لم تحظ روح أكتوبر علي حيوتها وأهميتها بما تستحقه من دراسة وافية, رغم كونها من العوامل الرئيسية التي حققت النصر, علاوة علي أنها من الدروس المستفادة من نصر أكتوبر, والتي كان من الواجب أن نتناولها بالبحث العلمي المستفيض, للخروج بالأساليب التي يجب اتباعها ضمانا لاستمرارها حتي تصبح روح أكتوبر هي روح كل مصري, وتنتقل من جيل أكتوبر إلي الأجيال اللاحقة. كيف قمتم يا جيل أكتوبر ببناء روح أكتوبر؟ أولا: قبل الإجابة عن هذا التساؤل أود أن أوضح أن جيل أكتوبر هنا يعني مصر بكل عناصرها شعبا وجيشا وحكومة وكل فرد. كائنا من كان, عاش علي أرض هذا الوطن الحبيب في الفترة بين67 و73 إن روح أكتوبر هي نتاج عملي لكل هذه العناصر مجتمعة في هذه الفترة. ثانيا: لقد سمحت لنفسي أن أتصدي للإجابة عن هذا التساؤل من واقع معايشتي لهذه الفترة بل مشاركتي في تنفيذ بعض المهام الأساسية, وكانت هذه المشاركة مدعومة بخبرة عملية في الشئون الإدارية والذي يرتبط عملها بكثير من الوزارات والأجهزة المدنية التي تحتاج إليها القوات المسلحة, كما كان اشتراكي بعد حرب أكتوبر في تسجيل تاريخ هذه الحرب فرصة أتاحت لي الاطلاع علي العديد من وثائق حرب أكتوبر في إدارة المحفوظات بهيئة البحوث والتي لها علاقة مباشرة بتنفيذ المهام التي كلف بها القطاع المدني والتي تعتبر من العناصر الأساسية البناءة التي حققت روح أكتوبر لعله من المفيد الآن أن نستعرض بعض الأعمال التي تم تنفيذها في الدولة استعدادا للمعركة التي كان لها تأثير مباشر في بناء روح أكتوبر, في الصراع الحديث لم تعد الحروب بين الجيوش ولكنها أصبحت بين الدول..... المباديء الحديثة لإدارة الحرب. بعد صدمة عام67 أدركت الدولة أهمية هذا المبدأ, وأخذت في العمل علي تنفيذه ونتيجة للاجتماعات والمؤتمرات صدر في أوائل عام1968 القانون رقم4 لسنة68 والذي يعتبر أول وثيقة تنظم أسلوب العمل في الدولة استعدادا للحرب التي مناص من شنها لاسترجاع الأرض والشرف كما يعتبر هذا القانون أيضا أول لبنة في بناء صرح روح أكتوبر. تنفيذا لهذا القانون قامت جميع الوزارات بالاشتراك مع القوات المسلحة في دراسة الإمكانات المتاحة لديها, والاحتياجات المطلوبة للقوات المسلحة ومطالب تأمين الدولة, وانتهت هذه الدراسة في منتصف عام68 بإعداد خطة إعداد الدولة للحرب. لقد كان الغرض الأساسي في هذه الخطة تحقيق الأهداف التالية: 1 دعم القوات المسلحة ومعاونتها بكافة احتياجاتها لاسترداد الأرض. 2 حماية الشعب وأجهزته ومنشآته الصناعية والانتاجية. 3 توفير مخزون استراتيجي من الاحتياجات الرئيسية تكفي شهرين. لقد شاركت القوات المسلحة وجميع أجهزة الدولة في تنفيذ هذه المهمة بل شارك فيها أيضا كل فرد في الأمة, سواء بيده أو بقلبه أو بلسانه وليس فيما أقول أي مبالغة ذلك أن مصر كل مصر في هذه المرحلة كانت جميعها علي قلب رجل واحد, هدفها واحد, مصيرها واحد, إرادتها واحدة هم إذن جميعا جيل أكتوبر العظيم. إن ماتم من أعمال وإنجازات في هذه المرحلة مسجل في أضابير الحفظ, وعلي الدولة أن تعمل علي استخراجها ونشر تفاصيلها... هذا حق التاريخ وحق الشعب وحق أحفادنا. إنه كنز... خروجه للنور يوفر لنا أسلوبا يحتذي وعلما يدرس... ونمطا يمكن اتباعه عند الحاجة, ألسنا اليوم في موقف أشبه بموقفنا بعد صدمة67 ؟؟ عندما كان العدو يعبث في عمق الدولة باستخدام العملاء والتسلل بجماعات تخريب واستخدام متفجرات.. هل تذكرون الإغارة علي محطة الضغط العالي في نجع حمادي ليلة أول نوفمبر1968, ولم يكن بالمحطة سوي خفير واحد للحراسة؟؟ إن الإجراءات التي اتخذتها القيادة فور وقوع هذا الحادث تعتبر نموذجا حقق نجاحا باهرا يجب دراسته للاستفادة منه. فقد قامت الدولة بإصدار القانونين55 لسنة68, و563 لسنة69 والقرارات المكملة لهما, لتنظيم الدفاع الشعبي التي حددت( التنظيم والاختصاص والواجبات والمهام. وانشأت قيادة الدفاع الشعبي للقيام بتدريب أفراد منظمات الدفاع الشعبي في مختلف المحافظات). كلمة أخيرة أوجهها إلي شباب25 يناير إن العمل الذي قمتم به استدعي روح أكتوبر... لقد رأيتها بعيني في ميدان التحرير, ورآها العالم كله, فارتجف...رأيتها في تلاحم الشعب بمختلف أطيافه....رأيتها في تلاحم الجيش بالشعب وعندما رأي العالم هذا التلاحم ارتجف... أليست مصر هي مصدر الإشعاع...؟ العالم يعرف أنه إذا تلاحم شعب مع جيشه فهذا يعني أن هناك قوة تضمها روح واحدة لها طاقة جبارة قادرة علي فعل المستحيل... والعالم يعرف ذلك ويقدر تماما كافة الشعب المصري وجيشها, فليست أكتوبر عنه ببعيد... واعتقد أنكم تعرفون لماذا الآن هذا حالنا, ومن المتسبب في ما نحن فيه الآن. فياشباب25 يناير ابدأوا في بناء روح25 يناير.... فسوف تتحقق الآمال بإذن الله, والله ولي التوفيق.