تعد محاصيل الفاكهة من أهم المحاصيل الزراعية في مصر والعالم, نظرا لأهميتها الغذائية, حيث تمد جسم الإنسان بالعناصر الغذائية اللازمة لبنائه ووقايته من الأمراض, فضلا عن القيمة الاقتصادية لها, وفي الوقت الذي تسعي فيه وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي لرفع صادراتها من الحاصلات الزراعية خاصة الفاكهة للنهوض بالاقتصاد القومي, تعرضت ثمار الفاكهة في مصر للإصابة بذباب الفاكهة خاصة ذبابة ثمار الخوخ التي بات وجودها يمثل ضررا بالغا علي صادرات مصر الزراعية. لذا استوجب الأمر تحركا فوريا لوزارة الزراعة واستصلاح الأراضي, فصدر قرار وزير الزراعة واستصلاح الأراضي في الخامس من نوفمبر عام2006 بإنشاء جهاز مستقل( البرنامج القومي لاستئصال ذبابة الخوخ) بهدف القضاء التام علي الآفة التي تؤثر علي صحة الإنسان والبيئة. الدكتور فوزي نعيم مدير البرنامج السابق يوضح أن المساحة المنزرعة بمحاصيل الفاكهة في مصر تشغل مايعادل1.2 مليون فدان من إجمالي مساحات الزراعات, وتصاب أشجار وثمار الفاكهة ببعض الحشرات الضارة التي تؤثر سلبا علي إنتاجيتها مثل ذبابة ثمار الخوخ وذبابة فاكهة البحر المتوسط, حيث تصيب هذه الحشرات معظم ثمار الفاكهة مثل الخوخ, المانجو, المشمش, بالإضافة إلي بعض العوائل الثانوية مثل القرعيات والباذنجان والفلفل والطماطم, وترجع خطورة هذه الحشرات إلي كثرة العوائل التي تصيبها تلك الحشرات, حيث تصل العوائل إلي أكثر من200 نوع, بالإضافة إلي قصر دورة حياتها حيث يوجد لها من7 الي10 أجيال في العام الواحد, وهذا ماتؤمنه لها الظروف المناخية من ارتفاع في درجات الحرارة والرطوبة مما يزيد من نشاطها, فتبدأ ذبابة الفاكهة في التزاوج بعد خروجها من طور العذراء بثلاثة أيام وتقوم الأنثي بوخز الثمار وعمل تجويف في أسفل سطح القشرة مباشرة, وتضع بيضها في مجموعات تتكون من3 إلي9 بيضات, بينما تضع إناث ذبابة الخوخ البيض بعد خروجها من طور العذراء وذلك تبعا لظروف الحرارة, ويفقس بيض كل من الحشرتين بعد مرور ثلاثة أيام, ويبدأ طور اليرقات وهو أكثر الأطوار المسببة للضرر الاقتصادي للآفة علي حد تعبير الدكتور نعيم, حيث تتغذي اليرقات علي اللب الداخلي للثمرة مما يؤدي إلي إصابتها وسقوطها, وعند اكتمال نمو اليرقات تبدأ في عمل ثقوب في قشرة الثمرة وتقفز إلي سطح التربة لإتمام عملية التعذير علي عمق من1 إلي6 سم من سطح التربة, ويستمر طور العذراء من7 إلي26 يوما في حالة ذبابة الفاكهة ومن9 إلي25 يوما لذبابة الخوخ لتبدأ العذاري في الدخول إلي طور آخر وهو طور الحشرات. ويضيف أن المصائد تعتبر من أكثر الوسائل فاعلية في الفتك بذباب الفاكهة عن طريق الجاذبات الجنسية والطعوم السامة وتستخدم المصائد في رصد أعداد تلك الحشرات ومراقبة عوائلها المختلفة, ورغم اختلاف أنواعها ومواصفاتها, لكنها تتحد في الهدف وهو القضاء علي تلك الحشرات, أما بالنسبة للثمار المصابة فيتم إعدامها والتخلص منها إما عن طريق الدفن في حفر عميقة وتغطي بطبقة من التربة يبلغ سمكها50 سم علي الثمار, أو وضعها في أكياس بلاستيك سميكة ثم تترك لأشعة الشمس المباشرة لمدة لا تقل عن أسبوعين لقتل الأطوار المختلفة للحشرة داخل الثمار, ويمكن الاستفادة من هذه المخلفات فيما بعد كسماد مفيد للتربة. ويقول الدكتور نعيم لما كان لاستخدام المبيدات آثاره الضارة علي الإنسان والبيئة وسعيا لتطبيق نظم الزراعة النظيفة, فقد لجأ البرنامج القومي لاستئصال ذباب الفاكهة إلي إيجاد وسائل أخري للحد من الاستخدام المفرط للمبيدات الكيميائية مثل المكافحة التشريعية, والتي تهتم بوضع القرارات التي من شأنها أن تلزم المزارعين بإتباع الوسائل التي لا تضر بالبيئة وتحافظ علي صحة الإنسان أولا, ثم إنتاجية المحاصيل من الآفات الممرضة مثل عدم ترك الثمار المتساقطة علي الأرض, والتي تؤدي إلي انتشار الآفات, وحظر استخدام المبيدات الممنوعة من قبل الوزارة, وكذلك المكافحة الزراعية التي تهتم بالخدمة الجيدة للأراضي من خلال بعض العمليات مثل التقليم المناسب للأشجار وإزالة الحشائش الضارة التي تمثل مأوي للعوائل المختلفة للآفات, بالإضافة إلي عمليات الحرث والتسميد وغيرها من الأمور التي تحسن من كفاءة التربة والنبات, هذا بالإضافة إلي المكافحة الميكانيكية مثل التخلص من الثمار المصابة والجمع المبكر لبعض العوائل مما يحول دون تفشي الإصابات بين الثمار, ويري الدكتور عبدالفتاح جاد نائب مدير البرنامج القومي لاستئصال ذبابة الخوخ أن للمكافحة الطبيعية دورها المؤثر في عمليات استئصال ذباب الفاكهة, وذلك من خلال تعرض الثمار لدرجة الحرارة المرتفعة, حيث يتم القضاء علي كل الأطوار الحية للآفة داخل الثمار, فالأطوار الحية لذباب الفاكهة لا يسعها البقاء مع درجات الحرارة المرتفعة, ودرجات الحرارة المنخفضة, هذا فضلا عن المكافحة البيولوجية التي تسعي إلي إيجاد توازن بيولوجي في البيئة الزراعية من خلال قوانين الطبيعة, حيث يوجد لكل آفة طفيل أو مفترس يحد من وجودها, ويضيف الدكتور جاد نظرا للاستخدام المفرط للمبيدات فقد ظهر اختلال في هذا التوازن, ومع الحد من استخدام المبيدات فإن تلك الأعداء الحيوية ما تلبث أن تعود مرة أخري, وقد نجحت بعض الدراسات في تربية هذه الأعداء الحيوية داخل المختبرات, إلا أن عملية الإطلاق الحقلي لها مازالت قيد البحث والدراسة.