي للنيابة. وأمام باب مشرحة زينهم حيث تعالت أصوات الصراخ والعويل علي أعز الناس, حيث جلست أسرة الموظف فراج السيد55 سنة ببنك ناصر الاجتماعي وتكدس العشرات من زملائه في الشارع وعبارات بسيطة تتردد كان طيب القلب كان خفيف الظل الشاب عمرو السيد محمود 18سنة دماء الوطنية تسري في عروقه حتي النخاع فقد اشترك في مظاهرات 25 يناير وقد ألقي القبض عليه وخرج من المعتقل شهر يوليو وعندما بدأت مظاهرات التحرير اشترك فيها حيث كان يتوجه للميدان عقب انتهائه من عمله ويعود مساء لينام في فراشه إلا أنه خرج يوم السبت الماضي وأوصي والدته ألا تبكي عليه إذا استشهد في الميدان فتلك هي أمنيته الوحيدة وكأن السماء استجابت لدعواته وخرج من بيته ولم يعد ولا تعلم أسرته مصيره حتي الآن. ولأن المصائب لا تأتي فرادي داخل مشرحة زينهم فهذا شاب في العقد الثالث من عمره يصرخ علي شقيق زوجته الشاب أحمد سليمان ذات الأربعة والعشرين ربيعا أوصدت أمامه جميع أبواب الرزق وفشل في العثور علي فرصة عمل وقرر أن يطلق طاقاته في الميدان لعل غدا سيكون أفضل بفضل سواعده ورفاقة به في ميدان التحرير وشد الشاب اليائس الرحال إلي الميدان ولم تشفع عنه توسلات شقيقاته ووالديه وأحلام كثيرة تحبو داخله بالعمل والزواج ومستقبل أفضل للبلاد إلا أن رصاصة غادرة استقرت في قلبه لتقتلع أحلامه من جذورها ويترك الحسرة والوحدة لأسرته. وقد يكون الموت أهون بكثير من البحث والحزن علي فلذات الأكباد الذين خرجوا من صباح يوم الجمعة الماضي وانقطعت أخبارهم عن ذويهم حتي الموت أصبح أمنية لهؤلاء البسطاء الذين تورمت أقدامهم من عناء الرحلة الشاقة بين المستشفيات والمشارح لعل البصر يقع علي فلذات الأكباد الذين خرجوا بلا رجعة وكأن الأرض انشقت وابتلعتهم, فهذا هو الصبي باسم عبد السيد شريف51 سنة من مدرسة الرويعي بالعتبة خرج إلي مدرسته كعادته صباح يوم الأحد الماضي وأثناء وقوفه أمام باب المدرسة شاهد مظاهرة أبطالها مجموعة من الصبية ثارت دماء الغيرة في عروقه لأن هؤلاء الأبطال في مثل عمره وترك شقيقه الأكبر في الشارع وأصر علي الاشتراك في المظاهرة وحقيبته المدرسية علي ظهره واختفي الصبي في ظروف غامضة فتشتت عنه أسرته المكلومة في كل شبر في ميدان التحرير دون جدوي.