ما زال بيننا بصوته الدال وجرأته العالية اتحدث عن أحمد فؤاد نجم وبين أيدينا كتابات قليلة عن هذا الكاتب لا تصل لمستوي وعيه وتعبيره عن الواقع الذي يعيش فيه. من ذلك أشعار نجم خاصة عيون الكلام التي قدم لها د. احمد الطاهر مكي في طبعة مجهولة.. ومن يقترب من هذا الكاتب يروعه كم التعبير الغاضب بسخرية مريرة من ذلك كلمات فؤاد نجم في إحدي هذه الأمسيات البعيدة وهو يتحدث عن المثقف, هذا المثقف الذي لم يتغير كثيرا منذ سنوات الي اليوم, هذا المثقف المتردد-المؤيد الذي يطل علينا طيلة النصف قرن الماضي فهوهو المثقف مع تغيير الزي والاسم- وهو هوالمثقف الذي يصيح ليلفت نظرنا نحن في مصر انه موجود بيننا دائما, هذا المثقف الذي كان في اغلب رموزه المعروفة لا يفعل شيئا, وانما يكتفي ان يظل مفعولا به دائما, ومازال في راسي صوت الشاعر اليائس البائس حين راح يصف هذا المثقف الذي يعيش علي احدي المقاهي المعروفة للمثقفين في الستينيات, حين راح يعلو صوته: (محفلط مزفلط/ كتير الكلام/ عديم الممارسة عدو الزحام/ بكام كلمة فاضية وكام اصطلاح/ يفبرك حلول المشاكل قوام/ يعيش المثقف..) انه يصف هذا المثقف الذي كان يستقر في مقهي ريش ويعرف في حي الزمالك وفي احياء وسط المدينة وهو يعرف الآن بيننا في الندوات والمؤتمرات والتجمعات الرسمية وغير الرسمية والقنوات الإذاعية والمرئية داعيا الجميع الي الطاعة فطاعة الخليفة كطاعة الأهل كالدعوة للجميع بهذه الطاعة وهو هذا المثقف الذي نعثر عليه في صحفنا ومؤتمراتنا واعلامنا المقروء والرقمي حتي اليوم; المدافع عن الشريعة والمعادي لها في الجمعية التأسيسية ومشروعات القوانين التي تقدم ومشروعات القوانين التي تحجب وفي تهديدات هدم الاهرام ضرورة التنبيه الي العلاقة الحاضرة او الغائبة حول ادراج عبارة الامتداد الاسيوي في مصر و الغاء المساواة بين الرجل والمرأة.. اضافة الي الامتدادات الاخري شمالا وجنوبا وشرقا وغربا وكأن البحث عن الهوية يحدث بإضافة المزيد مما لا يؤكد الهوية العربية وكأننا ننفصل في عالمنا عن عالمنا.. الي آخر هذا الجدل الذي يصيح به وهو يناديه: (ماتتعبش عقلك../ في شغل السياسة..) الي آخر هذه الدعوات الذي يذهب اليها هذا المثقف التابع الذي عرفناه في نهايات القرن الماضي وبدايات القرن الحالي; وهو ما يجعلنا نتنبه الي اهل النخبة, فالمثقف المتنور بيننا- فيما يبدو- ما زال يمارس هذه الصفات التي لم تتغير ابدا فهو مازال كما صاح في الستينيات: ( يتمركس بعض الأيام/ يتمسلم بعض الأيام/ ويصاحب كل الحكام/ وبستاشر ملة) وهو ما يجعلنا نتلفت حولنا ونفتش ونبحث ونسأل عنه ونحن نرفع مصباح ديوجين: ايها المثقف الكبير؟