ربما كان أكبر حلم في حياة كل مسلم هو الوقوف فوق جبل عرفات.... فهنا تهدأ الروح وتقبل الحياة كلها بحلوها ومرها. وتبقي الرغبة المتوطنة في النفوس هي قبولنا في رحاب الله ودخولنا في رحمة الرحمن . فبعدها تصلح الأرواح المسافرة إلي الله تعالي بلا متاع ولا حسابات شخصية فهنا ينسي كل مسلم الولد والبلد ولا ينسب إلي جنس أوجنسية بقدر ما ينسب إلي الصالح من الاعمال. ورغم هذا فان المشهد الجميل فوق عرفات لا يخلو من ملامح مختلفة وأكثر من قصة سبقت مجيئهم إلي البقاع المقدسة. وبداية وقبل الوقوف علي عرفات أعلنت المملكة العربية السعودية عن استعدادها للحج هذا العام وعن قدرتها علي استيعاب عدد قدر بشكل مبدئي باثنين مليون حاج ارتفع بالتوقعات إلي أكثر من ثلاث ونصف مليون حاج وهي أرقام تقريبية لا تستطيع السلطات تحديدها الا بعد انقضاء موسم الحج وحساب الحجاج الوافدين إلي جانب أهل الديار. وأول القصص يتعلق بلا شك بالحجاج المصريين بعد ان تزايدت المطالبات بتشكيل هيئة عليا للحج والعمرة تواجه الارتفاع الشديد في الاسعار الذي يتوالي عاما بعد عام. وتعتقد السلطات السعودية أن الحجاج والمعتمرين المصريين يشكلون واحدة من أكبر الشرائح علي مدار العام ومن المفترض أن يصل الحجاج هذا العام إلي80 ألف حاج في مقابل7 آلاف حاج من ليبيا و10 آلاف من تونس. أما بالنسبة للحجاج الايرانيين فهم أيضا يشكلون نسبة مرتفعة بالنسبة للحجاج والمعتمرين علي مدار العام, الا ان التخوفات السياسية هي التي تحكم المشهد وخاصة ان هذا العام قد شهد توترا علي خلفية ما أعلنته الولاياتالمتحدة من محاولة بعض الايرانيين إغتيال السفير السعودي بواشنطن الا ان هذا لم يمنع رئيس بعثة حج الجمهورية الايرانية الاسلامية من الاشادة بتعاون السلطات المكلفة مع بعثة الحج بالمدينة المنورة التي تهدف لخدمة الحجيج الايرانيين الذين قدروا مبدئيا ب65 ألف حاج قد ترتفع إلي مائة ألف حاج حيث ان بعض المصادر المطلعة قد حددتهم بحوالي94 ألف حاج لتسجل واحدة من أعلي الحصص في الدول الاسلامية. وتأتي باكستان كدولة صاحبة رقم مرتفع هي الأخري وقد أوضح وزير الشئون الدينية بباكستان ان وزارة الحج قد وافقت علي الزيادة ليصل العدد إلي180 ألف حاج وهو بالفعل رقم يعكس التواجد الباكستاني الكبير, بينما أعلنت تركيا عن ارتفاع ملحوظ في عدد المعتمرين والحجاج هذا العام حتي انها سجلت800 ألف طلب حج وهو ما يزيد علي727 ألف طلب ليرتفع عن حد الكوتا المسموحة وهي73 ألف وقد تخطت بالفعل عدد الطلبات لاداء فريضة الحج المليون طلب. وتري تركيا انه من المفيد رفع حصتها ليتناسب مع التواجد التركي المرغوب في الأراضي المقدسة. وفي ماليزيا يبدو الوضع أكثر تحديدا حيث انهم يرغبون في عدم تكرار اداء فريضة الحج لأي شخص ماليزي في مدة لا تقل عن تسع سنوات وهي مدة فاصلة يستطيع من خلالها معظم الراغبين في اداء الشعائر ان يحققوا حلمهم دون التسبب في الزحام أو تكليف الأمر فوق ما يحتمل. ومع هذافقد طالبت ماليزيا هي الآخري برفع حصتها من الحجاج التي تقدر ب1% من عدد السكان. والمعروف ان ماليزيا لها مؤسسة شبه حكومية وهي صندوق ادخار الحج الماليزي تقوم بتدبير أمر الحج للماليزيين بالادخار من لحظة ولادتهم. وأما اندونسيا فوزارة الحج الاندونسية تولي عناية خاصة لسن الستين الذي تعتقد انه العمر الأنسب لاداء الفريضة وان كانت لا تنفي أن تراكم قوائمها هو ما جعلها تطالب السلطات السعودية أيضا بزيادة عدد حجاجها لتصل إلي221 ألف حاج بشكل مبدئي ولاعجب أن تحقق اندونسيا هذا الرقم وهي واحدة من الدول التي تضم أكبر عدد للمسلمين في العالم. وتسجل الصين وروسيا أرقاما مختلفة.. فروسيا علي سبيل المثال تعتقد ان حجاجها يصلون هذا العام إلي تسعة آلاف حاج, بينما أعلنت الصين ان العدد هذا العام محدد ب14 ألف حاج ثلثهم من النساء ويمثلون العشر قوميات المسلمة التي تعيش علي أرض الصين وهو رقم يتجاوز بكثير الرقم الذي سجلته عام1955 التي واكبت سفر أول بعثة للحج من الصين وكانت تضم عشرين حاجا صينيا فقط. وتبدو أفريقيا منبعا خاصا لقصص الحج والعمرة, فمن جنوب أفريقيا وحدها يأتي3000 حاج بينما تسجل غرب أفريقيا رقما أكبر وتأتي من بعدها شرق أفريقيا. والواقع ان القارة الافريقية تحمل الكثير من الحكايات عن الحج الذي كان يتم إلي فترة قريبة مشيا علي الاقدام والذي كان يتطلب نوعا خاصا من الجسارة لإجتياز الغابات والمستنقعات بغرض الوصول إلي الاراضي المقدسة وهم يشكلون علامات خاصة في قصص رحلات الحج التي كتب عنها الكثير من أهل روسيا والصين الذين تعودوا ان يقطعوا في الماضي مسافات كبيرة قد تكلفهم عاما كاملا من تاريخ رحيلهم عن الوطن. فالمسافرون إلي الله من كل حدب وصوب ومن كل زمان ومكان يحمل كل واحد منهم قصته الخاصة وهم في النهاية بحسب وصف الدكتور أكمل الدين إحسان أمين عام منظمة التعاون الاسلامي يشكلون مجتمعا حيا للتعاون الاسلامي الذي يستمر لأيام ولكن للأسف يعود كل حاج إلي وطنه رغم ان الحج يدعم فكرة التعاون. ولهذا لنتذكر أخواننا في الصومال ولكن المهم انهم سافروا إلي الله بلا متاع ولا حسابات. [email protected]