بهاء جاهين : أعظم شعراء عصرنا, بالتأكيد الأعظم في هذه اللغة, و- بقدر ما أستطيع أن أحكم- في أي لغة هكذا وصفه ت.س. إليوت بعد وفاته بقليل(1940) إنه الشاعر الأيرلندي ويليام بتلر ييتس. ومن يقرؤه لا يستغرب كثيرا كلام إليوت, وإن كان ينطوي علي تواضع منه. والشاعران, علي اختلافهما الشديد أسلوبا, يلتقيان في أنهما صاحبا أهم إنجاز في الشعر المكتوب بالإنجليزية في القرن العشرين, وقد حصل كلاهما علي الاعتراف بمكانتهما عالميا حين فاز ييتس بجائزة نوبل في الأدب(1923) وإليوت(1948) كانا يلتقيان في الإنجاز وأهميته ويختلفان في طبيعة شعرهما, فييتس كلاسيكي وإليوت حداثي ومؤسس لحداثة القرن العشرين. وقد كتب إليوت الناقد, وهو لا يقل أهمية عن الشاعر, عن ييتس مقالة شائقة سماه فيها شاعر منتصف العمر, وذلك بعد صدور ديوان ييتس البرج(1928) الذي وصل فيه ييتس لقمة التمكن الشعري والانضباط الكلاسيكي من ناحية, ولحالة من الثورة والشجن معا حين رأي الشيب يغزو مفرقه, ومنحته طبيعته الجياشة المتوقدة شديدة الزهو والكبرياء طاقة رفض شعرية هائلة لطلائع الضعف واختفاء رواء الشباب من بدنه, بينما ظلت روحه وعقله في عز الشباب والعنفوان. وقد كتب ييتس في هذا الموضوع مجموعة من أفضل قصائده, سواء في البرج أو في الدواوين التي تلته, منها قصيدة البرج(1926) و الإبحار إلي بيزنطة(1927), و بين أطفال المدارس. وقد ترجمت لك عزيزي القارئ قصيدة الإبحار إلي بيزنطة كاملة لقصرها, والمقطع الأول من قصيدة البرج.