ذات العيون الخضراء‏..‏ تنتظر‏!‏

سنوات طويلة مضت ولا تزال صاحبة أجمل عيون تنتظر‏..‏تنتظر الخروج من الأسر‏..‏ تشتاق للعودة إلي مصر‏,‏ تتساءل إلي متي ستظل في طي النسيان ؟ هل هانت علي أبناء الوطن؟.إنها' ذات العيون الخضراء' رائعة الفنان الراحل محمود سعيد رسمها عام1932 , فنان فضل التفرغ للفن علي أن يكون مستشارا, وقدم استقالته من سلك القضاء ليتفرغ لإبداعه ضد رغبة والده محمد سعيد باشا ناظر النظار رئيس الوزراء آنذاك.. تقدر لوحاته الآن بعدة ملايين من الدولارات ومنها ذات العيون الخضراء التي تاهت وتكاد تفقد للأبد.. اختلفت حول مكان وجودها وملكيتها الآراء.. هل هي في نيويورك أم دبي ؟ هل هي ملك لوزارة الخارجية أم قطاع الفنون ؟هل رسم محمود سعيد منها نسخة أم نسختين؟
بداية القصة تعود إلي عام2007 عندما فوجئ الفنان محسن شعلان- رئيس قطاع الفنون التشكيلية آنذاك- بوصول جواب من رجل إيطالي يدعي جيوفاني عن طريق الDHL يطلب توثيق لوحة لمحمود سعيد, ويدعي شراءها من مزاد ومرفق مع الجواب صورة لها, ارتاب شعلان في الأمر واصدر أوامره بالبحث في المتاحف خشية ان تكون اللوحة ملك القطاع ومفقودة, وبالفعل أفاد وقتها الفنان الراحل احمد فؤاد سليم وكان مدير متحف الفن المصري الحديث أنها ملك المتحف ومعارة إلي سفارة مصر بواشنطن منذ عام1950, قام شعلان بمخاطبة سفير مصر بواشنطن الذي أفاد بعدم وجود اللوحة وحاول شعلان وقتها أن يجعل الرجل الايطالي يحضر إلي مصر مع اللوحة, بحجة التأكد من أصليتها وإعطائه توثيق بها ولكنه رد' لا شكرا' واختفي, توقع شعلان ان تكون اللوحة تعد لعرضها في مزاد وبالبحث وجد فعلا بعد فترة قصيرة إنها نزلت في مزاد بصالة كريستي بدبي فأبلغ الانتربول لوقف بيعها, وبالفعل تم التحفظ عليها من قبل السلطات بدبي وشكلت لجنة برئاسته وعضوية آدم حنين وأحمد عبد الفتاح ومحمد السيد للسفر إلي دبي للتأكد من أصلية اللوحة, وبعد فحصها قام الفنان ادم حنين واستأذن لأخذها بين أحضانه مؤكدا إنها لمحمود سعيد. أكد احمد عبد الفتاح- رئيس الإدارة المركزية للمتاحف والمعارض- ان اللوحة الموجودة في دبي أصلية ومن أعمال محمود سعيد, ومكتوب علي ظهرها سنة الصنع1932 مع كلمةREPLACE اي أنها إعادة رسم, وقدمت اللجنة وقتها تقريرا مفصلا.
ذات العيون الخضراء للفنان محمود سعيد
وفي نهاية سنة2007 كتب الكاتب الكبير جمال الغيطاني في مقال له: عندما توجهت إلي مقر إقامة السفير ماجد عبد الفتاح, مندوب مصر الدائم في الأمم المتحدة, تلبية لدعوة منه, وبمجرد دخولي, تقدمني السفير ليتوقف أمام لوحة تتصدر بهو الاستقبال, أشار إليها, وفي البداية لم أستوعب, إلا عندما قال:تفضل.. لوحة صاحبة العيون الخضراء للفنان محمود سعيد وبحرص شديد أمسكها السفير من الإطار القديم, كنت أمام اللوحة الحقيقية, إنه عالم محمود سعيد الذي أحفظه تماما, وعندما أدار السفير اللوحة رأيت ثلاثة أختام عتيقة لمتحف الفن الحديث, برقم449 وإلي جواره حرفان بالانجليزيةIP, وأعلي الإطار ملصق يحمل عنوان محل الإطارات الذي كان يملكه أجنبي ويقع في شارع البورصة بوسط المدينة. وبالسؤال عنها وجد أنها مسجلة في دفاتر المقر الدائم لمصر بالأمم المتحدة علي أنها ملك محمد حسن الزيات مندوب مصر في الأمم المتحدة سنة1960 و1969, وزير خارجية مصر من سبتمبر1972 إلي أكتوبر1973 وفي دفاتر العهد مسجلة إعارة, ولكن هل يجوز أن يشتري الزيات لوحة معارة إليه ؟ هذه الآراء تجعلنا نتساءل.. هل رسم محمود سعيد نفس اللوحة مرتين ؟ يقول الناقد صبحي الشاروني: أعتقد أن محمود سعيد لم يرسم اللوحة مرتين وان واحدة منهما مزيفة, وانه إذا أتيحت له فرصة لرؤية اي منهما سيستطيع بالتأكيد تحديد إذا كانت أصلية أو مزيفة.
كما يقول الفنان عصمت داوستاشي: محمود سعيد ليس له سابقة في رسم لوحة مرتين, إلا بعض اللوحات التي أعاد رسمها ولكن بتغيير كامل في البنيان أو برسمها بداخل لوحة مثلما رسم بنات بحري بداخل لوحة المدينة.
والآن لماذا لا يتم الإسراع في حل هذا اللغز ؟ خشية ضياع اللوحة للأبد كغيرها من اللوحات التي فقدتها مصر من ثرواتها ولماذا لا نسرع في إعادة كل لوحاتنا المعارة حتي لا تتعرض لنفس المصير ؟