محافظ الجيزة يُدلي بصوته في انتخابات مجلس النواب 2025    تعيين الدكتور طه عاشور نائبا لرئيس جامعة بنها    الخط الرابع للمترو يستقبل طلاب هندسة طنطا للتعرف على أحدث أساليب حفر الأنفاق    ارتفاع أسعار الذهب فى مصر الخميس.. عيار 21 يسجل 5640 جنيهًا    سعر الأسمنت اليوم الجمعة 12 - 12-2025 فى الأسواق    سامي حجاوي: جهود أممية محدودة لإزالة النفايات في غزة    أونروا: الوضع في قطاع غزة مأساوي نتيجة المنخفضات الجوية| فيديو    التعادل السلبي يحسم نتيجة الشوط الأول من مباراة الاتحاد والمصري    أصداء الهزيمة أمام السيتي.. ريال مدريد يمنح ألونسو فرصة أخيرة    اتحاد الكرة يوافق على تأجيل مباراة الزمالك وبلدية المحلة 24 ساعة    مصرع وإصابة 18 شخصًا في حادث تصادم بصحراوى البحيرة    حملة تموينية على مخابز القنطرة شرق بالإسماعيلية وتحرير 10 مخالفات    المتحدة تفتتح موسما موسيقيا عالميا لحفلات المتحف المصري الكبير GEM Nights بحفل تاريخي للعازف العالمي هاوزر    وزير الثقافة يستقبل سلوى بكر ويهديها درع الوزارة    أشرف زكى: عبلة كامل مختفية عن الأنظار.. ونشكر الرئيس على رعاية كبار الفنانين    رئيس الوزراء يتابع مع «الغمراوي» تفاصيل تنفيذ مشروع التتبع الدوائي    ميدو: صلاح يجب أن يغادر ليفربول.. وأشجعه على خطوة الدوري السعودي    الحكومة تكشف حقيقة انتشار جنيهات ذهبية مغشوشة في الأسواق    خسارة أبو قير بثلاثية، نتائج مباريات اليوم الخميس في دوري المحترفين    «صحة قنا» تعقد اجتماعًا بمديرى المستشفيات لتعزيز جاهزية منظومة الطوارئ والرعاية الحرجة    حبس عاطل بتهمة التحرش بفنانة شهيرة أثناء سيرها بالشارع في النزهة    حادث مأساوي على طريق الإسماعيلية طريق القاهرة الصحراوي..وفاه شابين وإصابة ثالث في انقلاب سيارة ملاكي    «المشاط» تبحث مع بنك الاستثمار الأوروبي نتائج زيارته لمصر    أول ظهور لمعلم واقعة المقص بالإسماعيلية    ضبط شخص بحوزته كروت دعائية وأموال لشراء أصوات الناخبين في الأقصر    مهرجان القاهرة السينمائي الدولي يعلن موعد دورته ال47    تطورات الوضع في غزة تتصدر مباحيات الرئيس السيسي وملك البحرين    تجارة عين شمس تحتضن قمة أكاديمية حول الذكاء الاصطناعي    الهيئة الوطنية للانتخابات تعلن فوز مصطفى البنا وحسام خليل بالدائرة الثانية بأطسا    بعد 7 أيام بحث.. لحظة اصطياد «تمساح الزوامل» بالشرقية    قضية الرشوة.. تخفيف حكم المؤبد للسجن 7 أعوام بإعادة محاكمة رئيس حي شرق الإسكندرية    الرئيس السيسى وملك البحرين يشددان على ضرورة التنفيذ الكامل لاتفاق وقف الحرب في غزة وضمان نفاذ المساعدات    محمد سيحا يستعد لقيادة حراسة الأهلي في أول ظهور رسمي مع الفريق    منشور مثير من نجل سائق محمد صبحي بعد انفعال الفنان على والده    ختام برنامج تدريبي حول إنتاج تقاوي الأرز لمتدربين أفارقة    الليلة.. قناة الوثائقية تعرض فيلم محفوظ وهي    هدى المفتي ضيفة برنامج آبلة فاهيتا.. السبت المقبل    حكم كتابة الأب ممتلكاته لبناته فقط خلال حياته    منحة أوروبية لتمويل إنشاء 5 صوامع حقلية في مصر    الضباب الكثيف يلغي عددا من الرحلات الجوية إلى مطار حلب بشمال سوريا    رئيس الوزراء يتابع الموقف التنفيذي لمشروع تطوير مدينة النيل الطبية    الصحة العالمية: ارتفاع حالات الأنفلونزا بالعالم لكن لم نصل بعد لمرحلة الوباء    ضربات أمنية لضبط الإتجار غير المشروع بالنقد الأجنبي    الخارجية السورية: إلغاء قانون قيصر يمثل انتصارا    محافظ المنوفية يسلم 45 كرسي متحرك ومساعدات مالية وعينية لذوي الهمم    سباليتي: أداء يوفنتوس أمام بافوس كان محرجا في الشوط الأول    القوات الروسية تسيطر على بلدة بخاركيف    رئيس هيئة الاستثمار يشارك في احتفالية شركة «قرة إنرجي» بمناسبة مرور 25 عامًا على تأسيسها    مؤسسة هولندية تتبرع بأجهزة ومعدات قيمتها 200 مليون جنيه لدعم مستشفى شفاء الأطفال بسوهاج    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 11-12-2025 في محافظة الأقصر    المستشار أحمد بنداري: فتح آخر لجنة بمنشأة القناطر بعد تعطل سيارة القاضي    الدفاع المدني بغزة: تلقينا 2500 مناشدة من نازحين غمرت الأمطار خيامهم    كأس العرب| طموحات فلسطين تصطدم برغبة السعودية في ربع النهائي    دعاء الفجر| (ربنا لا تجعلنا فتنة للقوم الظالمين)    توقيت أذان الفجر اليوم الخميس 11ديسمبر 2025.. ودعاء مأثور يُقال بعد الانتهاء من الصلاة    "ميد تيرم" يتصدر تريند تيك توك مع أولى حلقاته على قناة ON    بانا مشتاق: إبراهيم عبد المجيد كاتب مثقف ومشتبك مع قضايا الناس    الأوقاف تختتم فعاليات المسابقة العالمية الثانية والثلاثين للقرآن من مسجد مصر الكبير بالعاصمة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العالم يقرأ
رحلة إلي شاطئ الابداع والحرية

أسرار التاريخ لايكشفها المؤرخون وحدهم‏,‏ وإنما يشاطرهم في ذلك المفكرون والأدباء الموهوبون‏.‏ وإنطلاقا من هذا المعني, أبحر مؤرخ مرموق في تاريخ أمريكا اللاتينية, ورصد في بداعة اللقاء الخلاق بين ما أطلق عليه مملكة السياسة ومملكة الأدب,
وانتهي الابحار الفكري بالمؤرخ والكاتب المكسيكي أنريكو كروزو باصدار كتابه الأفكار والسلطة في أمريكا اللاتينية. ويتناول فيه التاريخ الأدبي والسياسي لنخبة من الأدباء من أبرزهم الشاعر والصحفي الكوبي خوسيه مارتي, والروائي الكولومبي جارسيا ماركيز, والروائي البيروفي ماريو فارجاسي أيوسا, والشاعر والمفكر المكسيكي أوكتافيو باز.
وما يتعين الاشارة إليه أن المؤلف كاتب متميز ويتحلي بقدرة فائقة علي متابعة الأحداث وتحليل التطورات السياسية والأدبية, وهو رئيس تحرير مجلة أدبية ذائعة الصيت هي الآداب الحرة. كما أنه مولع بإعداد الأفلام الوثائقية.
ويستهل المؤرخ صفحات كتابه بالشاعر والصحفي الكوبي مارتي(3581 5981), ويكشف عن الدور البطولي الذي اضطلع به لتحرير بلاده من قبضة الاستعمار الاسباني. ويبرز نشاطه الصحفي الثوري إبان الحرب الكوبية الاسبانية عام.8681
وقد زجت به السلطات الاسبانية في السجن عام.1781 ثم أرغمته علي الرحيل من كوبا إلي اسبانيا, وهناك واصل دراسته القانونية والفلسفية.
ويشير المؤرخ إلي أن خوسيه مارتي عاش في مدينة نيويورك بأمريكا نحو خمسة عشر عاما. وأسس هناك عام2981 الحزب الثوري الكوبي, وراقب عن كثب الأوضاع السياسية الأمريكية, وخلص إلي أن الجهل والجشع يتحكمان في أمريكا.
وساورته الهواجس من أنه في حالة تمكن كوبا من التحرر من الاستعمار الاسباني, فإن أمريكا ستبادر بالتدخل في الشئون الكوبية.
ويقول المؤرخ أن مارتي كان صائبا في توقعاته لأن هذا تحديدا ما حدث في كوبا. فلم تمض ثلاث سنوات علي موته عام5981 ابان قيادته لقوات كوبية ضد الجيش الاسباني, حتي استعرت الحرب الاسبانية الأمريكية عام.8981 وكانت حربا سريعة وحاسمة, وتمكنت من خلالها أمريكا من تقويض الامبراطورية الاسبانية, وبسطت سيطرتها علي جزر البحر الكاريبي, وهو ما أشاع موجات من القلق والمخاوف في القارة بأسرها.
وهنا يشير المؤرخ باهتمام عظيم إلي ناقد أدبي هو خوسيه أنريكو رودو وجهوده الفكرية في تأصيل الثقافة في أمريكا اللاتينية. فقد أوضح أن ثقافة أمريكا اللاتينية تنتمي للثقافة اليونانية اللاتينية, ولأفكار الفيلسوف اليوناني الشهير أفلاطون.
وكان لما كتبه رودو تأثير عظيم, ذلك أنه يوضح كذلك فكرة خوسيه مارتي عن الجهل الأمريكي, ومن ثم يتطرق المؤلف إلي فيلسوف مكسيكي هو خوسيه فازكونسيلوس, ويشير إلي أنه طور رؤية رودو عن جذور الثقافة في أمريكا اللاتينية ومقوماتها الفكرية والحضارية. وتناول محاولته في ارساء أسس نهضة تعليمية ابان أن كان وزيرا للتعليم في أوائل عقد العشرينيات من القرن العشرين, ولكن ما ان برح منصبه حتي ذبلت أفكار ثورته التعليمية.
وأيا ما يكن الأمر, فإن شعوب أمريكا اللاتينية خاضت غمار معارك شرسة حتي تمكنت من استعادة ثقتها بنفسها, وقد اضطلع بدور بارز, في هذا السياق مجموعة من الأدباء الموهوبين الذين تمكنوا عبر ايمانهم العميق بقدرة الأدب والفكر علي التصدي للمظالم الاجتماعية والسياسية. وكذا التصدي للقبح.. والعبور إلي شواطئ الجمال والحرية.
رحلة أمريكا اللاتينية إلي شواطئ الحرية لم تكن سهلة, فقد عانت شعوبها من نزق الطغاة وقسوتهم المفرطة. وهو ما عبر عنه كوكبة من الكتاب والأدباء من أبرزهم الروائي الكولومبي جارسيا ماركيز الفائز بجائزة نوبل للأدب عام.2891
وينتسب ماركيز إلي ابداعات الواقعية السحرية.
وقد يمكن القول انها تنتسب اليه كذلك. فقد بلورها وحلق بها في فضاءات أدبية غير مسبوقة علي نحو ما يبدو في رواياته الشهيرة مائة عام من العزلة وخريف البطريرك والكولونيا لايجد من يكاتبه.
غير أن المؤرخ يكن ودا حميما تجاه الروائي ماريو فارجاس يوسا, الفائز بجائزة نوبل للأدب عام.0102 وبرغم ذلك ينتقد توجهه السياسي الذي أعرب فيه عن تعاطفه مع حركة الشاي الأمريكية اليمينية, التي تشارك سارة بالين في زعامتها.
ومما لا جدال فيه أن فارجاس يوسا روائي موهوب, وقد أصدر روايته الأولي المدينة والطلاب عام3691, وأثارت ضجة كبري وصخبا سياسيا عارما, وأججت غضب العسكريين في بيرو, فطالبوا بتجريده من الجنسية, وأضرموا النيران في نحو ألف نسخة من الرواية.
والسؤال الآن من هو الكاتب المبدع الذي يستأثر باهتمام المؤرخ مؤلف كتاب الأفكار والسلطة؟.. انه الشاعر والمفكر المكسيكي أوكتافيو باز, الفائز بجائزة نوبل للأدب عام.0991
لماذا؟. لأنه من وجهة نظر المؤلف أكثر الأدباء تعبيرا عن الفكر السياسي في أمريكا اللاتينية, فقد سعي لأن يتعرف المجتمع علي ذاته. واستدعي أشباح الماضي, وكشف أسرار التاريخ من خلال ابداعاته الشعرية والأدبية.
إن أوكتافيو باز لم يكن شاعرا مبدعا فحسب, وانما كان مفكرا مرموقا كذلك, وقد استهل حياته الأدبية عام0391 بنشر قصائده في المجلات الأدزبية. وكان انتاجه الشعري غزيرا. وكان يصدر ديوانا كل عام تقريبا.
وتتميز كتاباته النثرية بالعمق والثراء الفكري. ومن ثم يعتبر من أبرز المفكرين المعاصرين في أمريكا اللاتينية.
وثمة موقف سياسي يقترن به ويفصح عن توجهه الفكري. فقد كان سفيرا لبلاده في الهند, غير أنه استقال عام8691 احتجاجا علي قمع حكومة بلاده لحركة الطلبة التي تدعو إلي الحرية, وتناهض الديكتاتورية,
وحلق أوكتافيو باز في السماوات المفتوحة للحرية. وأبدع شعرا جميلا, ونثرا رفيعا.
وفي نهاية المطاف يمكن القول أن كوكبة الأدباء المعاصرين الموهوبين في أمريكا اللاتينية قد أسهموا اسهاما عظيما في اضاءة دروب بلادهم, وهو ما أتاح لها, ضمن أسباب أخري, العبور الخلاق نحو شواطئ الجمال والحرية.
المزيد من أعمدة محمد عيسي الشرقاوي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.