واحد وعشرون عاما مضت علي صدور آخر كتب الشاعر والناقد والكاتب المسرحي الكبير الحائز علي جائزة نوبل في الآداب عام 1948 توماس ستيرنز إليوت، الذي نشرته أرملته فاليري إليوت عقب وفاته بعنوان "خطابات ت . س . إليوت" ولكن في بداية شهر نوفمبر 2009، فوجئت بريطانيا بصدور كتابين جديدين يحملان عنوان" خطابات ت . س إليوت"، أما الكتاب الأول فهو إعادة إصدار للجزء الأول الذي كان قد صدر منذ 21 عاما، ولكن مع تنقيحه، وإضافة 200 رسالة جديدة له، أما الكتاب الثاني فيتضح أنه الجزء التالي، الذي يضم خطابات ومعلومات تنشر للمرة الأولي عن إليوت. الكتابان صدرا بمشاركة كل من أرملة إليوت فالري البالغة من العمر 82، والدكتور هيو هوتون أستاذ اللغة الإنجليزية في جامعة نيويورك، اللذين ساقا وثيقة مهمة في800 صفحة يتكون منها الجزء الثاني، الذي يضم رسائل نادرة تعكس كم المعاناة والألم الذي مر به إليوت مع فيفيان هاي- وود، زوجته الأولي التي بقي مرضها غامضاً طوال ثلاثة وعشرين سنة دفعته في النهاية بالاتفاق مع شقيقها موريس إلي إيداعها مصحة عقلية. "لم أكتب شيئا علي الإطلاق منذ ثلاث سنوات، ولا أري أي احتمال للكتابة الآن، إن كتابة الشعر تستغرق وقتا طويلا وأنا لا أملك وقتا أبدا"، بهذه الكلمات يوجز إليوت بدقة شكل حياته في هذه الفترة المظلمة من حياة كاتب محبط كف عن الكتابة، بسبب كثرة مشاكله ومشاغله، ومن بينها زوجته فيفيان وود، تلك الفتاة التي تزوجها إليوت عام 1915، بعد أسابيع قليلة من مقابلتها، إلا أن الأمور لم تسر كما يجب، إذ إنه وبحلول عام 1923 بدأت مصائب الزوجين، بمرض فيفيان الغامض، الذي تلاه علامات غياب الاستقرار العقلي لديها، ليجد إليوت نفسه في اختبار صعب للغاية، عليه أن يتحلي بالمسئولية والاهتمام تجاه زوجته المريضة، وفي نفس الوقت رغبته في الابتعاد عنها لاستئناف حياته بصورة طبيعية، فإليوت كان يعمل في مجال البنوك، وبحلول عام 1923 بدأت الكوارث تحل بعمله أيضا، حيث اختلت الأمور بسبب الحرب وسداد ديون الحرب، فانخفضت إمكانات إليوت الاقتصادية بشدة. خطابات إليوت المتعلقة بفيفيان مؤلمة حقا، فقد تفاقمت حالتها بمرور الوقت، حتي انتهي بها الحال في مصحة للعلاج النفسي، ونفت خطابات فيفيان من المصحة ما تردد عن قسوة إليوت معها، حيث كتبت عام 1925 تقول له: "آسفة أني عذبتك وسقتك للجنون"، كما كتبت لطبيبها تقول: "عندما أفكر في كل ما فعله زوجي لأجلي، وفي الحياة التي دمرتها، أظل أفكر طوال الليل وأجزاء من النهار، وفي النهاية أتعجب لماذا لم أخرج وأشنق نفسي في الخارج!". إليوت توفي في 4يناير 1965عن 76 عامًا، ولكنه تزوج قبل وفاته بثماني سنوات من سكرتيرته فاليرا فليتشر البالغة من العمر 30 عاما، بينما هو في سن ال68، ومع ذلك فقد كان إليوت سعيدًا معها أكثر من أي وقت مضي، ويبدو أن اختياره كان موفقا، فقد كرست فاليرا نفسها لزوجها، فحرصت علي استمرار إقامتها في شقتهما بلندن وسط كتبه، وتركته الأدبية التي عقدت العزم علي تحرير أكبر قدر منها، خاصة أن أفضل أعمال إليوت لا تزال غير متداولة ومن بينها أعماله النثرية التي نشرت في المجلات في شبابه ولم يعد طبعها بعد ذلك.