هل كان نشوب الثورة المصرية والثورات العربية الأخرى أمر مفاجئ؟ البعض يرى انها كانت مفاجأة للعالم اجمع والبعض الاخر يقول بأن دول أجنبية تقف وراء نشوب ثورات الربيع العربى وستظل الحقيقة حبيسة الأدراج لوقت طويل.ولكن من المؤكد ان الولاياتالمتحدة على أقل تقدير كانت فى انتظار لحظة الإنفجار الشعبى فى شوارع العالم العربى منذ عدة سنوات سابقة على الثورة التونسية والمصرية،وان السؤال لم يكن"هل ستثور الجماهير ام لا؟" ولكن كان السؤال هو:"ما هو التوقيت الدقيق الذى ستثور فيه الجماهير العربية ضد حكوماتها؟". مؤخرا التقيت البروفيسور الأمريكى البارز الفلسطينى المولد شبلى تلحمى وهو استاذ كرسى أنور السادات للسلام والتنمية بجامعة ميريلاند والباحث الكبير بمؤسسة بروكينجز بالولاياتالمتحدة وذلك اثناء تواجده بمصر وتحديدا بمكتبة الأسكندرية. البروفيسور تلحمى قال للحضور انه يتعلم مما فعله المصريون فى ثورتهم كل يوم،ولكنه وبصفته احد العلماء البارزين فى مجال الرأى العام ورصده وقياسه وتحليله،تحدث عن كواليس ما كان يحدث فى الولاياتالمتحدة فى المرحلة السابقة على الإنفجار الجماهيرى المصرى إيذانا ببداية ثورة 25 يناير. فعن التطور التكنولوجى أشار الى انه شخصيا قام بإجراء استطلاعات رأى لمتابعة مدى تطور استخدام شبكة الإنترنت فى العالم العربى.وفى عام 2004 لم يكن لديه أى قدرة على تكوين عينة من مستخدمى الشبكة حتى يتمكن من إجراء الدراسة الإحصائية وذلك لندرة المستخدمين فى تلك الفترة وبعدها بعامين فقط وجد ان ثلثى العالم العربى لايستخدم الانترنت وان الثلث يستخدم الشبكة ولم يمر سوى اقل من 3 سنوات حتى تمكن فى عام 2009 من ادراك ان ثلثى العالم العربى اصبح يستخدم الانترنت وبالتالى فقد كان التطور سريعا جدا وهو ما يعنى ان هناك ثورة معلوماتية قادمة فى المنطقة وكان السؤال:"الى اى مدى يمكن ان تحدث تلك الثورة حالة من التغيير؟وهل ستغير من الهوية فى المنطقة؟".وعندها رصدت دراسة اخرى توجهات الجماهير العربية وخلال السنوات السابقة على الثورة كان المواطن العربى يحصل على جانب كبير من الأخبار عبر التليفزيون الرسمى الوطنى فى المقام الأول ثم يلجأ بعدها لمحطات خارجية ،ولكن وفى عام 2010 كان أبرز مصدر للأخبار هو القنوات من خارج البلاد وهو ما يعنى ان الفجوة اتسعت بين الدولة والمواطن وتردد فى اروقة القرار داخل واشنطن السؤال التالى:لماذا لم يقم العرب بثورات حتى الان؟! وعندما نشبت الثورة تم تحليل شعاراتها وكان ابرز ما جذب الإهتمام لدى الامريكيين كما يقول تلحمى هو شعار "ارفع راسك انت مصرى" الذى يتعلق فى المقام الأول بالهوية والفخر والكرامة. واكد الشعار الدراسات السابقة على الثورة.فعلى مدى عقد كامل سابق على يناير 2011 جمع الأمريكيين الكثير من البيانات المتعلقة بالهوية العربية ورصدوا حالة غريبة من عدم فخر المصريين بمصريتهم! كما ارتبط الأمر بالسياسة الخارجية ايضا حيث تم قياس حالة إنفصال التوجهات الحكومية للدولة عن الرغبة الشعبية فى غالبية الدول العربية وهو ما تم قياسه أيضا،وتأكدت واشنطن بعدها من ان آراء المواطن فى الشارع العربى اصبحت مخالفة ومعاكسة تماما لما تقوم به حكومة دولته وعندها بدأ السؤال عن توقيت قيام الثورات العربية يدق بقوة أبواب واشنطن. ونخلص من هذا أن كل شئ كان مدروسا بالفعل..الا لدى متخذ القرار فى العالم العربى!! المزيد من مقالات طارق الشيخ