في اطار ما يعد اعترافا ضمنيا بالمجلس الوطني السوري, ولاول مرة منذ بدء الاتصالات بين الجانبين رفعت موسكو لقاءها مع ممثلي' معارضة الخارج' الي مستوي وزير الخارجية الروسية في بادرة تقول بتغير ملموس في مواقفها تجاه تطورات الاوضاع في سوريا. ورغم ان هذا التغير لم ينل بعد من جوهر مواقفها الرافضة للتدخل الاجنبي ولم يخفف من مخاوفها تجاه احتمالات سقوط النظام السوري فان ما نشهده من تدرج في سياساتها يقول باحتمالات تكرار ما سبق وحدد ملامح مواقفها تجاه ليبيا وهو ما كشف عنه صراحة كل من الرئيس ميدفيديف ورئيس حكومته بوتين في اكثر من مناسبة فضلا عما شهده اللقاء الاخير بين سيرجي لافروف ووفد المجلس الوطني السوري من ايحاءات واشارات. وكان ميدفيديف سبق واعلن الاسد بان' عليه تنفيذ الاصلاحات وقبول الحوار مع المعارضة او الرحيل' فيما كان بوتين تنكر لعلاقات روسيا مع سوريا بقوله خلال زيارته الاخيرة لباريس' ان موسكو لا ترتبط مع دمشق باية علاقات خاصة'. غير ان ذلك لا يعني ان موسكو تتعجل النزول عن ثوابتها تجاه رفض التدخل الاجنبي العسكري ورغبتها في الحصول علي الضمانات المرجوة,ومحاولة مد فترة بقاء النظام الحالي تفاديا لاحتمالات الانزلاق الي حرب اهلية قد تودي بما بقي لها من مصالح جيوسياسية واستراتيجية قبل مصالحها الاقتصادية في المنطقة. وفي هذا السياق تحاول موسكو جاهدة الابقاء علي اتصالاتها مع كل الاطراف وتراوح في مواقفها بين التشدد تجاه رفض التدخل الاجنبي والقبول بلقاء ممثلي المعارضة الخارجية التي تصر علي تغيير النظام.واذا كانت السياسة الروسية وجدت قبولا نسبيا من جانب ممثلي المجلس الوطني السوري فيما يتعلق برفض التدخل الاجنبي فانها لم تستطع بعد اثنائهم عن هدف اسقاط النظام في نفس الوقت الذي تكيل فيه الاتهامات لخصوم هذا النظام بالاستجابة لمخططات واشنطن والبلدان الغربية الرامية الي الاطاحة بالرئيس الاسد.وتلك كلها مؤشرات تقول بالكثير من التشابه مع ملامح مواقف الامس القريب وبان موسكو تمضي علي نفس الطريق الذي سبق وقطعته خلال تعاملها مع الازمة الليبية بعد مواقف مماثلة في كل من البلقان والعراق وافغانستان.ولعل ما صدر عن قادتها من تحذيرات تلغرافية علي غرار ما قاله ميدفيديف حول ان' الاسد مطالب بتنفيذ الاصلاحات او القبول بالرحيل' او ان' الفيتو الروسي ضد التدخل الاجنبي ليس تبرئة للنظام السوري' يقول بتبنيها عمليا لقرارات الجامعة العربية رغم تعجل وزير خارجيتها لافروف الاعلان عن رفض هذه القرارات ووصفه لها بانها' غير صائبة'. وكان ميخائيل بوجدانوف نائب وزير الخارجية الروسية والمسئول عن ملف البلدان العربية والشرق الاوسط قد استقبل سفير سوريا في دمشق في اعقاب المباحثات مع وفد المجلس الوطني السوري وابلغه بثوابت الموقف الروسي تجاه ضرورة تجاوز السوريين للازمة دون تدخل خارجي ومن خلال الحوار مؤكدا ضرورة وقف اعمال العنف وفيما كان برهان غليون رئيس المجلس الوطني السوري كشف عن حرص المجلس الوطني علي الحل السلمي واستعداده للحوار مع كل الاطراف التي لم تتورط في اعمال قتل, مؤكدا رفض الحوار مع الاسد الذي دعا موسكو الي دفعه نحو التنحي,استشف المراقبون تحذريات ضمنية من جانب لافروف وزير الخارجية الروسية الي القيادة السورية اشار فيها الي انه' لو قبلت القيادة الليبية خطة الاتحاد الافريقي التي تضمنت اجراء المفاوضات لكان من الممكن انقاذ حياة عشرات الالوف'. ولذا لم يكن غريبا ان يعترف رئيس المجلس الوطني السوري صراحة في ختام لقاءاته في الخارجية الروسية بوجود بوادر تغير عزاها الي إرادة الشعب السوري وإحباط الرأي العام العالمي من رفض النظام السوري أي إصلاح.