معظم ما نراه علي مسرح الحياة مستفزا ومزعجا يرجع في أساسه إلي غياب الخط الفاصل بين الظلم والعدل خصوصا عندما يكون المناخ مهيأ لكي يمارس أي طرف يستشعر في نفسه القوة والقدرة علي تغييب القوانين التي هي مقياس العدل والشرعية.. ولهذا تنشأ الصراعات وتتزايد الأحقاد وتتولد الكراهية وتصبح الحياة كأنها علي سطح صفيح ساخن! وعلي سبيل المثال فإن ما يحدث في الصراعات الإقليمية منذ انهيار الاتحاد السوفيتي وغياب التوازن عند قمة النظام العالمي ليس سوي نموذج صارخ لهمجية القوة التي تدوس بأقدامها علي القوانين الدولية وتنتهك بفجاجة معايير العدل والشرعية, فالظلم دائما هو الابن الشرعي لغرور القوة خصوصا إذا كانت مفاتيح القوة في أياد جاهلة, لا تدرك أن ما يتم حصاده اليوم- بالإكراه- سوف يتحتم تسديده غدا أو بعد غد بإكراه أشد منه عندما تتبدل الموازين! والحقيقة إنه ليس أبغض من توظيف الظلم باسم العدل أو ادعاء الالتزام بالعدل من خلال إضفاء شرعية قانونية علي الظلم...فالذي نراه علي مسرح الحياة في تعامل البشر مع بعضهم البعض أو تعامل الدول مع بعضها البعض, هو التأكيد الوحيد لضياع الخط الفاصل بين العدل والظلم رغم ما حققته الإنسانية من تقدم مذهل في الفكر والعلوم والآداب وادعاء الانتصار لحقوق الإنسان. ومعني ذلك أنه إذا لم يتنبه المجتمع الدولي إلي حتمية العودة لتبيان الخط الفاصل بين العدل والظلم فإن الزمام سيفلت- إن عاجلا أو آجلا- وساعتها ستعم الفوضي وتتعمق الصراعات.. وربما تصبح الحضارة الإنسانية نفسها في مهب الريح ويعود الكون إلي نقطة البدء عندما كان أمرا طبيعيا أن يقتل قابيل أخاه هابيل! إن الخوف كل الخوف أن ترتد البشرية إلي عصور الجهالة التي تؤدي تلقائيا لانتعاش قانون الغابة الذي يسمح للقوي بأن يفعل ما يشاء حتي يجيئه من هو أقوي منه ليقضي عليه! غياب الخط الفاصل بين العدل والظلم وإعادة إنتاج قانون الغابة معناه دفع وتيرة الحياة إلي صراع بلا حدود وبلا نهاية! خير الكلام: ليس أشد فقرا ممن يعيش مع حلم واحد فقط! [email protected]