أصبحت الإثارة هي طبيعة الأحداث, فلأول مرة كما أتذكر ترسل محكمة أوراق محكوم عليهم بالإعدام لأخذ رأي المفتي كما يوجب القانون ولا يرد المفتي, وربما لهذا راهن كثيرون علي تأجيل إعلان الأحكام فيها علي أساس منح فرصة للمفتي الجديد الذي تم تعيينه كي يرد, ولكن المحكمة التزمت بنص القانون وأعلنت أحكامها بإعدام ال21 الذين مازالت أوراقهم حتي اليوم عند المفتي, كما قضت بالسجن15 سنة لمدير أمن بورسعيد ورئيس المباحث وقت المجزرة, ويمثلان قمة جهاز الشرطة في المحافظة. من الناحية القانونية فمن يدقق يجد أن المادة381 من قانون الإجراءات الجنائية تقول: لايجوز لمحكمة الجنايات أن تصدر حكما بالإعدام إلا بإجماع آراء أعضائها( وهذه ضمانة لصحة الحكم الذي تصدره) ويجب عليها قبل أن تصدر هذا الحكم أن تأخذ رأي مفتي الجمهورية( وهو مايشير إلي ضرورة أن تعرف رأي المفتي) ويجب إرسال أوراق القضية إليه.( فإرسال الأوراق إلي المفتي وجوبي وشرط) ويضيف النص: فإذا لم يصل رأيه إلي المحكمة خلال العشرة أيام التالية, حكمت المحكمة في الدعوي( ومعني ذلك أنه بعد أن اشترط المشرع ضرورة رأي المفتي إلا أنه اكتفي بإرسال أوراق القضية إليه وأسقط بعد ذلك ضرورة انتظار رأيه, دون أن يقول جاز للمحكمة وإنما قال حكمت المحكمة. ولذلك أجمع المفسرون علي أن رأي المفتي استشاري غير ملزم للمحكمة. وفي تفسير ذلك أن هناك طرفا واحدا يحكم في القضية وهم القضاة الثلاثة التي ينظرونها. أما المفتي فلايحقق القضية ولا يناقش أطرافها وإنما هو يكتفي بالإطلاع علي أوراقها لكي يتأكد من تطبيق قوله تعالي ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب وبذلك يطمئن المحكوم عليه بالإعدام وأيضا المجتمع إلي أن الحكم الصادر بإلاعدام إنما يجيء وفقا لأحكام الشريعة الإسلامية. بقي أن أقول لأهل بورسعيد الكرام كم من أحكام نقضت, والطريق إلي محكمة النقض مؤكد واصبروا إن الله مع الصابرين صدق الله العظيم.