أي متابع لشئون الشرق الأوسط لابد يتساءل في اللحظة الراهنة أين ذهبت الزرزرة رجب طيب أردوغان رئيس الوزراء التركي ونحررته اللتان ركبتاه وتلبستاه في مناسبات عديدة إزاء الكيان الصهيوني. وزايد بهما علي الجميع وبالذات بلدنا, حين استهدف مصر لسنوات متصورا أنها الوحيدة التي تهدد دورا حلم به لتركيا كقائد إقليمي يبعث فكرة العثمانية من أعماق القبر؟.. وسبب التساؤل هو ما لاحظناه من استعادة العلاقات بين أنقرة وتل أبيب لحرارتها, واستئناف اسرائيل تسليم تركيا أجهزة ومعدات الكترونية حساسة تستخدم في طائرات المراقبة العسكرية تبلغ قيمتها200 مليون دولار بعد زيارة ايهود باراك وزير الدفاع الاسرائيلي الي أنقرة منذ أيام, وكانت هذه الصفقة جزءا من اتفاق بين اسرائيل وتركيا وشركة بوينج الأمريكية لتزويد أربع طائرات بوينج737 وسرب من طائرات أواكس اشترتها تركيا بالمعدات الإسرائيلية, وهو ما أحجمت عنه اسرائيل بعدما عاش أردوغان في الدور وراح يهاجم اسرائيل وحين كان أردوغان يندمج في أدائه المسرحي مدعيا عداءه لإسرائيل لم نصدقه لأن حقائق التحالف الاستراتيجي بين البلدين كانت حاضرة أمامنا في كل تحليل للموقف, وكل ما في الأمر أن الولاياتالمتحدة كانت( مبسوطة) من الدور التركي المشبوه في الأزمة السورية فأمرت اسرائيل باستئناف صفقة المعدات الالكترونية ففعلت, وهنا ذابت زرزرة ونحررة أردوغان وعادت العلاقات التركية الاسرائيلية الي سابق دفئها وعاطفيتها.. والسؤال الآن هو ما التغيير الدراماتيكي الذي جري ودفع الي استئناف الصفقات المؤجلة أو المجمدة؟.. إن تركيا كانت تدعي علي لسان رئيس وزرائها المتنحرر إبان حرب اسرائيل علي غزة2008 2009, وأزمة اسطول الحرية, أنها ستتخذ من الخطوات ما يجبر اسرائيل علي التراجع أو الاعتذار, فهل حدث ذلك؟.. بالطبع لا, واسرائيل قالت انها ستمنع تنفيذ الصفقات مع تركيا بأنها تتقرب من إيران التي تعادي اسرائيل وتساند حماس, فهل تحولت السياسة التركية بشكل دعا اسرائيل إلي تعديل موقفها؟.. بالطبع لا أيضا. كل ما في الأمر أن تمثيليات أردوغان الرديئة والمفتعلة كانت موجهة لتحجيم مصر وإهانتها, وكانت غطاء تم التخلص منه حين اختلفت الظروف وضعفت مصر وانكفأت علي مشاكلها وصارت تنتظر معونة أو قرضا من أنقرة وعاد التحالف الاستراتيجي التركي الاسرائيلي الي أوج ازدهاره وذابت زرزرة ونحررة أردوغان بعد أن أدي جميع الأدوار التي طلبتها منه واشنطن وآخرها ما قام به في سوريا.