عباس شراقي: فيضانات السودان غير المعتادة بسبب تعطل توربينات سد النهضة    البداية الرقمية للنقل الذكي في مصر.. تراخيص إنترنت الأشياء للمركبات تدخل حيز التنفيذ    وزير الإسكان: بدء تصنيف حالات الإيجار القديم وفق شرائح الدخل    لماذا كل هذه العداء السيساوي لغزة.. الأمن يحاصر مقر أسطول الصمود المصري واعتقال 3 نشطاء    مقتل شخص وإصابة 15 في هجوم روسي على مدينة دنيبرو الأوكرانية    تشكيل منتخب مصر أمام نيوزيلندا في كأس العالم للشباب    سلوت عن جلوس صلاح على مقاعد البدلاء أمام جالاتا سراي: رفاهية الخيارات المتعددة    خطة إطاحة تتبلور.. مانشستر يونايتد يدرس رحيل أموريم وعودة كاريك مؤقتا    مصرع 7 عناصر إجرامية وضبط كميات ضخمة من المخدرات والأسلحة في مداهمة بؤرة خطرة بالبحيرة    الأرصاد: الخريف بدأ بطقس متقلب.. واستعدادات لموسم السيول والأمطار    مفتي الجمهورية يبحث مع وفد منظمة شنغهاي آليات التعاون ضد التطرف والإسلاموفوبيا    مواقيت الصلاة فى أسيوط غدا الأربعاء 1102025    ماجد الكدوانى ومحمد على رزق أول حضور العرض الخاص لفيلم "وفيها ايه يعنى".. صور    أمين الفتوى: احترام كبار السن أصل من أصول العقيدة وواجب شرعي    ولي العهد يتسلم أوراق اعتماد سفراء عدد من الدول الشقيقة والصديقة المعينين لدى المملكة    محافظ القاهرة يناقش ملف تطوير القاهرة التراثية مع مستشار رئيس الجمهورية    من القلب للقلب.. برج القاهرة يتزين ب لوجو واسم مستشفى الناس احتفالًا ب«يوم القلب العالمي»    بعد رصد 4 حالات فى مدرسة دولية.. تعرف علي أسباب نقل عدوى HFMD وطرق الوقاية منها    جارناتشو يقود هجوم تشيلسى ضد بنفيكا فى ليلة مئوية البلوز    البورصة المصرية.. أسهم التعليم والخدمات تحقق أعلى المكاسب بينما العقارات تواجه تراجعات ملحوظة    هل يجوز للمرأة اتباع الجنازة حتى المقابر؟ أمين الفتوى يجيب.. فيديو    "أنا حاربت إسرائيل".. الموسم الثالث على شاشة "الوثائقية"    أحمد موسى: حماس أمام قرار وطنى حاسم بشأن خطة ترامب    محافظ قنا يسلم عقود تعيين 733 معلمًا مساعدًا ضمن مسابقة 30 ألف معلم    داعية: تربية البنات طريق إلى الجنة ووقاية من النار(فيديو)    نقيب المحامين يتلقى دعوة للمشاركة بالجلسة العامة لمجلس النواب لمناقشة مشروع قانون "الإجراءات الجنائية"    بلاغ ضد فنانة شهيرة لجمعها تبرعات للراحل إبراهيم شيكا خارج الإطار القانوني    "الرعاية الصحية" تطلق 6 جلسات علمية لمناقشة مستقبل الرعاية القلبية والتحول الرقمي    البنك الزراعي المصري يحتفل بالحصول على شهادة الأيزو ISO-9001    محمود فؤاد صدقي يترك إدارة مسرح نهاد صليحة ويتجه للفن بسبب ظرف صحي    مصر تستضيف معسكر الاتحاد الدولي لكرة السلة للشباب بالتعاون مع الNBA    بدر محمد: تجربة فيلم "ضي" علمتنى أن النجاح يحتاج إلى وقت وجهد    «العمل» تجري اختبارات جديدة للمرشحين لوظائف بالأردن بمصنع طوب    بعد 5 أيام من الواقعة.. انتشال جثمان جديد من أسفل أنقاض مصنع المحلة    المبعوث الصينى بالأمم المتحدة يدعو لتسريع الجهود الرامية لحل القضية الفلسطينية    اليوم.. البابا تواضروس يبدأ زيارته الرعوية لمحافظة أسيوط    حسام هيبة: مصر تفتح ذراعيها للمستثمرين من جميع أنحاء العالم    موعد إجازة 6 أكتوبر 2025 رسميًا.. قرار من مجلس الوزراء    الأمم المتحدة: لم نشارك في وضع خطة ترامب بشأن غزة    انتشال جثمان ضحية جديدة من أسفل أنقاض مصنع البشبيشي بالمحلة    وفاة غامضة لسفير جنوب أفريقيا في فرنسا.. هل انتحر أم اغتاله الموساد؟    برج القاهرة يتزين ب لوجو واسم مستشفى الناس احتفالًا ب«يوم القلب العالمي»    لطلاب الإعدادية والثانوية.. «التعليم» تعلن شروط وطريقة التقديم في مبادرة «أشبال مصر الرقمية» المجانية في البرمجة والذكاء الاصطناعي    تعليم مطروح تتفقد عدة مدارس لمتابعة انتظام الدراسة    التقديم مستمر حتى 27 أكتوبر.. وظائف قيادية شاغرة بمكتبة مصر العامة    كونتي: لن أقبل بشكوى ثانية من دي بروين    «مش عايش ومعندهوش تدخلات».. مدرب الزمالك السابق يفتح النار على فيريرا    «الداخلية»: تحرير 979 مخالفة لعدم ارتداء الخوذة ورفع 34 سيارة متروكة بالشوارع    احذر من توقيع العقود.. توقعات برج الثور في شهر أكتوبر 2025    عرض «حصاد» و «صائد الدبابات» بمركز الثقافة السينمائية في ذكرى نصر أكتوبر    بيدري يعلق على مدح سكولز له.. ومركزه بالكرة الذهبية    الملتقى الفقهي بالجامع الأزهر يحدد ضوابط التعامل مع وسائل التواصل ويحذر من انتحال الشخصية ومخاطر "الترند"    قافلة طبية وتنموية شاملة من جامعة قناة السويس إلى حي الجناين تحت مظلة "حياة كريمة"    انكماش نشاط قناة السويس بنحو 52% خلال العام المالي 2024-2025 متأثرا بالتوترات الجيوسياسيّة في المنطقة    ضبط 5 ملايين جنيه في قضايا اتجار بالنقد الأجنبي خلال 24 ساعة    التحقيق مع شخصين حاولا غسل 200 مليون جنيه حصيلة قرصنة القنوات الفضائية    السيسي يجدد التأكيد على ثوابت الموقف المصري تجاه الحرب في غزة    الأهلي يصرف مكافآت الفوز على الزمالك في القمة للاعبين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مفاجأة: هدية المسيح فى عيد الميلاد
نشر في اليوم السابع يوم 08 - 01 - 2010

أعياد الميلاد هذا العام ستكون مختلفة، ربما لأنها ستكون فرصة للسير بأستيكة على خطايا العام الماضى الذى اصطدم فيه المسيحيون مع إخوانهم المسلمين بسبب فتاة من هنا أحبت شابا من هناك أو العكس، أو لأن ظهور السيدة العذراء بغض النظر عن كونه حقيقيا أم لا، قد وضع الناس فى أجواء أكثر روحانية، ستكون الاحتفالات بعيد ميلاد سيدنا عيسى عليه السلام مختلفة هذا العام بالنسبة لأقباط مصر، لأن الكنيسة تعيش فترة عصيبة وضبابية وفى حاجة إلى لحظة روحانية تنتشلها من بين أمواج تلك الأزمات..
ستكون الاحتفالات بعيد الميلاد المجيد مختلفة هذا العام بالنسبة لجموع المصريين، لأن أجواءه ستكون فرصة للهروب من المشاكل التى تكدست، والهموم التى أثقلت صدور الجميع..ستكون فرصة لأن نفرح ونحتفل ونضحك، ثم نعود لنتذكر عظمة تلك الشخصية وتأثيرها وصفاتها لعلها تمنحنا قوة، تعيننا على الاستمرار، وتمدنا بأمل يكفل لنا مواصلة الطريق نحو المستقبل، دون أن نخشى ضبابية هذا الطريق الوعر، وحفره العميقة، ورعب الظلام الذى يمكث فى آخره. فرصة لنتذكر ماواجهته ستنا مريم وسيدنا عيسى من صعاب، فتهون صعابنا، ونتذكر ماأصابهما من آلام، فلا نلتفت إلى تلك الخدوش التى تصيب جلودنا.. لهذا سنفرح مسلمين ومسيحيين بأعياد الميلاد المجيد، وسنفرح أيضا كلما صادفتنا ذكرى شخصية عظيمة أو حدث مؤثر.. هذا ميلاد سيدنا عيسى عليه السلام الذى ظهر فى القرآن وجيها فى الدنيا والآخرة، لا تحتفل به على الطريقة التليفزيونية الحكومية.. هل هنأتم أخاكم عيسى بعيد الميلاد المجيد؟ بل فقط تفكر وتدبر فى قصة ستنا مريم العذراء وولدها عيسى، ولا تنسى أن تتمسك بما دعا إليه من محبة وسلام، لعلها تكون فرصة لقتل بقايا أرواح التعصب المختفية وسط الزحام.
من سيناء إلى الصعيدالعائلة المقدسة باركت تراب مصر فى رحلة السنوات الثلاث!
ربما تكون تلك الرحلة أحد أسباب رحمة الله بأرض هذا البلد، وحفظ ترابها من الشرور، ربما كانت هذه الرحلة المقدسة بجانب ماذكره القرآن، وما قاله النبى محمد عليه أفضل الصلاة والسلام، واحدة من الرسائل الكثيرة التى أرسلتها السماء لتؤكد من خلالها مكانة مصر وأفضليتها، وهل هناك أفضلية لأرض ذكرها الله فى مصحفه الكريم أكثر من مرة وجعلها مأوى لأنبيائه ومعبرا للعائلة المقدسة.. وعند العائلة المقدسة لابد أن نتوقف قليلا ونحن نحتفل بميلاد سيدنا عيسى، ونعود إلى طفولته وإلى كل قطعة من أرض مصر باركها بمروره عليها..
وحسب المصادر التاريخية القبطية، كان هناك ثلاثة طرق يمكن أن يسلكها المسافر من فلسطين إلى مصر فى ذلك الزمان، ولكن العائلة المقدسة عند مجيئها من فلسطين إلى مصر، لم تسلك أيا من الطرق الثلاثة المعروفة، لكنها سلكت طريقاً آخر خاصاً بها، ودخلت مصر عن طريق صحراء سيناء من الناحية الشمالية، من جهة الفرما الواقعة بين مدينتى العريش وبورسعيد، ثم دخلت العائلة المقدسة مدينه تل بسطا بالقرب من مدينة الزقازيق، ويقال إن المدينة الأثرية كان بها عدد كبير من التماثيل، سقطت على الأرض مع دخول العائلة المقدسة، فأزعج ذلك أهل المدينة، فتركت العائلة المقدسة تلك المدينة، وتوجهت نحو الجنوب حتى وصلت بلدة مسطرد، وهى المكان الذى أحمّت فيه ستنا مريم السيد المسيح وغسلت ملابسه، وفجر فيها المسيح عين ماء، ومن مسطرد انتقلت العائلة المقدسة شمالاً إلى بلبيس، واستظلت تحت شجرة عرفت باسم شجرة العذراء مريم، ثم إلى بلدة منية سمنود وعبرت النيل إلى مدينة سمنود ثم رحلت إلى منطقة البرلس، ثم عبرت العائلة المقدسة نهر النيل إلى غرب الدلتا، وتحركت جنوباً إلى وادى النطرون، ومن وادى النطرون ارتحلت العائلة المقدسة جنوباً ناحية مدينة القاهرة، وعبرت نهر النيل إلى الناحية الشرقية، متجهة ناحية المطرية وعين شمس، وفى المطرية استظلت العائلة المقدسة تحت شجرة تعرف إلى اليوم بشجرة مريم. ثم سارت متجهة ناحية مصر القديمة، وارتاحت العائلة المقدسة لفترة بالزيتون وهى فى طريقها لمصر القديمة، ثم ارتحلت العائلة المقدسة من منطقة مصر القديمة متجهة ناحية الجنوب، حيث وصلت إلى منطقة المعادى، وقد أقلعت العائلة المقدسة فى مركب شراعى بالنيل متجهة نحو الصعيد من البقعة المقام عليها الآن كنيسة السيدة العذراء، وما زال السلم الحجرى الذى نزلت عليه العائلة المقدسة إلى ضفة النيل موجوداً، ثم وصلت العائلة المقدسة إلى قرية دير الجرنوس ومرت العائلة المقدسة على شرقى البهسنا حتى بلدة سمالوط، ومنهاعبرت النيل ناحية الشرق حيث يقع الآن دير السيدة العذراء بجبل الطير، ثم غادرت العائلة المقدسة من منطقة جبل الطير وعبرت النيل من الناحية الشرقية إلى الناحية الغربية، واتجهت نحو أشمون ثم اتجهت جنوباً ناحية ديروط، ثم إلى قرية قسقام ومنها إلى بلدة مير غرب القوصية، ومنها إلى جبل قسقام حيث يوجد الآن دير المحرق، ومنطقة دير المحرق هذه من أهم المحطات التى استقرت فيها العائلة المقدسة حتى سمى المكان بيت لحم الثانى، ومكثت العائلة المقدسة حوالى ستة أشهر وعشرة أيام فى المغارة التى أصبحت فيما بعد هيكلاً لكنيسة السيدة العذراء الأثرية فى الجهة الغربية من الدير، وفى هذا الدير ظهر ملاك الرب ليوسف الشيخ فى حلم قائلا قم وخذ الصبى وأمه واذهب لأرض إسرائيل، لأنه قد مات الذين كانوا يطلبون نفس الصبى.
وفى طريق العودة سلكوا طريقا آخر انحرف بهم إلى الجنوب قليلا حتى جبل أسيوط المعروف بجبل درنكة، وباركته العائلة المقدسة، حيث بنى دير باسم السيدة العذراء، ثم وصلوا إلى مصر القديمة ثم المطرية ثم المحمة ومنها إلى سيناء ثم فلسطين، حيث سكن القديس يوسف والعائلة المقدسة فى قرية الناصرة بالجليل، لتنتهى رحلة العائلة المقدسة على أرض مصر بعد أكثر من ثلاث سنوات ذهابا وإيابا، قطعوا فيها مسافة أكثر من ألفى كيلو متر بوسيلة مواصلات وحيدة هى الحمار وعدة سفن وقوارب كانت تعبر بهم النيل.
لماذا لا يؤمن المسلمون بأن الصور الموجودة فى الكنائس هى صور المسيح فعلا؟
الشخصيات العظيمة التى مرت أقدامهم على أرض الدنيا ولم نرهم، تسبح مخيلاتنا لتصنع لهم صورا وملامح هى الأجمل إذا قارناها بأقصى تعريف وصلت إليه عقولنا عن الجمال، ربما تختلف الملامح فى الصورة التى تصنعها مخيلتى عن الصور التى تصنعها عقول الآخرين، ولكن تبقى هناك خطوط رئيسية واضحة ومتفق عليها من الجميع.
هذا إذا كانت الشخصيات عظيمة، أما لو كنا نتحدث عن الأنبياء فالوضع سيختلف كثيرا، لأن عقولنا ستسمو أكثر وأكثر، لتتخيل مقدارا من الجمال ملامحه غارقة فى الرحمة والحنان والهدوء والحب والطهارة، وهذه الملامح هى التى نسمعهم يتكلمون عنها عند ذكر سيدنا يوسف أو نبينا محمد عليه الصلاة والسلام، وهى نفس الملامح التى نشاهدها فى صورة المسيح عليه السلام التى تملأ الكنائس والبيوت.
أمام هذه الصور والأيقونات يتوقف المسلم قبل المسيحى فى مصر ليتأمل ملامحها، وفى مولد العذراء يرفع المسلم قبل المسيحى صورتها ويتمنى لو يرزقه ربه بابنة أو زوجة تحمل هذه الملامح الجميلة والهادئة.
صور السيد المسيح منتشرة لأن الكنيسة لا تحرم رسمها، والأيقونات التى تحمل صور المسيح والعذراء فى كل بيت وسيارة كنوع من البركة التى نرجوها من القديسين والعظماء، صحيح أن العديد من المسلمين لا يؤمنون تماما بأن تلك صورة المسيح، وصحيح أن البعض الآخر تراوده أسئلة كثيرة حول مصدر الصورة، ولماذا تختلف من مكان إلى آخر، ولكن الكل فى النهاية يقف أمامها مدهوشا وعلى رأسه طيور الاحترام والتقديس.
بالنسبة للاختلاف فهو موجود ولا أحد ينكره، فصورة السيد المسيح فى أفريقيا تختلف عن صورة المسيح فى أوروبا، وعن صورة المسيح فى بلاد الهند وآسيا، ففى الأيقونات القبطية القديمة يتخذ المسيح الملامح القريبة من السمرة التى تشبه وجوه مصر ووادى النيل، بينما فى أوروبا وخاصة فى عصر النهضة أيام مايكل أنجلو ودافنشى كانت ملامح السيد المسيح ذى عينين زرقاوين وشعر أصفر منسدل، بينما عند الأفارقة تتخذ ملامح المسيح أجواء البشرة السمراء داكنة اللون.
الاختلاف الواضح فى صورة السيد المسيح هو اختلاف فى الملامح فقط، أما بقية الخطوط الرئيسية فى الوجه تبقى موجودة، يبقى الإحساس بالهدوء والراحة وتبقى العينان وديعتين وبهما الكثير من الحزن والأمل ولكن قبل البحث عن أسباب هذا الاختلاف يبقى هناك سؤال يقول: من أين أتت صورة المسيح أصلا؟
بعيدا عن الفكرة التى تقول إن انتشار المسيحية هو السبب الذى دعا كل شعب يستلهم صورة المسيح من ملامح هذا الشعب نفسه، هناك العديد من القصص التى قد توضح مصدر صورة المسيح، الأولى منها تتعلق بالقديس لوقا أحد تلاميذ المسيح والذى اشتهر فى عصره بأنه كان رساما وفنانا ماهرا ومصوراً بارعاً، وقيل إنه قام برسم السيدة العذراء وهى فى وضعها المعروف، أى وهى تحمل المسيح الطفل، والتى تداولت جميع الكنائس تصويرها بعد ذلك، ومن المرجح أنه هو الذى قام برسم صورة السيد المسيح أيضا.
قصة أخرى تذكر أبكاريوس «Abgar» ملك (الرها أوديسا) والذى كان يعانى من أمراض كثيرة وحينما علم بالمعجزات التى جرت على يد السيد المسيح أرسل إليه يتوسل أن يحضر إلى مملكته ليشفيه، وختم رسالته بأنه يريد أن يرى وجهه السامى، فشكره المسيح ووضع منديلاً على وجهه فارتسمت صورته المقدسة وأرسله إلى ملك الرها وهذه القصة هى الأقدم طبقا لما تداولته كتب التاريخ التى أشارت إلى أن أول من ذكرها هو «أوسابيوس القيصرى» فى تاريخه الذى دونه فى القرن الثالث، بجانب قصة أخرى عن المرأة التى شهد الإنجيل أن السيد المسيح قد شفاها من نزيفها أنها صورت على باب بيتها صورة للسيد المسيح وصورت صورتها تحت أقدام صورته ساجدة.
قصة مختلفة استخدمها ميل جيبسون فى فيلمه «آلام المسيح» حينما منحت امرأة منشفة قماش للمسيح لكى يمسح عن وجهه الدماء التى سالت عن رأسه وهو يحمل صليبه على كتفه وانطبعت ملامح وجهه على ذلك القماش لتساهم هذه الملامح فى رسم صورته التى نراها الآن، ويبقى هناك أيضا القول بأن الوثيقة المشهورة التى تبادلها هيردوس وبلاطيس مع حكام اليهود كان بها أوصاف لسيدنا المسيح ساهمت بشكل كبير فى تكوين ملامح صورته.
هذه القصص المختلفة عن منبع صورة السيد المسيح تجرنا إلى السؤال التالى خاصة مع حكاية اختلاف صور المسيح وهو السؤال الذى يقول: هل بالفعل توجد صورة حقيقية للسيد المسيح أم أن هذه الملامح التى نراها، تخيل نابع من قلوب وأرواح مؤمنة بنبيها وحاولت كما قلنا سابقا أن تصنع له الصورة الأجمل؟ أم أن سبب هذا الاختلاف هو محاولة كل شعب أن ينسب لنفسه السيد المسيح فرسمه يحمل من ملامحه الكثير، أم أن الأمر يتعلق باختلاف مصادر الصورة نفسها؟
الأنبا موسى قال ما يؤكد على الجزء الأخير من الكلام قائلا إنه بعد انتشار المسيحية رأت الشعوب أن المسيح خاص بهم فرسموه شبيها بهم، والكنيسة ليس لها اعتراض على ذلك فمثلا الفنان القبطى الذى رسم الأيقونات كان له فلسفة وراء رسم الصورة، فهو رسم صورة القديس أو المسيح بلا تناسق بين حجم الرأس والجسد فجاء الرأس أكبر من الجسد والعينان أوسع مساحة من باقى أجزاء الرأس، وهو بذلك يختزل الجسد لصالح الرأس والرأس لحساب العينين ليعلى من القيمة الروحية ويؤكد أن صاحب الصورة له رؤية واستنارة عميقة. عموما الحديث عن صورة المسيح واختلافه وانتشارها بهذه الصورة ربما يبرره تعريف معنى الأيقونة وهى تعريب لكلمة يونانية تعنى صورة أو مثالا تصنع وفق أساليب محددة، وبالنظر لاعتبارات لاهوتية محددة بالتزامن مع صلاة الرسام أثناء عملها أيضا، لكى تخدم أغراض العبادة وترتقى بحياة الناظر إليها من الأمور الأرضية للروحية.. أى أن صورة المسيح أو أى أيقونة تحمل صورته لا تقف عند حد كونها رسمة جميلة أو لوحة فنية فقط.
وبخلاف ما سبق يمكن للمسلمين الذين أصابتهم الحيرة بسبب صورة السيد المسيح أن يعودوا إلى صحيح البخارى وسوف يجدون به بعض التفاصيل التى جاءت على لسان الرسول عليه الصلاة والسلام بخصوص ملامح السيد المسيح فقد روى البخارى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «بينما أنا نائم أطوف بالبيت، فإذا رجل آدم سبط الشعر يهادى بين رجلين ينطف رأسه ماء، فقلت: من هذا؟ قالوا: هذا ابن مريم».. وفى البخارى أيضا أن نبينا وصف المسيح فقال: «ربعة أحمر كأنما خرج من ديماس».. أى حمام، وذلك كناية عن النقاء والإشراق والوضاءة والنضرة.
أى أن ملامح الهدوء والنقاء والراحة التى حاول رسامو العالم أن يضفوها على صورة السيد المسيح أكدها نبينا محمد منذ مئات السنين وأكد أن الملامح الرئيسية لم تكن مجرد خيال رسام يريد أن يتقن بضاعته فحسب، بل كانت إحساسا زرعه فى نفوسهم صفات السيد المسيح التى نستخلصها من القصص القرآنى ومن آيات الإنجيل.
احتفال القرآن بالمسيح طفلا ونبيا هو الأكثر إبهارا فى التاريخ!
الفتنة فى مصر تصنعها أشياء مختلفة ليس من بينها بكل تأكيد فطرة المواطن المصرى، لأن ما نسمعه من حكايات قديمة، وما نشاهده فى حوارى شبرا بين الأسر المصرية سواء كانت مسلمة ومسيحية لا يمكن بالطبع أن يكون سببا فى تلك المعارك المفتعلة التى يستغلون فيها الهلال والصليب لخدمة أهداف أخرى ليس من بينها الدين بالطبع، يعنى ببساطة لا يمكن حساب تلك الخناقات التى تتم على فتاة مسيحية تلاعبت بمشاعر شاب مسيحى أو العكس فتنة طائفية، لأن حقيقة الأمر تؤكد أنه يتم إقحام الدين فى تلك المعركة، إما عن طريق إعلام غير مسئول، أو فئة أعماها الجهل والتعصب، أو جهة ما لديها مصلحة ما فى أن تسيل الدماء على أوراق المصاحف والأناجيل.
فى مصر المسألة محسومة منذ زمن.. عيسى نبى وموسى نبى وكل من له نبى يصلى عليه، هكذا حسمها أبناء المناطق الشعبية، وهكذا حسمها القرآن قبل ذلك بمئات السنين، هل يحتاج أحد منكم أن أذكره بتلك الآية القرأنية الساحرة التى وردت فى سورة البقرة وتقول: (آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله).
هل يحتاج أحدكم أن أذكره بأن القرآن احتفى واحتفل بسيدنا عيسى وعلمه ورسالته وأخلاقه أفضل من ملايين الاحتفالات التى نقيمها الآن؟ أعتقد لا.. ولكن بما أن الذكرى تنفع المؤمن وغير المؤمن فدعنا نرى تلك الصورة التى رسمها القرآن الكريم لسيدنا عيسى عليه السلام، صورة بدأت الأيات القرآنية فى رسمها قبل ميلاده عليه السلام فقد قال تعالى فى سورة آل عمران: (إذ قالت الملائكة يا مريم إن الله يبشرك بكلمة منه اسمه المسيح عيسى ابن مريم وجيها فى الدنيا والآخرة ومن المقربين).
تابع القرآن ستنا مريم وقصتها بالتفصيل متأملا هذا المشهد الملائكى لتلك الفتاة الصغيرة التى اعتزلت الدنيا وفضلت خدمة ربها على جميع المغريات.. (واذكر فى الكتاب مريم إذ انتبذت من أهلها مكانا شرقيا، فاتخذت من دونهم حجابا فأرسلنا إليها روحنا فتمثل لها بشرا سويا قالت إنى أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقيا قال إنما أنا رسول ربك لأهب لك غلاما زكيا) وكان هذا الغلام الزكى هو أصغر من نال شرف الوحى والرسالة فى تاريخ الأنبياء فهو الذى تكلم فى المهد ليقضى على جدل بنى إسرائيل مع مريم حول هذا الوليد الذى أتت به دون أن تتزوج، وهى المعجزة التى احتفى بها القرآن فى سورة مريم: (قال إنى عبدالله آتانى الكتاب وجعلنى نبيا وجعلنى مباركا أينما كنت وأوصانى بالصلاة والزكاة ما دمت حيا وبرا بوالدتى ولم يجعلنى جبارا شقيا والسلام على يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حيا).
ولأن عيسى كان عند الله عظيما فقد اختار سبحانه وتعالى عندما ضرب المثل للناس ليدركوا الإعجاز الذى انطوى عليه خلقه عليه السلام قصة خلق سيدنا آدم أبى البشرية فقال تعالى: (إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون).
ومن أهم الأجزاء فى صورة سيدنا عيسى التى رسمها القرآن لسيدنا عيسى هى طريقة الخطاب والتى جاءت فى سورة المائدة: (إذ قال الله يا عيسى ابن مريم اذكر نعمتى عليك وعلى والدتك إذ أيدتك بروح القدس تكلم الناس فى المهد وكهلا وإذ علمتك الكتاب والحكمة والتوراة والإنجيل وإذ تخلق من الطين كهيئة الطير بإذنى فتنفخ فيها فتكون طيرا بإذنى وتبرئ الأكمه والأبرص بإذنى وإذ تخرج الموتى بإذنى وإذ كففت بنى إسرائيل عنك إذ جئتهم بالبينات فقال الذين كفروا منهم إن هذا إلا سحر مبين).
ثم يأتى القرآن ليؤكد على مكانة سيدنا عيسى فى سورة البقرة فى قوله تعالى: (ولقد آتينا موسى الكتاب وقفينا من بعده بالرسل وآتينا عيسى ابن مريم البينات وأيدناه بروح القدس).
وأجمل ما فى هذا الاحتفاء القرآنى أنه لا تكاد توجد آية تعدد أسماء الأنبياء وتذكر فضلهم إلا وكانت تتضمن المسيح عليه السلام فقد قال تعالى فى سورة الأنعام: (وزكريا ويحيى وعيسى وإلياس كل من الصالحين).
ولكى تكتمل الصورة القرآنية العظيمة لسيدنا عيسى جعله الله سبحانه وتعالى هو البشير بسيدنا محمد عليه الصلاة والسلام خاتم الأنبياء والمرسلين كما قال تعالى فى سورة الصف: (وإذ قال عيسى بن مريم يا بنى إسرائيل إنى رسول الله إليكم مصدقا لما بين يدى من التوراة ومبشرا برسول يأتى من بعدى اسمه أحمد). لتكتمل بذلك مكانة سيدنا المسيح فى قلوب البشرية أجمعين على اختلاف توجهاتها، وتكون رسالته للحب والسماحة هى النبراس المنير الذى فى نوره تخطو البشرية وهى تبحث عن الأمان والسلام.
لمعلوماتك...
◄بابا نويل.. طبقا لموسوعة ويكيبديا هو سانتا كلوز أو بابا نويلكان من مدينة مورا، اسم أبيه أبيفانيوس وأمه تونة.
ومنذ حداثته وعى كل تعاليم الكنيسة. فقدم شماسا ثم ترهبن فى دير كان ابن عمه رئيسا عليه، فعاش عيشة النسك والجهاد والفضيلة حتى رسم قسا وهو فى التاسعة عشرة من عمره، وأعطاه الله موهبة عمل الآيات وشفاء المرضى، ومنها أنه كان بمدينة مورا رجل غنى قسى عليه الزمن وفقد ثروته حتى احتاج للقوت الضرورى وكان له ثلاث بنات قد جاوزن سن الزواج ولم يزوجهم لسوء حالته فوسوس له الشيطان أن يوجههن للعمل فى أحد المواخير، ولكن الرب كشف للقديس نيقولاوس ما أعتزمه هذا الرجل، فأخذ من مال أبويه مائة دينار، ووضعها فى كيس وتسلل ليلا دون أن يشعر به أحد وألقاها من نافذة منزل الرجل، وكانت دهشة الرجل عظيمة عندما وجد الكيس وفرح كثيرا وأستطاع أن يزوج بهذا المال ابنته الكبرى. وليلة أخرى كرر القديس عمله وألقى بكيس ثان من نافذة المنزل، وتمكن الرجل من تزويج الابنة الثانية. لكن الرجل اشتاق أن يعرف ذلك المحسن، فلبث ساهرا يترقب، وفى المرة الثالثة حالما شعر بسقوط الكيس، أسرع لخارج المنزل ليرى، من الذى ألقاه، فعرف أنه الأسقف الطيب نيقولاوس، فخر عند قدميه وشكره كثيرا، أما هو فأمرهم أن يشكروا الله الذى وضع هذه الفكرة فى قلبه.
◄شجرة عيد الميلاد.. عادة تزيين الشجرة عيد الميلاد، عادة شائعة عند الكثيرين من الناس، حيث يتم نصبها وتزينها قبل العيد بعدة أيام وتبقى حتى عيد الغطاس، وعندما نعود إلى قصة ميلاد السيد المسيح فى الإنجيل المقدس لا نجد أى رابط بين حدث الميلاد وشجرة الميلاد.
البعض يرجح أن الفكرة ربما قد بدأت فى القرون الوسطى بألمانيا تلك الغنية بالغابات الصنوبرية الدائمة الخضرة، حيث كانت العادة لدى بعض القبائل الوثنية التى تعبد الإله (ثور) إله الغابات والرعد أن تزين الأشجار ويقدم على إحداها ضحية بشرية.
وفى عام 727 أو 722م أوفد إليهم البابا القديس بونيفاسيوس لكى يبشرهم، وحصل أن شاهدهم وهم يقيمون حفلهم تحت إحدى الأشجار، وقد ربطوا أبن أحد الأمراء وهموا بذبحه ضحية لإلههم (ثور) فهاجمهم وخلص ابن الأمير من أيديهم ووقف فيهم خطيباً مبيناً لهم أن الإله الحى هو إله السلام والرفق والمحبة الذى جاء ليخلص لا ليهلك. وقام بقطع تلك الشجرة ثم نقلوها إلى أحد المنازل وزينوها، وصارت فيما بعد عادة ورمزاً لاحتفالهم بعيد ميلاد المسيح.
وانتقلت هذه العادة بعد ذلك من ألمانيا إلى فرنسا وإنجلترا ثم أمريكا، ثم أخيرا لمنطقتنا هنا. وتفنن الناس فى استخدام الزينة بأشكالها المتعددة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.